كتب- سيد توكل:
خلُص تقرير أعدته الخارجية البريطانية حول جماعة الإخوان المسلمين، ونشره موقع "ميدل إيست آي"، إلى أنه لا ينبغي تصنيف الجماعة منظمةً إرهابية، ولا ينبغي حظرها، واعتبر أن الجماعة تعرضت للقمع والانتهاكات على يد الانقلاب العسكري، وأنها ضحية ما حدث في 30 يونيو 2013، مشددًا على سلميتها وأنها جدار ضد التطرف والعنف، ووجودها في السلطة كان شرعياً ولا يتعارض مع استقرار المجتمع الدولي .
من جانبه رصد الصحفي والكاتب البريطاني المعروف "ديفيد هيرست" تحوّلا مثيرا في موقف الحكومة البريطانية من جماعة الإخوان المسلمين، وقال أنه يمكن القول إنه بمثابة انقلاب على نتائج التحقيق الذي أجراه السير جون جينكنز، ويطرح سؤالا هاماً: هل حان الوقت لكي تتطهر بريطانيا من دعم الانقلاب العسكري وتطلب العفو من المصريين؟
الإخوان جدار ضد العنف
ونشر موقع «ميدل إيست آي» تقريرًا له اليوم الإثنين حول موقف لندن "الإخوان" بشكل خاص والإسلام السياسي بصورة عامة، مؤكدا أن تقييم لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية الخاص بالتحقيق في سياسة الحكومة تجاه الإسلام السياسي في العام الماضي، حيث خلص إلى أن الإسلاميين جدار حماية ضد التطرف العنيف، وينبغي أن تتعامل معها بريطانيا عندما تكون في السلطة أو في المعارضة.
وذكر الموقع البريطاني في تقريره أن وزارة الخارجية البريطانية أكدت أن الغالبية العظمى من الإسلاميين السياسيين ليسوا متورطين في العنف، ولكنهم ضحايا للعنف، مشددة على أن الإسلاميين السياسيين ديمقراطيين ينبغي أن يسمح لهم بالمشاركة في الانتخابات، وأن تتعاون معهم الحكومة البريطانية على حد سواء عندما يكونون في السلطة والمعارضة.
ولم تنشر الحكومة البريطانية من تقرير السير جون جينكنز، إلا ما أسمته "الخلاصات الأساسية" لتقرير جينكينز، والتي نشرت في ديسمبر 2015، وظلت حتى الآن ترفض نشر الوثيقة كاملة، بل ولقد رفض جينكينز نفسه المثول أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني للإدلاء بشهادته.
أما لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني فقالت في تقريرها إن الأسباب التي دفعت إلى إجراء تحقيق جينكينز بحق جماعة الإخوان المسلمين لا تزال "مبهمة"، وإن التبريرات التي صدرت عن وزراء الحكومة لتفسير رفض وزارة الخارجية البريطانية السماح للجنة الشؤون البرلمانية الاطلاع على التقرير كانت "واهية".
هل السيسي وراء تقرير جينكنز؟
وقالت اللجنة إن تحقيق جينكينز يعاني من خلل أساسي بسبب رفضه التدقيق في تأثير الانقلاب العسكري الذي وقع في مصر في عام 2013 على جماعة الإخوان المسلمين، وذلك أن الانقلاب تمخض عنه مقتل الآلاف من مؤيدي الجماعة على أيدي قوات الأمن المصرية وكذلك اعتقال المئات من كبار قادتها.
وجاء في تقرير اللجنة ما نصه: "تستمر وزارة الخارجية البريطانية في تجاهل هذا الخلل الفادح، وما تنفك تخفق في تفسيره، وتتقاعس في الإجابة عن سؤال مفاده: لماذا ومن الذي قرر أن أحداث عام 2013 اعتبرت غير ذات علاقة بالتحقيق؟ يتوجب على الوزارة تصحيح هذا الخلل في الحال".
أما طيب علي، الشريك في مكتب محاماة "آي تي إن"، وهي المؤسسة القانونية التي تمثل جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا، فقال: "إن اعتراف الحكومة بأن الإسلام السياسي يشكل جدار حماية في وجه التطرف العنيف يصادم بشكل مباشر السياسات التي ينتهجها الإماراتيون والسعوديون، الذين لووا ذراع رئيس الوزراء البريطاني السابق دافيد كاميرون حتى يأمر بالتحقيق الذي ترأسه جينكينز، لم يلبث موقف الحكومة تجاه جماعة الإخوان المسلمين يعتريه التناقض والتهافت، وعلى الحكومة إصلاح هذا الخلل من خلال إعادة التواصل والتفاهم مع الجماعة داخل بريطانيا وخارجها".
وتمثل ردود وزارة الخارجية على لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني تراجعا صارخا عما ورد في اثنتي عشرة صفحة لخصت ما توصل إليه تحقيق جينكينز.
فتش عن الإمارات!
وكانت صحيفة "الغارديان" نشرت تقارير تفيد بأن قرار الحكومة البريطانية بإجراء المراجعة بشأن جماعة الإخوان المسلمين، كان في الواقع قد اتخذ تحت تأثير ضغوط مارستها حكومات أجنبية تعادي التوجه الديمقراطي وثورات الربيع العربي في الشرق الأوسط.
وكشفت التقارير النقاب عن أن دولة خليجية ( الإمارات) كانت تقف وراء قرار الحكومة إجراء المراجعة، وانها لوحت بإلغاء عقود شراء السلاح ما لم تغير بريطانيا تقريرها من الجماعة
وكشف "الغارديان" عن أن هذه الدولة الخليجية اشتكت إلى رئيس الوزراء البريطاني ضد جماعة الإخوان المسلمين في عام 2012، بعد انتخاب الدكتور محمد مرسي، كأول رئيس اسلامي منتخب ديمقراطيا في مصر.
وأشارت الصحيفة إلى أنها اطلعت على وثائق تؤكد أن هذه الدولة عرضت على كاميرون إبرام صفقات مغرية في مجال السلاح والنفط، من شأنها أن تعود بمليارات الجنيهات على الشركة البريطانية لتقنيات الطيران والفضاء (بي إيه إي) وأن تسمح لشركة النفط البريطانية (بي بيه) بالمنافسة على التنقيب على النفط في منطقة الخليج.
وكان رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون، قد أعلن عن المراجعة في شهر إبريل من عام 2014، وقال حينها إن تقرير اللجنة المكلفة بإعداده من المتوقع لها أن تنشره في شهر يوليو من نفس العام.
وكشفت "الغارديان" البريطانية عن ضغوط الدولة الخليجية تواصلت وهددت بوقف الاستثمارات المالية داخل بريطانيا، ووقف التعاون الأمني معها، إن لم تقم الحكومة البريطانية باتخاذ إجراءات ضد الإخوان المسلمين، وقالت الصحيفة: إن دولة خليجية شكلت "لوبي" واسع للتأثير على رئيس الوزراء البريطاني والدبلوماسيين الكبار،