السيسي يهرب من فشله الاقتصادي باعتقال رجال الأعمال

- ‎فيتقارير

كتب – أنور خيري

يأتي اعتقال أمن الانقلاب مساء أمس رجل الأعمال حسن مالك وبعض أصحاب شركات الصرافة ضربة جديدة للاقتصاد المصري، تنزع عنه ثقة رجال الأعمال، وتنذر بمزيد من هروب الاستثمارات من مِصْر، وسط أزمات غياب الدولار والطاقة وندرة مستلزمات الإنتاج، الأمر الذي دفع شركات كبرى للانسحاب من السوق المصرية، أو تخفيض استثماراتها، مثلما تسعى شركة نستلة.

يأتي الاعتقال بعد رفض مالك خوض مسرحية الانتخابات البرلمانية؛ حيث كشف مصدر مقرّب من مالك أن أحد الأجهزة الأمنية عرض عليه ترشيح نفسه في انتخابات "برلمان الدم" التي تشهدها مِصْر، في الوقت الراهن كنوع من الديكور السياسي أمام الغرب، مقابل إغلاق ملفات القضايا المتهم فيها نجلاه؛ حيث يواجه ابنه عمر مالك الإعدام في قضية غرفة عمليات رابعة.

وأوضح المصدر أن مالك رفض ذلك العرض، إلى جانب رفضه المبدئي للمهزلة، وحتى لا يتم تصويره إعلاميًّا أنه انشقاق عن الجماعة.

وكانت لجنة حصر أموال الإخوان قد صادرت أموال مالك وتحفظت على العديد من الشركات المملوكة له.

غباء أمني
الرواية الرسمية التي وزعتها وزارة الداخلية على وسائل الإعلام التابعة لحظيرتها، كاليوم السابع وغيرها، أبرزت غباءً سياسيا غير مسبوق، ينذر بالكوارث التي تنتظر مِصْر في ظل حكم عصابة العسكر، الذين لا يفهمون سوى لغة القتل والقسر، ولا علاقة لهم من قريب أو بعيد بمصائر الاقتصاد ولا الاجتماع ولا الحياة المدنية بالمرة.

أراد إعلام الأمن أن يوهم الجماهير بأن حسن مالك هو المسئول عن كوارث انهيار الجنيه لمصري، متناسيًا أن الرجل يعيش فيما يشبه الإقامة الجبرية، ولا يملك التصرف في أمواله أو شركاته.

وجاءت عناوين المانشيتات في إعلام الحظيرة، كالتالي:
– إحباط أكبر مخطط إخوانى لضرب الاقتصاد القومى

– "الداخلية" تلقى القبض على حسن مالك وآخرين.. وتؤكد: خططوا لاستغلال شركات الصرافة التابعة لهم فى تهريب العملات الأجنبية.. وتلقوا تكليفات لتخفيض قيمة "الجنيه".

ودلس المركز الإعلامي أن ".. فقد توافرت مؤخراً معلومات لقطاع الأمن الوطنى باضطلاع قيادات التنظيم الإخوانى الهاربين خارج البلاد، بعقد عدة اجتماعات اتفقوا خلالها على وضع خطة لإيجاد طرق وبدائل للحفاظ على مصادر تمويل التنظيم ماليًّا فى إطار مخطط يستهدف الإضرار بالاقتصاد القومى للبلاد من خلال تجميع العملات الأجنبية وتهريبها خارج البلاد، والعمل على تصعيد حالة عدم استقرار سعر صرف الدولار لإجهاض الجهود المبذولة من جانب الدولة لتحقيق الاستقرار الاقتصادى الذى ينشده الوطن؟؟؟".

وتابعت الداخلية: "… أسفرت الجهود عن ضبط قيادى التنظيم حسن عز الدين يوسف مالك "مسئول الدعم المالى، وعضو التنظيم كرم عبد الوهاب عبد العال عبد الجليل صاحب شركة صرافة، وعضو التنظيم نجدت يحيى أحمد بسيونى صاحب شركة صرافة، وعضو التنظيم أحمد محمد سعيد أبو المعاطى مسئول تهريب الأموال، وعضو التنظيم فارس السيد محمد عبد الجواد مسئول تهريب الأموال، وعثر بحوزتهم على مجموعة من الأوراق التنظيمية تضم مخططات التنظيم لضرب الاقتصاد المصرى والتكليفات الصادرة لعناصره بشأن الإجراءات المطلوبة لتخفيض قيمة الجنيه المصرى وجهاز لاب توب، ومجموعة من الفلاشات والأسطوانات المدمجة تم التحفظ عليها بمعرفة النيابة العامة وكمية كبيرة من المبالغ المالية والعملات الأجنبية، جار حصرها.."

الرواية تكشف عجز الدولة عن مواجهة فشلها في الملف الاقتصادي لمجموعة أشخاص يعملون بشركات صرافة التي تعمل تحت رقابة البنك المركزي والهيئات الرقابية، التي تخنقها بقراراتها العشوائية بسقف الـ50 ألف دولار يوميا، إلى جانب أن شركات مالك وسعودي تحت قبضة لجنة مصادرة أموال الإخوان.

كما يبدو اللعب على مشاعر البسطاء، بأن هؤلاء المعتقلين هم من أفشلوا إجراءات الاقتصاد المصري للتعافي، متناسيا كوارث تخفيض الجنيه بقرارات حكومية وتفاقم الديون الداخلية والخارجية وتراجع الاستثمارات بسبب سيطرة العسكر وشركاته على مناقصات الدولة مع إعفائه من الضرائب والرسوم، بما يدمر أي معنى للشفافية والتنافسية التي حلت مِصْر في ذيل تصنيفها العالمي في المركز 139 من بين 140 دولة.

الاعتقال ضربة للاقتصاد المصري
بعيدا عن روايات حظيرة الأمن، يقدم اعتقال مالك ورجال الأعمال والاستيلاء على أموال شركات الصرافة، رسالة واضحة يفهمها الاقتصاديون والمستثمرون وأصحاب الأموال.

الرسالة أشد قسوة تصل المستثمرين المصريين قبل العرب والأجانب بشكل غير مقصود، وهي أن الدولة لا توفر الحماية للممتلكات الخاصة، حتى وإن وفرها الدستور والقوانين، وإنه إذا اختلف النظام معك سياسيًّا فسيصادر أموالك حتى دون صدور حكم قضائي.

وعبر مواصلته مسلسل التوسّع في مصادرة الأموال أو التحفظ عليها وغلق الشركات التجارية والمحلات والمصانع وشركات الصرافة والمستشفيات والمدارس والمعاهد، يسعى النظام المصري لإيصال رسائل شديدة اللهجة للقوى السياسية المعارضة له، بل توصيلها أيضًا لقوى أخرى منها رجال أعمال متهمين بالتدين وتشغيل محجبات في مصانعهم.

وأحدث فصل في هذا المسلسل هو التحفظ على أموال واحد من أبرز رجال الأعمال المصريين وأكبر مستثمر في صناعة الألبان بمنطقة الشرق الأوسط وهو صفوان ثابت، صاحب شركة جهينة.

حدث ذلك على الرغم من أن الرجل نفى مرات عديدة علاقته بجماعة الإخوان المسلمين، وليس له نشاط سياسي، ولم يثبت عنه أنه موّل تظاهرة ضد النظام القائم أو حرّض على أعمال عنف، ولم يشفع للرجل -المشهود بنزاهته في أوساط المستثمرين المصريين- أنه كان من أوائل الذين تبرعوا لصندوق "تحيا مصر"، ولم يشفع له تاريخه وعلاقاته القوية بنظام الملخلوع حسني مبارك.

رسائل النظام من مصادرات وتحفظ للأراضي والممتلكات لا تقتصر فقط على معارضيه من قيادات جماعة الإخوان أو تحالف دعم الشرعية، وإنما امتدت لقوى شبابية وثورية أخرى منها شباب حركة 6 إبريل وحركة الاشتراكيين الثوريين؛ حيث تم التحفظ على أموال منتمين لها مثل هيثم محمدين وغيره.

ويبقى الاقتصاد المصري يدفع ضريبة الغباء السياسي الذي يدير البلاد نحو الهاوية…!!!