تقرير| تقلّص الطبقة المتوسطة إلى 5% بفضل خطط الانقلاب

- ‎فيتقارير

 أحمدي البنهاوي
حذر تقرير من أن الطبقة المتوسطة في مصر، التي تكون دائما في قلب الحراك السياسي والتوجهات الاستهلاكية الجديدة والممولة للمشاريع الاستثمارية ولرواد الأعمال، تتعرض عن غيرها من دول العالم إلى "الأكثر تدميرا"، بفضل إجراءات 2016 التي ضمنت لها الصدارة في السوء، رغم أنها "قوة دافعة للاستهلاك والإنتاج" بحسب تقرير "رويترز".

وقال محمود نجم، معد التقرير، لوكالة الأنباء الإنجليزية: إن "مصر شهدت أكبر تراجع للطبقة المتوسطة على مستوى العالم منذ بداية الألفية وحتى العام الماضي، بحسب بيانات بنك كريدي سويس المتخصص في تقدير الثروات، وتبدو هذه الطبقة معرضة لمزيد من التدمير نتيجة الإجراءات التقشفية التي تبنتها "الحكومة" هذا العام في إطار برنامج "الإصلاح الاقتصادي" الذي تبنته، وحصلت بموجبه على مجموعة من القروض الدولية".

أرقام "الطبقة"

وبلغة الأرقام وتحليلات التقارير الدولية وآراء الخبراء، بنت "رويترز" تقريرها الذي كشفت فيه عن كارثة اجتماعية؛ نتيجة لإجراءات اقتصادية تتوقع أن تشهد مصر أعلى موجة تضخمية في العصر الحديث.

وكشف التقرير عن أن الطبقة المتوسطة في مصر تقلصت بأكثر من 48%، لينخفض عددها من 5.7 ملايين شخص "بالغ" في عام 2000، إلى 2.9 مليون "بالغ" في 2015، يمثلون الآن 5% فقط من إجمالي البالغين، ويستحوذون على ربع ثروة المصريين، بحسب "كريدي سويس".

واعتبر أن من القرارات الاقتصادية التي تمس مستوى معيشة المواطنين؛ زيادة أسعار الكهرباء في أغسطس الماضي، وفرض ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات بنسبة 13% في سبتمبر، بدلا من ضريبة المبيعات التي بلغت 10%.

كما شهد نفس العام إعلان البنك المركزي تعويم الجنيه بشكل كامل، في 3 نوفمبر، لتنخفض قيمة العملة المحلية للنصف تقريبا، ثم أعلنت الحكومة بعدها بساعات عن زيادة أسعار الوقود بنسب تتراوح بين 7.1% و87.5%.

ويُعرّف كريدي سويس الطبقة المتوسطة بأنها الطبقة التي تمتلك من الأصول ما يجعلها صامدة أمام التغيرات الاقتصادية، وهي مُعرضة بشكل أقل لخطر الفقر، وفي الحالة المصرية فإن أعضاء نادي الطبقة المتوسطة هم الذين تتراوح ثرواتهم بين 14.5 ألف دولار و145 ألف دولار، وفقا لأسعار الدولار في 2015.

الموجة الأعلى

وتوقع عمر الشنيطي، المدير التنفيذي لمجموعة مالتيبلز للاستثمار، لـ"رويترز"، أن تشهد مصر "أعلى موجة تضخمية في العصر الحديث.. حتى أعلى مما شهدناه في 1977، محذرا من أن نسبة المواطنين الذين يعيشون أسفل خط الفقر في مصر 27.8% في عام 2015، وهو أعلى معدل منذ عام 2000، وفقا لبيانات بحث الدخل والإنفاق الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

ويرى الشنيطي أن النظام المصرفي والمالي في مصر غير قادر على حماية مدخرات الطبقة المتوسطة، "سعر الفائدة في البنك 12% ومعدل التضخم وصل إلى 20%، هذا يعني أن سعر الفائدة الحقيقي سالب، وبالطبع الرقم سينخفض أكثر مع زيادة معدلات التضخم، هذا بالإضافة إلى انخفاض عدد أصحاب الحسابات البنكية".

وفي 2015، كانت مصر صاحبة ثالث أقل سعر فائدة حقيقي في العالم بعد أوكرانيا وسيراليون، ووقتها لم تكن معدلات التضخم بمثل هذا السوء.
وانقطعت إدارة البورصة عن كشف أعداد المستثمرين "الذين تزيد تعاملاتهم على 10 آلاف جنيه سنويا" بدايةً من عام 2010، واكتفت فقط بالإفصاح عن عدد الأكواد الجديدة فقط، ولكن الشنيطي يستبعد أن يتجاوز عدد المتعاملين بالبورصة 3 أو 4% من إجمالي السكان.

إسكان "المتوسطة"

وقال يحيى شوكت، الشريك المؤسس بمركز "عشرة طوبة" للدراسات والتطبيقات العمرانية والباحث في شئون العدالة الاجتماعية والعمران: إن ندرة السكن أثرت على حجم الطبقة المتوسطة، مضيفا أن "العقارات غير الرسمية تسيطر على 70% من الإنشاءات الجديدة سنويا ما بين عامي 2007 و2014؛ بسبب البناء على أرض زراعية أو إنشاء أدوار مخالفة للتصريح، و20% ذهبت للقطاع الخاص الرسمي، و10% للحكومة.. نسبة القطاع غير الرسمي كانت 40% في وقت سابق، وببساطة هذا يعني أن أغلب العقارات في مصر لا تناسب أذواق من نطلق عليهم الطبقة المتوسطة".

وأشار الباحث العمراني إلى أن أرخص وحدات "رسمية" موجودة في منطقة الهضبة الوسطى بسعر 300 ألف جنيه، وأرخص وحدات إسكان اجتماعي يبلغ ثمنها 154 ألف جنيه، وهي أسعار مرتفعة مقارنة بدخول المصريين.

وأضاف شوكت "إذا كان المتوسط العالمي لسعر امتلاك منزل هو ما يساوي 6 أضعاف الدخل السنوي، فإن 54% من المصريين لا يستطيعون شراء شقة متوسطة السعر، وفي حالة الإيجار، فالمعدل العالمي ربع الراتب، وبالمقارنة بدخول المصريين، فعلينا أن نعلم أن أكثر من 50% من المواطنين لا يكفي ربع راتبهم لتأجير وحدة إسكان متوسط".

تعليم الانقلاب

وأشار التقرير إلى أن مصر حصلت على المركز الأخير في جودة التعليم الأساسي، وفقا لآخر تقارير التنافسية العالمية، وأوضح أن متوسط الإنفاق على التعليم في مصر يبلغ 3700 جنيه كل عام، بينما يخصص أغنى 10% من المصريين 5711 جنيها في المتوسط لمصاريف الطالب الواحد سنويا، ولو كان ملتحقا بالتعليم الخاص يرتفع الرقم إلى 12899 ألف جنيه سنويا.

تقرير دولي

وفي تقرير للبنك الدولى، عام 2014، جاء أن مصر وسوريا والعراق أقل الدول فى نسبة الشركات الجديدة إلى إجمالى السكان، مقارنة بباقى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ وذكر البنك أن لكل 1000 شخص فى سن العمل، هناك أقل من 0.5 شركة ذات مسئولية محدودة مسجلة حديثا فى الدول الثلاث، مؤكدا أن دول المنطقة عموما أقل من المعدلات العالمية بكثير فيما يخص تأسيس الشركات الصغيرة.

ووفقا لتقرير البنك الدولى، فإن الشركات الصغيرة تستطيع أن توفر عددا كبيرا من الوظائف، ولكن سياسات الحكومات المصرية أدت إلى إعاقة إنشاء أو نمو هذه الشركات.

واستخدم البنك الدولى وصف "الغزلان" للشركات التى بدأت بأقل من 10 عمال عند تأسيسها، واستطاعت مضاعفة عدد العمال فى 4 سنوات، مشيرا إلى قدرة هذه الشركات على توليد وظائف، في الوقت الذي تخفض فيه المؤسسات الكبرى من الوظائف المتاحة، فوفقا للتقرير كان صافى الوظائف المولدة من الصناعات التحويلية فى مصر سالبا في الفترة ما بين 2007 و2011، نتيجة لأن الشركات الكبرى، على عكس "الغزلان"، فقدت وظائف كثيرة.

وانتقد التقرير نقص إنتاجية الشركات الشابة المتوسطة والكبيرة فى مصر، مشيرا إلى أنها لا تنمو مع مرور الزمن "على مدار عمر المُنشأة الذى يُقدر فى المتوسط بـ 35 عاما، فإن منشآت الولايات المتحدة تتضاعف إنتاجيتها 8 مرات فى المتوسط، وفى تركيا والهند والمكسيك تتضاعف الإنتاجية مرتين أو ثلاث، أما فى مصر وتونس فتتضاعف الإنتاجية مرة واحدة خلال عمر الشركة".