بعد توقف تام لغالبية الشركات الأجنبية العاملة في مصر، عن مشروعاتها بسبب متأخراتها، لدى الحكومة المصرية، أو مماطلة حكومة السيسي في تحويل أرباح الشركات الأجنبية إلى بلادها.. وهو ما فاقم أزمة الاقتصاد المصري.

إلا أن الشركات الأجنبية وما لها من ملاءة سياسية واقتصادية نجحت في فرض شروطها على السيسي، واشترطت بريطانيا على مصر قبل الدفعة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي سداد مستحقات الشركات البريطانية العاملة بقطاع البترول في مصر.

المشهد يتكرر ثانية، ولكن الشركات المتضررة، هذه المرة مصرية.. فماذا سيفعل السيسي؟! لإنقاذ فنكوشاته التي باتت عصية على العد، من مشروعات الطرق والعاصمة الإدارية وملايين الوحدات السكنية، حيث يشهد قطاع المقاولات أزمة كبيرة تهدد بثورة المقاولين المصريين، والتي بدأت أولى بوادرها بوقف العمل بالمشروعات الحكومية.

وتتصاعد حالة من الغضب العارم داخل اتحاد مقاولي التشييد والبناء، تسببت في توقف العمل بكافة المشروعات القومية، بسبب الطفرة الهائلة بين الأسعار التي حصلت من خلالها شركات المقاولات على أحقية العمل في تنفيذ تلك المشروعات، والأسعار الجديدة للمواد الخام بعد قرار تعويم الجنيه المصري وفي مقدمتها الأسمنت والوقود.

وأوضحت مصادر اقتصادية ،في تصريحات صحفية  اليوم، أن شركات المقاولات الغاضبة تتولى تنفيذ مشروعات أنفاق قناة السويس الستة والخاصة بربط محافظات القناة بسيناء، والعاصمة الإدارية الجديدة، إضافة إلى المراحل الجديدة من مشروعات الإسكان القومي، التي كانت وزارة الإسكان تعتزم طرحها لاحقًا.

وقالت المصادر "الغالبية العظمى من المقاولين قاموا بسحب معداتهم من مواقع العمل لحين حصولهم على مستحقاتهم المتأخرة لدى الحكومة، إضافة للاتفاق على أسعار جديدة بخلاف التي تم الاتفاق عليها مسبقًا قبل زيادة أسعار مواد البناء، خاصة وأنهم تكبدوا خسائر فادحة يصعب تعويضها".

وحسب تقديرات اتحاد مقاولي التشييد والبناء فإن المتأخرات المستحقة لشركات المقاولات لدى الحكومة تبلغ نحو 13 مليار جنيه، منها 4 مليارات لشركة "المقاولون العرب".

وحول إمكانية قيام الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بتلك المهام التي تقوم بها شركات المقاولات واستكمال العمل في المشروعات المتوقفة، أوضحت المصادر "الهيئة الهندسية في كثير من المشروعات لا تقم هي بالتنفيذ، لكنها بعد حصولها على امتياز تنفيذها تقوم بإدخال مقاولين مدنيين من الباطن"، مؤكدة أن هؤلاء المقاولين وشركات المقاولات توقفت عن العمل بسبب عدم قدرتها على الانفاق في ظل الارتفاع الهائل وفروق الأسعار.

ولفتت المصادر النظر إلى أن هناك محاولات حثيثة لتوفير حصة كبيرة من مستحقات المقاولين المتأخرة لإقناعهم بمعاودة العمل لحين حل أزمة فروق الأسعار، على الأقل في مشروعات الإسكان الاجتماعي ذات البعد السياسي، لتهدئة الشارع الغاضب من الأوضاع الاقتصادية واستخدامها كمسكنات".

وقال مصدر مصرفي بارز "البلد في وضع لم تمر به من قبل، فالدولار على مشارف عشرين جنيهاً رسمياً بالبنوك بسبب ندرته، وذلك أمام عجز حكومي كامل في توفير عملة صعبة لاستيراد الأدوية التي باتت أزمة حقيقية في ظل نقصها الشديد، إضافة للارتفاع الهائل في أسعارها منذ قرار تحرير سعر الصرف".

وأوضح المصدر "كان هناك رهان على مساهمة قرار تعويم الجنيه في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وإعادة الاستثمارات الهاربة، أو على الأقل تحفيز المستثمرين الحاليين على ضخ مزيد من الاستثمارات والأموال في السوق، وهو ما لم يحدث حتى الآن".

وكشف المصدر عن أن "دوائر رسمية مصرية خاطبت حكومات خليجية، لمطالبتها بحث مستثمري هذه الدول على ضخ استثمارات في مصر مقابل تسهيلات وامتيازات كبيرة، وهو ما لم تظهر بوادر له حتى الآن".

وكان وزير التخطيط، أشرف العربي، قد أكد، الثلاثاء، أن هناك لجنة مشكلة بوزارة الإسكان لتحديد فروق الأسعار التي يستحقها المقاولون، نتيجة زيادة التكلفة في الخامات والمدخلات، مشيرًا إلى أن التغيرات السعرية الأخيرة ساهمت في زيادة الأسعار 20%.

ولعل سياسة الاقتراض والاستدانة هي ما ورط  مصر في أزمة لا تنتهي، لفشل السيسي اقتصاديا وعجزه عن فهم كيفية إدارة الشئون المدنية للبلاد.. وهو ما يؤكد ما يذهب إليه الثوار في الشوارع بأن "مصر دولة مش معسكر".

Facebook Comments