بالأرقام.. رواتب وزراء الانقلاب تتحدى “التقشف”

- ‎فيتقارير

كتب سيد توكل:

استيقظ "علي عبدالعال" -رئيس برلمان العسكر- من النوم على صوت رسالة على الهاتف، فرك عينيه وتثاءب وهرش شعر رأسه الأشيب بأظافره، فتح الرسالة فوجدها من رقم مسجل باسم "البيادة الكبيرة"، رفع شعر حاجبيه المشعث كأنها حواجب الشيطان، وارتدى عويناته المكبرة وطالع الرسالة التي كانت بالشفرة "زود برسيم الحكومة وبلاش قسوة يا علي".

وبعيدا عن سريالية طلبات رئيس الانقلاب من "منيو" البرلمان، التي تشبه طلبات الدليفري من مطعم "أم حسن"، هرع "عبدالعال" بتقديم مشروع يهدف لرفع رواتب وأجور وزراء حكومة الانقلاب، والمحافظين ونوابهم، إلى لجنتي الخطة والموازنة، والشئون الدستورية، حتى يتم التمرين على الصيحة المعتادة "موافقون" خلال الجلسات المقبلة.

وخلافًا لدعوات التقشف التي صدع بها إعلام الانقلاب رءوس المصريين، ينص مشروع "دلع حكومة الانقلاب" الجديد على رفع راتب رئيس الوزراء إلى 42 ألف جنيه مصري، ونواب رئيس الوزراء والوزراء والمحافظين إلى 35 ألف جنيه، ونواب الوزراء والمحافظين إلى 30 ألف جنيه، في وقت تُطالب فيه حكومة الانقلاب المصريين بضرورة التقشف لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد.

ونص القانون المقترح على حصول الوزير بعد خروجه من الخدمة على 80% من إجمالي الراتب كمعاش، علماً أن القانون 100 لسنة 1987، الصادر في عهد الرئيس المخلوع، «حسني مبارك»، حدد راتب نائب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء في 6 آلاف جنيه شهرياً، وبذات المبلغ بدل تمثيل سنوياً، وراتب نائب رئيس مجلس الوزراء في 4800 جنيه شهرياً، ومثله بدل تمثيل، بينما حدد راتب الوزير في 4200 جنيه.

42 ألفا أم 3 ملايين
من جانبه أكد الدكتور عماد مهنا، رئيس اللجنة المركزية لمجلس علماء مصر، الذي تقدم باستقالته في وقت سابق، في أحد البرامج التليفزيونية أن رواتب بعض الوزراء فى مصر فعليا تصل إلى 3 ملايين جنيه، وفقا لتصريحات محافظ البنك المركزي، مشيرا إلى أن الأزمة ليست فى الأرقام التى تعلنها حكومة الانقلاب ولكن فى البدلات والمكافآت التي لا يتم إدراجها فى الكشوف الحكومية، وإنما يحصل عليها المسئولون من الصناديق الخاصة الموجودة فى معظم الوزارات.

وأكد "مهنا" -المؤيد للانقلاب العسكري- أن الثلاثة ملايين التي يحصل عليها كل وزير في حكومة الانقلاب موزعة ما بين المرتب والمكافآت الخاصة وبدلات السفر والإقامة، بالإضافة إلى أطقم الحراسة والسماعات اللا سلكية والمواكب التى تحيط بالوزراء والتى تصل إلى 4 سيارات تتحمل الدولة تكلفة تسييرها، هذا بالإضافة إلى قوة الحراسة المخصصة لكل وزير والسيارات التى تخصص لأسرهم بزعم حمايتهم من الإرهاب.

وإذا كان قانون الحد الأقصى للأجور الذى تم تطبيقه مؤخرا قد جعل الراتب الرسمى للوزير لا يتجاوز الحد الأقصى للأجور فإن المكافآت والبدلات تفوق ذلك بكثير.

الله يرحم أيامك يا هشام!
الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، المستشار هشام جنينة، أكد في تصريح سابق أن هناك ما يقرب من 312 جهة إدارية في مصر لا تخضع لمراقبة الجهاز، تأتي على رأسها المخابرات العامة والحربية، وغيرها من المؤسسات، مثل وزارات الدفاع والعدل والداخلية، مشددا على أن تعمد إخفاء بيانات الهيئات الحكومية المختلفة يعود إلى رغبتهم في إخفاء رواتب المستشارين التابعين لهذه الجهات، بسبب المغالاة في رواتب هؤلاء.

ويقول مصدر في الجهاز المركزي للمحاسبات، إن تقديرات الجهاز توصلت إلى أن مرتبات الوزراء المعلنة والمدرجة في الملفات الرسمية لا تتجاوز، فعليا، الحد الأقصى للأجور، لكن في المقابل، فإن بدلات الوزراء وتكلفة الحراسة والانتقالات يمكنها أن توفر راتب حد أدنى لملايين العمال، وكشف المصدر أن أجور المستشارين العاملين في الوزارات تصل إلى ما يقرب من 200 مليار جنيه سنويا "حوالي 26 مليار دولار".

شعب "متقشف" قهراً!
وبدأت سلطات الانقلاب سلخ الشعب وتطبيق سياسات عقابية بذريعة "التقشف"، عبر تخفيض دعم المواد البترولية في يوليو 2014، ورفع أسعار الكهرباء والمياه، وقانون الضريبة على القيمة المضافة، وقانون الخدمة المدنية.

وتزامنت الإجراءات القمعية التقشفية، مع تراجع متواصل في سعر الجنيه مقابل الدولار، وزيادة عجز الميزان التجاري المصري بعشرات المليارات من الدولارات.

وزعم مسئول بارز في وزارة المالية المصرية، ردا على سؤال بمساواة الوزراء بباقي قطاعات الشعب الذي يعاني من الفقر والتقشف، أن "رواتب الوزراء ليست مرتفعة كما يتصوّر البعض، لذا لا يعقل خفضها"!

وتابع المسئول الذي رفض ذكر اسمه :"أعلى راتب لوزير بالحكومة يبلغ 33 ألف جنيه، وهناك وزراء تنخفض قيمة رواتبهم عن هذا الرقم؛ وهي قيمة منخفضة مقارنة بما كانوا يتقاضونه بالقطاع الخاص"!

وجبة سمك بـ40 ألفا
وكان “جو شو” قد تناول في حلقة سابقة الرد على دعوة حكومة الانقلاب للشعب المصري للتقشف، في الوقت الذي يرفع فيه السيسي رواتب الوزراء، ويشتري فيه قائد الانقلاب 4 طائرات فالكون بـ300 مليون يورو، ما يكشف حجم التناقض الذي تعيشه سلطات الانقلاب تجاه الغلابة الذين يحملهم السيسي فاتورة النهب والسرقة التي تقوم بها سلطاته.

كما علق البرنامج الذي يقدمه الشاب الإعلامي يوسف جو، على زيادة مرتبات رئيس حكومة الانقلاب ووزرائه، حيث زاد مرتب رئيس الحكومة من 9 آلاف جنيه إلى 420 ألف جنيه، في الوقت الذي يأكل فيه المواطنون من الزبالة.

كما تناول البرنامج تعليق وزير الثقافة على عزومة محافظ الإسكندرية له على وجبة سمك وجمبري بـ40 ألف جنيه، ليفاجئ محاور قناة “سي بي سي” بأن ثمن هذه الوجبة بالنظر لما كان يدفع من قبل يعتبر تقشفا حقيقيا.