دراسة: بسبب شركات الجيش.. القطاع الخاص يقترب من الانهيار

- ‎فيتقارير

كتب محمد مصباح:

أظهرت دراسة حديثة تراجع القطاع الخاص في مصر بشكل غير مسبوق وللعام التالى على التوالى بسبب سيطرة شركات الجيش على الحياة الأقتصادية فى البلاد  بعد  إنقلاب 3يوليو 2013.

وأرجع المسح الذي أجراه بنك "الإمارات دبي الوطني" التدهور الذي يواجهه القطاع الخاص وجميع الشركات والاستثمارات في مصر إلى التراجعات الحادة في كل من الإنتاج والأعمال الجديدة.

وأوضح أن معدلات الانكماش تراجعت منذ شهر كانون يناير الماضي، وقللت الشركات من أعداد موظفيها مرة أخرى؛ بسبب انخفاض متطلبات الإنتاج.

وتابع البنك في بيان أصدره الأحد، استمر ضعف سعر صرف الجنيه أمام الدولار الأمريكي في لعب دور أساسي وراء الزيادات الحادة في أسعار المنتجات وأعباء التكلفة".

وقال جان بول بيجات، الباحث الاقتصادي الأول في بنك الإمارات دبي الوطني: "إن الانكماش في القطاع الخاص في مصر ارتفع بالمؤشر إلى أعلى مستوى له في ستة أشهر".

وأوضح جان بول، أن طلبات التصدير الجديدة سجلت انخفاضا هامشيا مقارنة بشهر يناير الماضي، ما يدل على تحسن الطلب الخارجي، في الوقت الذي سجل فيه معدل انخفاض الإنتاج في الشهر الماضي مستوى أبطأ من الشهر الجاري، بحسب البيان.

وأضاف أن الضغوط الناجمة عن التضخم تبقى مرتفعة.. وسجل مؤشر مديري المشتريات الرئيس (PMI) الخاص بمصر نحو 46.7 نقطة في شهر فبراير، مقابل نحو 43.3 نقطة في شهر يناير، وفقا للبيان.

أمّا على صعيد الأسعار، فقد ذكر البنك أن شركات القطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر سجلت زيادة أخرى في إجمالي تكاليف مستلزمات الإنتاج خلال شهر فبراير، وكانت الزيادة مدفوعة بزيادة أسعار المشتريات وبتكاليف التوظيف بدرجة أقل.

17 شهرا من التراجع
وقللت الشركات من نشاطها الشرائي للشهر السابع عشر على التوالي في شهر براير، ورغم أن معدل الانكماش كان حادا، فقد كان هو الأضعف منذ شهر أغسطس 2016، وفقا للبيان.

تراجع التوظيف
كما هبط معدل التوظيف بالقطاع الخاص غير المنتج للنفط للشهر الـ21 على التوالي خلال شهر فبراير. وتباطأ معدل فقدان الوظائف إلى أضعف مستوى في عام كامل، لكنه كان قويا في مجمله، بحسب مسح البنك.

ويستند مؤشر مديري المشتريات الخاص بمصر إلى البيانات المجمعة من الاستبيانات التي يتم إرسالها لمسؤولي المشتريات التنفيذيين في أكثر من 450 شركة من شركات القطاع الخاص.

التوسع الاقتصادى لشركات الجيش يلغى دور القطاع الخاص
وفي 29 نوفمبر,2014 أصدر مركز كارنيجى للشرق الأوسط، دراسة تحت عنوان ” مستقبل رأس المال الكبير في مصر السيسي“، أكد فيها أن الجيش المصرى قد يحلّ محلّ رأس المال الكبير على المدى القريب، بما يعنى سيطرة الشركات العسكرية المملوكة للجيش المصرى على الاقتصاد، فدخول الجيش إلى قطاعات جديدة يمكن أن يؤدّي إلى إعادة رسم خطوط التفاعل بين الجيش والرأسمالية الكبيرة، ولاسيما في حقول مثل البناء والتشييد والبنية الأساسية والنفاذ إلى الأراضي.

الدراسة التي أعدها الباحث عمرو عادلى، قد أكدت أن التحوّلات الاقتصادية في مصر قد تعيد تشكيل شبكات المحسوبية القديمة الموروثة من الرئيس الأسبق حسني مبارك، لصالح جهات فاعلة جديدة على حساب أصدقاء النظام القديم، فالتوسّع الاقتصادي للجيش، قد يعني إلغاء الدور المتنامي للقطاع الخاص في مصر على المدى البعيد.

وأكد الباحث أنه ثمّة دلائل لا لبس فيها تشير إلى أن التغييرات القانونية والاقتصادية تمثّل ضغطاً على رأس المال الكبير على ثلاث جبهات هي: الدور الموسّع الذي يقوم به الجيش، وإعادة ترتيب علاقات الدولة وقطاع الأعمال، والأعباء المالية الجديدة على القطاع الخاص.

وفي خلال الأشهر الأخيرة، تُرجِمَت السيطرة السياسية الجديدة للجيش إلى توسّع اقتصادي غير مسبوق. إذ تنشط الشركات والهيئات التابعة للجيش في مجالات طالما كانت معاقل تقليدية لرأس المال الخاص، مثل البناء والإسكان والبنية التحتية والتنمية الحضرية، فضلاً عن تحديث القطاع الصحي. وبالنسبة إلى الكثيرين داخل مجتمع رأس المال الكبير، فإن ثمة مخاوف مبرّرة من أن الجيش يحجب القطاع الخاص عن فرص الانتعاش الاقتصادي المأمول في مصر، باعتباره المستفيد الرئيس من الإنفاق التحفيزي للدولة. فقد استُبعِدَت الشركات الكبرى الخاصة من الأنشطة الاقتصادية المهمة، ومن تدفّقات رؤوس الأموال الضخمة المخطّط لها، والتي تهدف إلى قيادة الاقتصاد المصري نحو التعافي وزيادة الاستثمار والتوظيف.

ويبدو حضور وحجم المشروعات الخاصة بالجيش، منذ يونيو 2013، استثنائياً مقارنةً بالفترات السابقة. ومن الجدير بالذكر أن معظم هذه المشروعات حكومية ويتم تمويلها من الدولة مباشرة أو من بعض دائنيها من دول الخليج ومن الجهات المانحة. والواقع أن الجيش قد برز كشريك رئيس لرأس المال الأجنبي. ومن الأمثلة على ذلك أن شركة “أرابتك”، وهي شركة إنشاءات مقرّها في دولة الإمارات العربية المتحدة، أعلنت عن خطط للعمل مع الجيش لبناء مليون وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود في مصر. في هذه الحالة، تواصلت الشركة الإماراتية مع الجيش مباشرة وجعلته شريكاً كاملاً في المشروع. وقد جرى تكليف الجيش بتوفير الأرض التي ستُبنى عليها الشقق وذلك على الرغم من عدم وضوح وضع المشروع حالياً مع خفوت التغطية الإعلامية، وتوقّف الكلام عنه بدرجة كبيرة.

وأضافت الدراسة أنه خلال الأشهر العشرة التي تلت الانقلاب العسكري ان اسناد مشروعات قيمتها حوالى 5.5 مليار جنيه مصري  للجيش ومؤسّساته والشركات التابعة له ويشمل هذا المبلغ المشروعات الكبيرة التي أعلنت عنها مصادر رسمية، إلى جانب مشروعات أخرى ـ كمشروع قناة السويس الجديدة الضخم، والذي قُدِّرَت تكلفته بحوالى 8 مليارات دولار.

واستناداً إلى تقديرات اقتصادية، ، فإن إجمالي قيمة المشروعات المعلن عنها، والتي تم إسنادها للجيش بشكل أو بآخر، تناهز نحو 10 في المئة من إجمالي الموازنة الاستثمارية للدولة للسنة المالية 2014-2015.

وتبرز من بين الأعمال المسندة إلى الجيش مشروعات عدة، مثل مشروع صيانة 27 جسراً ونفقاً بقيمة 4.5 مليار جنيه (625 مليون دولار)، كُلِّفَت بتنفيذه الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وأُعلِن عنه بموجب قرار مجلس الوزراء الصادر في نوفمبر 2013؛ ومشروع تطوير 30 منطقة عشوائية في القاهرة والجيزة (350 مليون جنيه، أي مايعادل 49 مليون دولار)؛ ومشروع بناء مجمع للخدمات الحكومية في محافظة الغربية في دلتا النيل (240 مليون جنيه، أي مايعادل 34 مليون دولار)؛ ومشروع بناء جسرين في محافظة القليوبية (80 مليون جنيه، أي مايعادل 11 مليون دولار). كما مُنِح الجيش امتياز تحصيل الإيرادات على بعض الطرق السريعة الرئيسة، بما في ذلك جزء من الطريق الدائري حول القاهرة، لمدة تسعة وتسعين عاماً، وطريق القاهرة-الإسكندرية الصحراوي، الأكثر ازدحاماً في مصر، لمدة خمسين عاماً. ووفقاً للتقرير نفسه، صرّح وزير الصحة، في مارس 2014، أن الجيش سيتولّى تطوير 40 مستشفى عاماً.

وفي سياق متصل، أكد الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، في تدوينة على صفحته على الفيس بووك- "المستثمرون لا يستطيعون منافسة الجيش في المناقصات فيهربون". مضيفا: "مكمن الخطورة في توسع نشاط الجيش الاقتصادي، أنه يتغول على الأنشطة الاقتصادية ويضر بالمواطنين، وأن توسعات الجيش تثير مخاوف المستثمرين الأجانب، ويسبب مشكلات مع منظمة التجارة العالمية.

لأن أي منافسة بين الجيش والشركات الخاصة ستكون محسومة لصالح الأول لعدة أسباب جوهرية، فإذا نشأت منافسة بين قطاع القوات المسلحة الذي يقوم بالأنشطة الاقتصادية، وبين القطاع الخاص الذي يقوم بذات الأنشطة، تصبح المنافسة هنا محسومة لصالح القوات المسلحة؛ لأن العمالة لديه زهيدة التكلفة، بسبب استفادته من المجندين لديه، الذين ربما ينالون مكافآت زهيدة، الأمر الآخر أن الجيش لا يدفع ضرائب للدولة، في حين أن الشركات الخاصة تدفع رواتب للعمال والموظفين حسب سعر السوق، وتدفع ضرائب لخزينة الدولة، وبالتالي فإن تكلفة المشروع تكون أكثر، وفي هذه الحالة تتضرر المنشآت الخاصة التي لن تضم المزيد من العمالة بسبب تقلص حجم أعمالها، ولن توفر فرصا جديدة للعمل، وهنا مكمن الخطورة أن توسع أنشطة القوات المسلحة يكون على حساب أنشطة المجتمع المدني الطبيعي الخاصة".