كتب رانيا قناوي:
لم يفشل قائد الانقلاب العسكري في إدارة الدولة فقط والحفاظ على شعبيته المزعومة، ولكنه فشل في إقناع الناس بمبررات الدفاع عن هذا الفشل رغم الماكينة الإعلامية الكاذبة التي تعمل لصالحه ليل نهار.. من صحف ومواقع إخبارية وإذاعة وفضائيات، حتى أنه بدأ يلجأ إلى السحر والشعوذة، مستغلا جهل الكثير من البسطاء في أن مصر لم تكن فقط محاصرة بالمؤامرات الخارجية ولكنها محاصرة أيضا بالسحر، لإفشال السيسي.
لجأت سلطات الانقلاب إلى ما يقتنع به عدد كبير من البسطاء، من خلال الترويج بأن هناك من يقوم بأعمال سحر وشعوذة لـ"ربط السيسي" عن تحقيق وإنجاز مشروعات الوهمية.
ولعل الفكرة أتت لمخابرات السيسي من خلال نفاق "مشايخ وتنابلة السلطان" الذين ربما أرادوا مجاملته، فأشاروا عليه بأنه ربما يكون "مسحورا"، وأن هناك أعمال سحر لمصر كلها ربما تكون السبب في انهيار شعبية السيسي وعدم رضاء الشعب عن إدارته، فقرر النظام ترويج الخزعبلات كقرينة لتبرير فشله في تحقيق أهدافه التي تعهد بها.
البداية
تأتي البداية من خلال صفحة مجهولة عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” تدعى "كتاتيب الست" وتدلي بيانا غريبا مرفقة به مقطع فيديو بوحي سحري بقصد إفشال قائد الانقلاب، في الوقت الذي نسي الانقلاب أنه لا يعترف بهذا الفشل من الأساس.. ويعتبر كل ما خربه وفرط فيه هو إنجازات لم يستطع أي نظام في العالم تحقيقه في 30 عاما.
وحسب "البيان رقم 3" -الذي نشرته الصفحة، التي ارتدت الثوب "الشيعي"- فقد أعلنت فيه مسئوليتها عما قالت إنه “طلسم السيسي”، والذي يبدو أن تلك الشعوذات التي حملها مقطع مصور مرفق بالبيان.
وجاء في البيان: "تيمنًا باستبسال سيد الشهداء، وسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين بن علي، ومتزامنًا مع ذكرى وصول رأسه الشريف إلى مصر تعلن كتايب الست مسئوليتها الكاملة عما عرف إعلاميًا باسم "طلسم السيسي".
وأضاف البيان "نظرًا لما دار حول هذا الطلسم من لغط وكذب وشائعات مفادها تبشير المدعو عبدالفتاح بأنه ملك آخر الزمان، قررت الكتايب إظهار الحقيقة وكشف كذب الدجالين المنافقين المحيطين بالمدعو أعلاه".
وتابع البيان "كما تعلن الكتايب تحديها الصارخ لكل من يرى في نفسه ساحرًا أو دجالاً، إن استطاع فك طلاسم هذا العمل السحري ورفع اللعنات التي سوف تقع على المدعو عبدالفتاح ابن سعاد، من تاريخ إصدار هذا الإعلان".
ووجهت المجموعة تحذيرًا غريبًا لمفتي مصر السابق علي جمعة قالت فيه: "ونحذر عيانًا بيانًا المدعو علي جمعة، بالكف عن التدخل في شئون العوالم السفلية، كما نحذر كل من راودته نفسه عن ذكر ثورة 25 يناير بأي سوء أو استهزاء، وقد أعذر من أنذر".
علي جمعة
وبالنظر لتاريخ علي جمعة ومعرفة المصريين بشذوذه الفكري التي وصلت لحد ادعاء الكرامات والولاية ورؤية النبي في الحقيقة، وذكر اسمه في البيان دون غيره من "مشايخ وتنابلة السلطان"، يشير إلى احتمالية أن تنفيذ الفكرة خاصة مع حبكتها في المعرفة بشئون السحر والشعوذة ربما تكون من إخراج علي جمعة نفسه.
والمقرب من علي جمعة ومن أحاديثه في رواقه الخاص، يعرف دائما مزاعم علي جمعة بأنه من المحسودين لقربه من الله وترويجه بأنه ولي من أولياء الله، وأن هناك من يطلب رقبته حقدا لعلاقته بعالم الأسرار، وهذه الأحاديث معروفة لكل تلاميذ علي جمعة التي كان آخرها محاولة اغتياله الفاشلةـ والتي لم تنطوِ على أحد لضعف إخراجها.
طلاسم ورسومات
وفيما يتعلق بالمقطع المصور المرفق إلينا فقد ظهرت فيه مجموعة من الطلاسم والرسومات التي عادة ما تظهر في أعمال السحر والشعوذة، وكان الرسم الأبرز فيها صورة عبدالفتاح السيسي.
ورافق المقطع المصور أصوات لشخص أو أشخاص يقومون بقراءة تعويذات غامضة تستعين بملوك الجن والعفاريت، مع ظهور لأحد الأشخاص وهو يقلب ورقة فوق موقد تشتعل فيه النار وتخرج منه الأبخرة، ويحرك أصابعه باتجاهات محددة تحمل دلالات معينة.
وظهر من ضمن لقطات المقطع بومة تقف على الورقة التي تحوي الطلاسم، ثم ظهر ثعبانان يتلويان فوق صورة السيسي، وفي لقطة ثالثة تم وضع خفاش مقيد الأطراف على وجه السيسي، وكانت اللقطة الرابعة تتضمن صورة سحلية تقف أيضاً فوق صورته.
وكان اللافت في صورة السيسي أنها جسدته بلباسه العسكري، وقد كُتب على جسده آيات من القرآن الكريم مثل "وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم الدين"، وعبارة أخرى مثل: "اللهم فرق بين الماء والنار كما فرقت بين اليهود والنصارى"، إلى جانب العديد من الجداول والأرقام والخطوط المبهمة التي لا يفقه تفسيرها إلا المشعوذون أنفسهم.
والأشد غرابة وما قد يكون مثيرًا فعلاً، هو أن من رسم تلك المخطوطة وما تتضمنه من طلاسم وضع عنكبوتًا ضخمًا وعقارب وحشرات تشبه الصراصير أو النمل الكبير وهي كما يبدو تهاجم السيسي.
وبدأ عدد من وسائل إعلام السيسي في نشر الفيديو ومنها مجلة "لغة العصر" -المتخصصة في علوم الكمبيوتر، والتابعة لجريدة الأهرام الحكومية- تزعم أنه يظهر معارضي "عبدالفتاح السيسي" أثناء استخدامهم السحر الأسود لإسقاط نظامه.
وزعم الموقع أن "أهل الشر" لجأوا للسحر الأسود بعد فشلهم في تقويض السيسي والإضرار به، مؤكدًا أن هذه الأسحار يتبناها تنظيم يُدعى "كتائب الست".