عن أي حرية تعبير يتحدث رعاع السيسي؟!

- ‎فيتقارير

كتب- محمد مصباح:

 

كمثل شيوخ السلطان يحرمون دم البرغوث ولا يأبهون بدماء ملايين الشعب التي تراق في بلادهم!.

 

تصاعدت، منذ أمس، حملة بيانات للشجب والادانة أطلقتها عدة روابط علمية بمصر، خلال ضد تركيا، مدفوعة بتوجهات سياسية مناوئة لتركيا في الدوائر الرسمية والسياسية المصرية…منذ انقلاب 3 يوليو 2013، وذلك عقب تداول وسائل أعلام مصرية خبرًا أرجعته لصحيفة "الزمان التركية" مفاده أن "سردار بالانتابه" القنصل التركي بالاسكندرية، يراقب صفحات الفيس بووك الخاصة بأساتذة الجامعات المصرية، وأنه تقدم بشكوى لرئيس جامعة الاسكندرية، يشكو من تعمد أستاذة جامعية توجيه سباب وشتائم للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عبر حسابها بـ"فيس بووك".

 

وهاجم محمد كمال، المتحدث باسم "النقابة المستقلة لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية"، القنصل التركي بالإسكندرية.

 

وقال كمال، في بيان صحفي، أمس الأحد " أرفض وبشدة تجاوز القنصل التركي بالإسكندرية وتقديمه شكوى لأحد رؤساء الجامعات لقيام أحد الاساتذة بها بانتقاد الرئيس التركي".

 

وتابع: "أؤكد أن حرية التعبير حق أساسي يحميه الدستور المصري، وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية ينتقدون كل ما يرون أنه يتعارض مع ما يرونه صحيحًا".

 

وزعم  كمال أن "أساتذة الجامعات في مصر ينتقدون المسئولين المصريين أنفسهم فى إطار حرية التعبير".

 

فيما أعلن أشرف حاتم، أمين المجلس الأعلى للجامعات، رفضه ما أقدم عليه القنصل التركي، قائلأ: "آراء الأساتذة على فيس بوك تقع في نطاق الحرية الشخصية".

 

وتابع، في تصريحات صحفية، أمس، أن "الجامعات مستقلة بنص كل دساتير العالم، وأنه ليس من حق أحد التدخل في عملها أو آراء أساتذتها الأكاديمية، قائلا: "ليس من حق أحد التدخل فى الجامعات المصرية، كما ليس من حق مسئولي الجامعات المصرية التدخل في شئون أي جامعات بدول أخرى".

 

وفي السياق ذاته، أصدرت، رابطة "علماء مصر"، بيانا ضد القنصل التركي.

 

وكانت د.سميرة عاشور، رئيس قسم اللغات الشرقية، بجامعة الاسكندرية، نشرت صورة تتضمن فيها "دجاجة" بدون ريش وعلى وجهها صورة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بوصفه، ودونت عليها عبارة " اللي عرى جيشه ربنا ينتقم منه"؛ ما أثار غضب القنصل العام التركي بالإسكندرية "سردار بالانتابه"، وهو ما دفعه لتقديم شكوى رسمية ضدها للدكتور عصام الكردي رئيس جامعة الإسكندرية.

 

وقالت عاشور: إن "قنصل تركيا ليس من حقه مراقبة الحساب الخاص بها على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، وإرسال خطاب وشكوى لرئيس جامعة الإسكندرية قائلة " طالما الانتقاد على "الفيس بوك" يرد على "الفيس بوك" وليس بشكوى".

 

مضيفة في تصريحات صحفية، أنها "مستاءة من تدخل تركيا فى الحريات بمصر من خلال قنصلها العام بالإسكندرية ومراقبة ما يقوله أعضاء هيئة التدريس بالجامعة".

 

السر في التفاصيل

 

ولعل ما يؤكد وقوف الاجهزة المخابراتية وراء الحملة، ما ورد في تصريحات عاشور، التي أكدت أن "تركيا رئيسها وحكومتها هى من تعتدى على هذه العلاقات لاحتضانها جماعة الإخوان، و لبثها أخبار كاذبة وتحريضية من الأراضى التركية لسب السيسي ووصف "ثورة 30 يونيو" بالانقلاب"، بحسبها.

 

واقع مرير لحق التعبير بمصر

 

يأتي ذلك، في الوقت الذي تتصاعد فيه حملات القمع والانتهاكات ضد حريات التعبير في مصر، وفق تقارير حقوقية…

 حيث اعتبرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، في تقريرها السنوي الرابع عن حالة حرية التعبير في مصر، الصادر في فبراير الماضي، أن سنة 2016 هي الأكثر انتهاكًا لحرية الإبداع في مصر.

 

 ورصد التقرير "78 انتهاكا تعرّض له المبدعون في مصر مقارنة بـ 46 انتهاكا في 2015 و21 انتهاكا في 2014، وهو ما يوضح انتقال حالة حرية الإبداع من السيئ إلى الأسوأ" بحسب التقرير. 

 

وفيما يتعلق بحرية الصحافة والإعلام؛ فقد رصد التقرير الصادر مطلع 2017، 438 حالة انتهاك في نطاق 22 محافظة، وجاء الصحافيون في مقدمة الفئات الأكثر تعرضًا لانتهاكات حيث تعرّض 164  صحافيًا لانتهاك مباشر بينما تعرض الإعلاميون لـ62 انتهاكًا مباشًرا.

 

 وقد توزعت الانتهاكات بين عدة أشكال، على سبيل المثال وثَّقت المؤسسة المنْع من أداء العمل الصحافي والإعلامي (193 حالة) بينما احتجز ما لا يقل عن 62 صحافيًا وإعلاميًا دون اتخاذ إجراءات قانونية ضدهم، كما تم استيقاف 7 عاملين بالإعلام لفترة محدودة قبل صرفهم، بينما رصدت المؤسسة التعدي بالضرب على 43 صحافيًا و17 حالة انتهاك تتعلق بمنع بث حلقات برامج تليفزيونية ووقف إصدار جريدة أو مصادرتها أو منع مقالات.

 

وتنوعت الانتهاكات التي رصدها التقرير بين المنع والرقابة على الأعمال الفنية وحذف مشاهد من مسلسلات تليفزيونية والمنع من السفر أو دخول مصر (4 حالات) وحبس المبدعين على خلفية نشرهم لأعمال فنية، وجاءت الانتهاكات على خلفية تعاطي الأعمال الفنية مع السياسة الذي يعد السبب الرئيسي للانتهاكات، حيث رصد التقرير 44 حالة، بخلاف انتهاكات تتعلق بتنافي الأعمال الإبداعية مع الأخلاق والآداب العامة (15 حالة انتهاك) أو الأديان (6 حالات انتهاك).

 

بالإضافة لرصد الانتهاكات المتعلقة بالحقوق الرقمية، حيث رصدت المؤسسة ما لا يقل عن 57 انتهاكا لحق الأفراد في التعبير الرقمي، حيث وثّقت المؤسسة 28 حالة تم القبض فيها على مواطنين بسبب إداراتهم لصفحات على فيسبوك و9 حالات بسبب كلام منسوب لهم على حساباتهم الشخصية.

 

كما رصد التقرير 18 حالة انتهاك قامت بها جامعات مصرية للتضييق على الحركة الطلابية وحقوق وحريات الطلاب على خلفية نشر الطلاب لآرائهم على شبكات التواصل الاجتماعي.

 

فيما تزايدات الانتهاكات للحرية الأكاديمية وتزايد التدخلات في العمل اﻷكاديمي، وجاء مشروع قانون التعليم العالي ليهمش مشاركة المجتمع الأكاديمي في مناقشة مشروع القانون، والتعديلات المقترحة لبعض مواد قانون تنظيم الجامعات والتي تعطي دورًا أكبر لوزير التعليم العالي، وقرارات السلطة التنفيذية والإدارات الجامعية المؤثرة على الحرية الأكاديمية، كشرط الموافقة الأمنية للسماح للأكاديميين بالسفر، وتوجيهات وزارة التعليم العالي للجامعات الخاصة والأهلية بعدم الإساءة للدول الشقيقة في الأبحاث.

 

وبمقارنة تلك الأوضاع والانتهاكات بما جرى، يتلاحظ للمتابع، تسييس السلطات المصرية الأمر، الذي لم يتعد سوى شكوى، كإجراء قانوني تكفله المواثيق لأي شخص طبيعي أو اعتباري.

 

كما يقبع في السجون المصرية الالاف من المصريين بسبب مجرد تعبيرهم عن انتقاد للسلطات المصرية، بلا مراعاة للحريات والحق في التعبير الذي يتحدث عنه الأكاديميون!