«نزوح الأقباط».. «هيبة الدولة» التي تآكلت والدروس المستفادة

- ‎فيتقارير

كتب يونس حمزاوي

جاء خطاب قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي فجر الجمعة 24 فبراير الماضي في زيارة لكلية الشرطة ليشدد على أن ما أسماها "الدولة المصرية"  رجت تاني وأن الدولة استعادت هيبتها ولن يسمح لأحد أن يمارس البلطجة بحق المصريين!.

هذه التصريحات الرنانة كالعادة تصدرت برامج الفضائيات ومانشيتات جميع الصحف مساء الجمعة وصباح السبت 25 فبراير.

وجاء مانشيت الأهرام «الرئيس يزور كلية الشرطة فجرا.. ويتابع إعداد الطلبة بدنيا وقتاليا.. السيسى: مصر استعادت هيبتها ولن يستطيع أحد المساس بها»، ومانشيت أخبار اليوم « الرئيس مع طلاب كلية الشرطة فى زيارة مفاجئة: الدولة المصرية استعادت هيبتها ولن يستطيع أحد المساس بها».

 وكم كان غريبا ومدهشا في ذات الوقت أنه بالتزامن مع تلك التصريحات الرنانة التي تفقد معناها على أرض الواقع، تجاهلت هذه الصحف الحكومية نزوح الأقباط الذي بدأ بالتزامن وفي نفس اليوم الذي زار فيه قائد الانقلاب كلية الشرطة وأطلق هذه التصريحات الجوفاء.

"المصري اليوم" وحدها التي أشارت إلى هذا التناقض المثير وأبرزت تصريحات السيسي حيث كتبت«السيسى: لن يسطيع أحد المساس بهيبة الدولة.. الرئيس يحضر تدريبات كلية الشرطة فى زيارة مفاجئة فجرًا»، ولكنها أشارت إلى نزوح الأقباط أيضا وكتبت تحت المانشيت السابق هذا العنوان المثير  «الإرهاب يجبر أقباط العريش على "النزوح".. "أبورومانى" سابع الشهداء.. الكنيسة: دماؤهم تصرخ طالبة العدل.. والجيش يطارد القتلة»!!.  فأين "هيبة الدولة" إذا؟! ..

هيبة الدولة في العريش لا كلية الشرطة

وفي يوم الأحد 26 فبراير، شنت صحيفة "المقال" – التي يترأس تحريرها الكاتب الصحفي الموالي للعسكر والانقلاب "إبراهيم عيسى" – هجومًا ضاريًا على قيادات النظام؛ بسبب ما آلت إليه الأوضاع في سيناء، وتهجير الأقباط إلى الإسماعيلية.

وعُنونت الصحيفة بمانشيت قوي، جاء فيه: "هيبة الدولة في العريش وليست في كلية الشرطة" وذلك ردا على تصريحات قائد الانقلاب حول استعادة الدولة هيبتها والتي تآكلت على وقع نزوح الأقباط.

داعش يحقق هدفه والسيسي عاجز

يعزز  من هذا أن راديو فرنسا بث اليوم الأربعاء تقريرا  على موقعه الألكتروني حول نزوح الأقباط أ:د فيه أن تنظيم الدولة "داعش" نجح في تحقيق أحد أهدافه بشبه جزيرة سيناء، بعد أن أجبر المسيحيين على ترك مدينة العريش هذا اﻷسبوع، في وقت تقف فيه الحكومة المصرية بقيادة السيسي عاجزة أمام هذه المأساة بحسب التقرير.

وقال راديو فرنسا إنه منذ 22 فبراير، أجبر الخوف عشرات العائلات المسيحية، وبحسب أحد التقارير اﻹعلامية نحو 112 أسرة على الأقل، على ترك منازلهم والعيش مؤقتا في الكنائس ومراكز إيواء.

 وأكد أنه قبل الفيديو، الذي هدد فيه اﻷقباط، قتل سبعة مسيحيين في سلسلة هجمات تبناها تنظيم "ولاية سيناء"، الذراع المحلي لداعش، كان أخرها ذبح أحد الضحايا في 22 فبراير الجاري.

ويضيف التقرير أنه في مواجهة هذه المأساة، يبدو أن السلطات المصرية عاجزة، سوى عن تقديم بعض المساعدات للفارين.

الدروس المستفادة

وإزاء هذا فإن عددا من الدروس التي يمكن استخلاصها من المشهد الراهن منها أن قائد الانقلاب يفقد سيطرته على شمال سيناء بصورة كبيرة في ظل هيمنة حقيقة لتنظيم ولاية سيناء.
كذلك ومع انتقادنا لاستهداف أي بريء مهما اختلفنا معه ومهما كانت ديانته إلا أنه على الكنيسة والأقباط أن يراجعوا مواقفهم السابقة التي دعموا فيها الاستبداد العسكري ضد الإسلاميين وصفقوا بحرارة منقطعة النظير لذبح الإسلاميين في رابعة والنهضة وغيرها ودعموا الانقلاب العسكري الدموي ضد الحكم الديمقراطي، كما دعموا التهجير القسري بحق أهالي رفح بحجة تأمين الحدود مع غزة.

 على الكنيسة والأقباط أن يدركوا أن الكراهية لا تولد إلا كراهية وأنه يستحيل أن يتحقق لهم أو لغيرهم أمن أو استقرار في ظل نظام تسلطي استبدادي لا يحترف سوى القتل والظلم.

جاءت ثورة يناير حلما ليسترد المصريون كل المصريين كرامتهم المهدرة ولتكون  كلمة الشعب هي العليا في صناعة القرار وسط أمل كان يتعاظم لتحقيق صيغة للتعايش المشترك الذي يسمح للجميع بالتنافس السياسي على قدم المساواة وسط حرية غير مسبوقة دينيا وسياسيا واجتماعيا.. ولكن كان للأقباط رأي آخر فساهموا بقوة في وأد الحلم ووضعوا يدهم في يد شيطان العسكر .. فهل يتوبون ويدركون أن أمنهم من أمن الشعب كل الشعب أم يستمرون في الكراهية والتحريض التي تعمي صاحبها عن رؤية الحق مهما كان واضحا.