رامي ربيع
سحب ترخيص جريدة جديدة، هذه المرة هى جريدة البديل التي بدأت في الصدور عام 2007، هو خبر اعتاده المصريون منذ عقود ولم يتوقفوا عنده؛ لفرط تكراره قبل ثورة يناير وبعدها، وهو اعتياد منطقى.
ترخيص الجريدة ليس أهم من حياة أو حرية الصحفي الذي سيكتب فيها ويحررها، وما دام هناك 100 صحفي بسجون الانقلاب بلا تهم، فمنطقي أن يغلق النظام صحيفة جديدة.
قرار المجلس الأعلى للصحافة بسحب ترخيص جريدة البديل يفتح الباب واسعا على طوفان من التساؤلات، حول واقع المؤسسات الصحفية المصرية من طريقة تأسيسها وصولا إلى مصيرها، مرورا بحجم الرقابة عليها، فطريقة تأسيس الصحف المصرية تكبل فيها حرية إصدار الصحف بقيود منافية لدستور 2014 نفسه، الذي أقر على عين سلطة الانقلاب، فبينما تقول المادة 70 من الدستور "تصدر الصحف بمجرد الإخطار على النحو الذي ينظمه القانون"، فإن الصحف في مصر تصدر بموجب موافقة أمنية لازمة، ولابد أن تحظى بموافقة المجلس الأعلى للصحافة.
أما مصير الصحف في مصر تحت حكم الانقلاب فلا يختلف عن مصيرها تحت حكم مبارك ومن حكموا قبل مبارك، وهو مصير لن يختلف عن مصير الصحفيين أنفسهم، فكما يمكن أن يعتقل الصحفي أو يختطف أو حتى يقتل، يحق للسلطة بقوة الأمر الواقع إغلاق صحيفة أو سحب ترخيصها، وهو الإجراء الذي جاء من نصيب جريدة البديل بذريعة عدم انتظام صدورها.
الصحافة في مصر إذن ككل شيء في المحروسة، في مهب قرارات غير مفهومة الدوافع من السلطة، ومحصنة بقوانين تزيد التضييق على صاحبة الجلالة كلما تغيرت أو تم تعديلها.