كتب: يونس حمزاوي
الانفجار الذي تعرضت له، اليوم، كاتدرائية الأقباط الأرثوذوكس، وأسفر عن مقتل 25 معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى إصابة 49 آخرين، يثير علامات استفهام كثيرة- بحسب مراقبين- لعل أبرزها أن الانفجار استهدف مؤسسة من المفترض أنها تحت الرقابة الأمنية الصارمة على مدار الساعة، ولا شك في وجود كاميرات ترصد لحظة بلحظة حركة المنطقة المحيطة بها.. ومع ذلك وقع التفجير الكارثي!.
من يقف خلف التفجير؟!
لا شك أن قوات الشرطة تتواجد بكثافة طوال اليوم أمام كاتدرائية العباسية، فما الذي يغري منفذي العملية "الإرهابيين" على خوض هذه التجربة الجريئة والمغامرة غير المحسوبة واستسهال اصطياد الأماكن المحصنة أمنيًا؟ فهل التواجد الأمني يكفي وحده للردع؟! ومن هذا الذي يملك هذه الجرأة على وضع عبوة ناسفة تزن من 8 إلى 12 كجم من مادة "تي إن تي" شديدة الانفجار؟!.
ألا تقودنا هذه الدقة في تنفيذ عملية التفجير وهذه الجرأة الكبيرة وغير المحسوبة في تفجير أكبر مؤسسة دينية قبطية في البلاد وشديدة التحصين على اتهام جهاز مخابراتي على مستوى كبير من الاحترافية؟.
هذه المخابرات تهدف إلى تفجير مصر طائفيا، إضافة إلى وضعها السياسي والاقتصادي المتأزم الذي استنزف قواها وجعلها تعاني ولا تقوى على الخروج من هذا النفق المظلم، الذي دفعها إليه طمع وجشع جنرالات العسكر الكبار، بانقلابهم المشئوم في 3 يوليو 2013م.
وحتى كتابة هذه السطور، لم تعلن أي جهة مسئوليتها عن الحادث، وإن كان بلا شك يحمل بصمات جهاز مخابرات محترف، أو بصمات تنظيم الدولة المشهور عنه الوحشية في القتل.
غياب الانضباط الأمني
كما يبدو أن ثمة مشكلة تتعلق بالانضباط والرقابة وتفقد الخدمات، فالضباط في الكمائن- خاصة الحراسات- كثيرا ما يكونون مشغولين بتفقد هواتفهم المحمولة وصفحاتهم على "فيس بوك"، ويتركون مهمة تأمين المكان للمجندين الغلابة. ما يطرح سؤالًا بشأن الانضباط والرقابة، إذ قلما تجد قيادة أمنية تتفقد الكمائن ونقاط الخدمات، وتتأكد من انضباط الجميع، بحسب الكاتب الصحفي محمود سلطان.
حتى الآن، لا نعرف حقيقة ما حدث في الكاتدرائية، وما إذا كان التقصير من الشرطة خارج الكنيسة أم من نظام تأمينها الداخلي، بمعرفة الكنيسة ذاتها "التفتيش الذاتي للداخلين إليها"، وهو تقليد شائع منذ البابا الراحل شنودة.
كيف وقع التفجير؟
تجمع شهادات متطابقة لمصابين على أن كل المتوافدين على الكاتدرائية من الرجال والنساء لم يخضع أي منهم للتفتيش الأمني، إذ لا تحظى الكنيسة البطرسية التي وقع داخلها التفجير بنفس إجراءات التأمين الخاصة بالكنيسة المرقسية التي تجاورها، وهو ما بدا في "عدم تفتيش الرجال"، كما أكد كثير من المصابين في التفجير، كما لم يتم تفتيش "شنط السيدات"، وأكد شهود عيان أن الجميع دخل إلى الكنيسة بدون أي تفتيش كالعادة".
بل إن مصابين في الحادث أدلوا بشهادات مثيرة تؤكد أن جهاز الإنذار كان يطلق إنذارات دون أن يتحرك أحد، ما يعني أن من مرر العبوة الناسفة دخل بكل سهولة دون اعتراض من أحد الحراس أو عناصر الشرطة.
ماذا سجلت كاميرات المراقبة؟
وقد سجلت كاميراتا المراقبة دخول المترددين إلى الكنيسة والقاعة، "إذ دلفت سيدة إلى القاعة قبل موعد التفجير بقرابة 15 دقيقة بصحبة فتاة لا يزيد عمرها عن 12 عاما، وحملت السيدة حقيبة سوداء، وقبل موعد التفجير بدقيقتين غادرت دون الحقيبة، ثم وقع الانفجار في ذات المكان الذي كانت تجلس فيه"، وفقا لما أكده مصدر أمني مطلع يعمل في مديرية أمن القاهرة، بحسب صحيفة العربي الجديد.
وكشف الفحص الأولي لموقع الحادث عن أن عبوة ناسفة تزن 12 كجم من مادة (تي.إن.تي) تسببت في الانفجار، بحسب خبراء المعمل الجنائي.
قصور أمني مشترك بين الكنيسة والشرطة
ويرفض القس بولس حليم، المتحدث باسم الكنيسة، تحميل الأمن بمفرده مسئولية الحادث، قائلا: "التفجير وقع بسبب قصور أمني مشترك بين الكنيسة والأمن، وننتظر التحقيقات التي تجريها النيابة العامة لمعرفة المزيد من التفاصيل.
غير أن الأنبا مرقس، أسقف شبرا الخيمة وتوابعها، يرى من جهة أخرى أن الحادث الذي وقع داخل الكنيسة البطرسية بالعباسية كان يستهدف الكاتدرائية. متسائلا عن دور قوات الأمن المكلفة بحماية الكاتدرائية، وكيف دخلت العبوة الناسفة داخل الكنيسة، مطالبا بالتحقيق مع المقصرين في أداء عملهم.