كشفت استقالة الدكتورة منى مينا الأمين العام لنقابة الأطباء عن حجم الأزمة التى تواجهها النقابة خلال الفترة الحالية، كما كشفت عن رسوب مجلس النقابة الجديد، الذى جاء فى ظروف غير طبيعية، خلفا لمجلس نقابة الأطباء الذى شكل التيار الإسلامى قوامه الأساسى منذ فترة طويلة.
كما أوضحت الاستقالة أن بعض الأصوات لا تصلح إلا فى مقاعد المعارضة، وأنها إذا تولت المسئولية تفشل وتسارع بالهروب من الميدان.
ولعل الاستقالة تكشف بوضوح الارتباك الذى ساد فى أوساط صناعة القرار داخل النقابة، وعدم قدرتهم على إدارة الأزمة، وهو ما اعترفت به "مينا"فى نص الاستقالة الذى وضعته على صفحتها على "فيس بوك".
وأوضحت الأزمة الأخيرة عن حجم الانقسام الحاد داخل مجلس النقابة العامة للأطباء عقب إصدار قانون الكادر، الذى رفض الكثير من الأطباء أن يطلق عليه لفظ "الكادر"، معتبرين أنه قانون "مشوه"؛ لأنه لم يخرج عن قانون الحوافز الذى كانت قد وضعته وزيرة الصحة ورفضته جميع النقابات الطبية المشاركة فى اتحاد المهن الطبية (الأطباء – الصيادلة – البيطريين – الأسنان).
وقد انقسم الأطباء داخل المجلس بين رأيين؛ الأول: يرى اعتبار المشروع خطوة على طريق تحقيق طموحات الأطباء فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد خلال الفترة الحالية والقبول به مرحلياً ووقف التصعيد مؤقتاً ضد الحكومة، وكان على رأس المؤيدين لهذا التوجه النقيب الدكتور خيرى عبد الدايم.
فيما رأى أصحاب الرأى الآخر: أن المشروع مشوه وغير كاف، وتم إصداره من طرف واحد، ولم يعرض على النقابة، ولم يأخذ فى اعتباره الملاحظات التى وضعتها النقابة على مشروع القانون، مؤكدين أن السياسة القائمة على الانفراد بالقرار وفرض الأمر الواقع من قبل الوزارة غير مقبولة.
وعقب ذلك بدأت سلسلة الاستقالات من كلا الجانبين؛ حيث قدم الدكتور حسام كمال -عضو مجلس النقابة ومقرر الجنة الإعلامية- استقالته بعد أن لمس استجابة من مجلس النقابة للرأى الذى يؤيده النقيب، والقائل "بأن الكادر هو خطوة على طريق تحقيق طموحات الأطباء"، ثم جاءت استقالة منى مينا بعد اتهامات الأطباء لها بالفشل فى إدارة الإضراب.
الطريف أن مينا تعجبت -فى الاستقالة- من مطالبة الأطباء لها بحل المشاكل، لافتة إلى أنها لا تملك عصا سحرية، الأمر الذى لجأت معه أمين عام النقابة إلى الهروب من المسئولية، بدعوى أنها تجد نفسها "في موقع مسئولية في لحظة يعاني فيها الأطباء من ترد بشع لأوضاعهم، بالإضافة لانقسام شديد في مواقفهم، وهو ما يجعل السخط والإحباط غير مترجم لإيجابية أو قدرة على الفعل" ، وكأن هذه المشاكل لم تولد إلا بعد توليها المسئولية. الأمر الذى أشار الانتباه إلى مواقف أعضاء مجلس النقابة السابقين المنتمين للإخوان، الذى كانت منى مينا أبرز معارضيه، والذين كافحوا فى حل مشاكل الأطباء قدر جهدهم على مدى سنوات طويلة، ولم يفكر أحدهم فى الهروب من المسئولية بأى شكل، الأمر الذى توج بكادر المهن الطبية الذى كان على وشك التطبيق لولا وقوع الانقلاب العسكرى.