كتب- إسلام محمد
عداء شديد تحتفظ به حكومة الانقلاب للمنظمات الحقوقية التي تعمل في مصر، وخاصة التي تنشط في مجال مناهضة التعذيب ورعاية السجناء وضحايا العنف الأمني ضد المصريين العزل، وهو العداء الذي جاء بإغلاق "مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب"، اليوم، في إطاره.
حيث امتطى فرسان تنفيذ القانون في محافظة القاهرة خيولهم، وكشّروا عن أنيابهم لتشميع المركز الحقوقي الأشهر في مصر، والذي تمكن من علاج كثير من ضحايا العنف والتعذيب في مصر.
واللافت للنظر أن غلق المركز المدافع عن حقوق الإنسان وعلاج ضحايا التعذيب يأتي بعد يوم واحد من إخلاء محكمة جنايات القاهرة سبيل الضابط كريم مجدي، المسئول عن تعذيب مجدي مكين، الذي قتل في قسم شرطة الأميرية منذ شهور قليلة، بعد أن سبقه قرار النيابة بإخلاء سبيل ٦ أمناء شرطة بكفالة ٣ آلاف لكل منهم، رغم الغضب الذي سيطر على الرأي العام عقب قتل السائق مكين. وهي المفارقة التي أشار مراقبون إلى أنها تعبير واضح عن رعاية الدولة للتعذيب، وهجومها الشرس ضد كافة محاولات الدفاع عن ضحايا التعذيب في السجون وأقسام الشرطة ومقار أمن الدولة، وهو التعذيب الذي تحتل فيه مصر مراكز متقدمة على مستوى العالم.
هجوم متكرر
هجوم جحافل الأمن، اليوم، على مركز النديم ليس الأول ضد نفس المركز ولا المنظمات الحقوقية المماثلة، بل كانت هناك الكثير من حالات الغلق والتشميع والقبض على النشطاء ومصادرة أموالهم ومنعهم من السفر واحتجازهم لفترات متفاوتة، بالإضافة إلى تهديدهم بسيف القضايا التي يتم تداولها في ساحات المحاكم بدعوى التمويل الأجنبي، فيما تحصل حكومة الانقلاب نفسها على تمويل خارجي منذ اللحظة الأولى التي استولى فيها السيسي ورفاقه على مقاليد الحكم وحتى اللحظة.
القوة الهائلة التي اقتحمت المقر، وفقا للدكتورة عايدة سيف الدولة، اقتحمت شقق المركز الثلاث، رغم أن أمر الغلق كان لشقة واحدة فقط، كما تم اصطحاب حارس العقار إلى قسم الأزبكية، ولم يكن أحد موجودا بالمركز، حيث يعتبر اليوم هو إجازة أسبوعية للعاملين بالمركز.
«هجمة منظمة على الحقوق والحريات في مصر»، كان ذلك هو التعليق الذي أدلت به "سيف الدولة" قبل عام من الآن، عقب المحاولة الأولى التي قامت بها قوات شرطة الانقلاب لغلق "النديم"، حين توجهت قوة من حي الأزبكية بصحبة موظف من وزارة الصحة وأميني شرطة إلى مقر المركز لتنفيذ قرار إداري من إدارة العلاج الحر في وزارة الصحة بإغلاق المركز، دون توضيح سبب صدور مثل هذا القرار.
مركز النديم أكد أنه "يُدار تمامًا كمركز تأهيل لضحايا العنف بالمعنى الواسع للتأهيل، الذي يشمل مُعالجة الفرد ومن يحتاج من أسرته، وكذلك الوقاية من الصدمات التي يتعرض لها المُترددون على المركز. ويسعى إلى رفع وعي المجتمع والسلطات المختصة بحجم ظاهرة العنف والتعذيب وأضراره على المواطنين، ومن ثم ضرورة مواجهته والتصدي له".
المركز الحقوقي يعني بـ"تأهيل ضحايا التعذيب والعنف، وتقديم الدعم النفسي "قصير وطويل المدى" لهم. كما يصدر نشرات عن حوادث التعذيب في السجون والمقار الأمنية بشكل دوري منذ بداية عمله في أغسطس عام 1993".
حملة تضامن
وفور تداول خبر تشميع مركز النديم، دشن عدد من النشطاء حملة إلكترونية لدعم المركز والتضامن معه ضد الهجمة الحكومية الشرسة، أشاروا خلالها إلى أن إغلاق مركز النديم يظهر مدى تعسف السلطات في مصر، وإصرارها على مهاجمة المدافعين عن حقوق الإنسان، في حين استنكرت منظمة العفو الدولية مداهمة مركز النديم، معتبرة أن "إغلاقه يظهر مدى تعسف السلطات في مصر وإصرارها على مهاجمة المدافعين عن حقوق الإنسان".
وأعاد النشطاء نشر التقرير الذي أعده المركز عن «حصاد القهر» في يناير لعام 2017، حيث رصد التقرير عشرات وقائع القتل، بينها حالات الوفاة في أماكن الاحتجاز وصلت إلى 16 حالة، والتعذيب 49 حالة، وبلغ عدد حالات الإهمال الطبي في أماكن الاحتجاز 25 حالة، والإخفاء القسري 171 حالة، أما حالات الظهور بعد الاختفاء فوصلت إلى 59 حالة، و30 حالة لعنف الدولة.
ومن جانبها، تساءلت الدكتورة ماجدة عدلي عن سبب الإغلاق، رغم أن قضية التشميع ما زالت مستمرة، ولم يصدر فيها قرار حتى الآن.