136 دولة و400 توصية تفضح سجل جرائم الانقلاب في الأمم المتحدة

- ‎فيتقارير

فضحت136  دولة، عبر 400 توصية، سجل جرائم الانقلاب من قتل وتعذيب وإخفاء قسري وإعدام لمن يعارضون بطش نظامه، وذلك خلال المراجعة السنوية لملف مصر لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، اليوم الأربعاء، وكان من اللافت أن وفد السيسي ترك انتقادات قمع الحريات، ونفى وجود أي قيود على السلوك الجنسي في مصر، مؤكدًا ضمنًا أن قيودهم فقط على السلوك الديني!.

وكانت أكثر الجرائم التي ركزت عليها التوصيات: التعذيب، الإعدام، الإخفاء القسري، التعذيب، محاكمة الأطفال بجوار البالغين وحبسهم حبسًا مطولًا، الحبس الاحتياطي المطول، قمع الحريات وحرية التعبير، منع التظاهر، التضييق على العاملين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان.

وانتقدت غالبية الدول انتهاكات سلطات الانقلاب، فيما أيدتها 8 دول معظمها عربية، منها الإمارات والسودان والمغرب والسعودية، وجلست 6 دول باعتبارها “شاهد ما شفش حاجة”.

وكانت قطر هي الدولة العربية الوحيدة التي تقدمت بتوصيات مهمة، وطالبت بتعديل قانون مكافحة الإرهاب في مصر، ووقف الممارسات ضد حرية الرأي والتعبير والإعدامات التعسفية، والعمل على إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإيقاف الاعترافات المبنية على التعذيب الممنهج.

وكانت المفارقة أن دولة مثل أفغانستان، التي يحذر إعلاميو الانقلاب من انزلاق مصر لحالتها، دعت مصر في توصيتها أمام الأمم المتحدة، إلى وقف حصار المدافعين عن حقوق الإنسان، ما دعا نشطاء حقوقيين للقول: “هل تعلمون ما معني هذا؟ معناها إحنا مش غلابة.. إحنا بؤساء”.

أيضا نددت دول إفريقية مثل غانا بسجل حكومة الانقلاب في مجال حقوق الإنسان، اليوم، في جنيف رغم أن مصر تتولى رئاسة الاتحاد الإفريقي.

ومنذ الاستعراض الدوري الشامل لمصر في 2014، زادت الانتهاكات بشكل حاد، وقد ندد البرلمان الأوروبي مؤخرًا بما يتعرض له المدافعون عن حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني من إجراءات انتقامية. وهو ما اتضح من زيادة عدد الدول التي قدمت توصيات على حالة حقوق الإنسان في مصر من 136 دولة من أصل 193 دولة عضوا بالأمم المتحدة قدمت ما يقارب 400 توصية في مختلف ملفات انتهاكات حقوق الإنسان، في مقابل 117 دولة قدمت ملاحظات في 2014، الأمر الذي يُعبّر عن قلق المجتمع الدولي من انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، واستقرار الأوضاع في مصر، وفقًا للحقوقي أحمد مفرح.

أكاذيب معتادة 

وخلال الجلسة، زعم رئيس وفد حكومة الانقلاب، الوزير عمر مروان، إنشاء إدارة لحقوق الإنسان بمكتب النائب العام لتلقي الشكاوى والبلاغات حول السجون، رغم أن أعضاء النيابة نفسها والقضاء متهمون من قبل تقارير الأمم المتحدة بالتواطؤ في تعذيب وتلفيق تهم للمعتقلين. مدعيًا أن “السنوات الماضية شهدت صدور قوانين تدعم وتعزز حرية الصحافة والإعلام، مشيرًا أيضًا إلى تعديل القوانين المنظمة للتظاهر؛ لتعزيز الحق في التجمع السلمي”، ما أثار التساؤل عن سبب القبض على 4 آلاف متظاهر خرجوا ضد السيسي، إذا كان القانون يسمح بالتظاهر.

وكان من الواضح أن الوفد المصري الرسمي بدلا من الرد على الملاحظات والتوصيات، أخذ يقرأ مما معه من أوراق بغض النظر عن طبيعة الملاحظات الموجهة له، مثل شغل الموظفين دون جدل ونقاش، ورغم أن أغلب الملاحظات عن انتهاكات في الواقع، إلا أن وفد السيسي كان يرد من الأوراق ويقول: “القانون بيقول كذا”!، وهم لا ينفذون القانون أصلا الذي وضعوه وتحدثوا عنه.

فضائح الانقلاب في كلمات الدولة

ونددت دول العالم بسجل نظام الانقلاب، وطالبت بوقف الإعدام والتعذيب والقتل خارج القانون، والقيود على الإنترنت، والتظاهر، وإطلاق سراح المعتقلين، وتحسين أوضاع السجون.

وفيما يلي نستعرض أبرز المطالب التي قدمتها دول العالم لسلطة الانقلاب، لوقف الانتهاكات ضد حقوق الإنسان في مصر، على النحو التالي:

  • النمسا وصفت ممارسات شرطة الانقلاب في مصر بالمشينة، ودعت لوقف عقوبة الإعدام، ووقف التعذيب، والسماح للمجتمع المدني بالعمل لدعم حقوق المواطنين.
  • ألمانيا طالبت بتنظيم زيارات طبية للسجون، ووقف تجريم أنشطة المدافعين عن حقوق الإنسان، وضمان حرية التعبير داخل الإنترنت وخارجه، والإفراج عن العاملين في المنظمات الحقوقية، وإلغاء حظر السفر، ووضع حد للحبس الاحتياطي، وتنظيم زيارات للمعتقلين، وتعديل قانون الجريمة الإلكترونية
  • فرنسا: نطالب بإلغاء عقوبة الإعدام بمصر، وتعزيز حرية الصحافة، والسماح بالتظاهر، وتحسين أوضاع المعتقلين.
  • إيطاليا: نطالب مصر بالقضاء على التعذيب ومحاسبة المسئولين عن قتل الباحث جوليو ريجيني، وتعزيز حرية التعبير والتجمع السلمي، وتعليق عقوبة الإعدام، وتعديل قانون منظمات حقوق الإنسان.
  • إيرلندا تطالب مصر بالتحقيق الفعال في ممارسات التعذيب وسوء المعاملة للمعتقلين، والإفراج عن المعتقلين لممارستهم الحق فى الرأي والتعبير.
  • دعت الولايات المتحدة مصر إلى العمل على إنهاء حالة الإفلات من العقاب في مصر في جرائم القتل خارج نطاق القانون، ورفع حظر السفر، وتجميد الأصول عن الحقوقيين، وضمان تمكين بيئة أكثر حرية لعمل المجتمع المدني، ورفع تجميد الأموال، وتخفيف كافة القيود المفروضة على حرية التعبير والتجمع السلمي.
  • دعت بريطانيا مصر إلى تفعيل قانون منظمات المجتمع المدني، على نحو يكفل عملها بحرية وأمان، وإطلاق سراح المحتجزين بسبب ممارسة حقهم في حرية التعبير.
  • كندا: لا بد من احترام حرية الصحافة، وحماية مؤسسات حقوق الإنسان، ووقف قمعهم.
  • الأرجنتين تدعو مصر إلى تقييم التشريعات الخاصة بعقوبة الإعدام، وكفالة حرية التعبير، خاصة بحق المدافعين عن حقوق الإنسان.
  • بلجيكا تنتقد العنف المفرط للسلطات الأمنية المصرية ضد المتظاهرين، وتطالب بوقف محاكمة الأطفال جنبًا إلى جنب مع البالغين.
  • سويسرا تدعو مصر إلى وقف الاحتجاز الاحتياطي، وضمان الوصول للمحامين وذوي المحتجزين، وضمان المحاكمات العادلة، واقتصار المحاكمات العسكرية على العسكرين فقط.
  • أستراليا توصي مصر بإطلاق سراح جميع من تم القبض عليهم لممارستهم حرية التعبير والتجمع، وحماية الإعلام، وتجريم جميع أشكال العنف ضد النساء، وتدعو لوقف عقوبة الإعدام حتى لا يُستخدم في الانتقام السياسي.
  • سلوفينيا تدعو مصر إلى وضع تعليق فوري لعقوبة الإعدام، ووضع حد للتعذيب، والانضمام للبروتوكول الاختياري للحقوق المدنية والسياسية.
  • إسبانيا تدعو مصر إلى احترام حرية التعبير والتظاهر، وإنشاء الجمعيات، والتصديق على اتفاقية مناهضة التعذيب.
  • السويد: نعبر عن قلقنا من أوضاع حقوق الإنسان في مصر، ونوصي بوضع حد للتضييق على الفضاء العام، ورفع منع السفر، والإفراج عن المعتقلين، والتصديق على البروتوكول الدولي لمنع التعذيب.
  • فلندا توصي مصر بوقف الممارسات الانتقامية والملاحقة للمدافعين عن حقوق الإنسان، وتمكين تعبيرهم الحر وممارسة عملهم بحرية.
  • المكسيك توصي مصر بوقف محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، ووقف عقوبة الإعدام، خاصة لمن دون الـ18 عامًا.
  • وقد رد وفد مصر على بعض الأسئلة الأولية المقدمة من أمريكا وإسبانيا والنرويج وليشتنشتاين وغيرها حول التعذيب في مصر، دون تقديم أي جديد، مع إعادة التذكير على القوانين دون تقديم أي ردود حول منهجية ارتكاب جرمية التعذيب في مصر طبقًا لما ورد في تقارير الأمم المتحدة.
  • زعم ممثل مصر، في جلسة الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان، أنه لا يوجد تعذيب ممنهج لدينا، والقوانين تنص على إهدار أي اعتراف تحت وطأة التعذيب، والإخفاء القسري غير القانوني، والنصوص القانونية تجرمه، وأغلب مزاعم الاختفاء القسري غير حقيقية!.

“العفو الدولية” تندد بسجل مصر المأساوي

وكانت منظمة العفو الدولية قد دعت، قبل جلسة استعراض سجل مصر لحقوق الإنسان بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، المجتمع الدولي للضغط على سلطة الانقلاب للإفراج الفوري عن المحتجين السلميين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في مصر؛ وذلك في أعقاب حملة قمع قاسية شهدت اعتقال أكثر من 3800 شخص، أغلبهم بشكل عشوائي، في الأشهر الأخيرة.

ودعت المنظمة الدول إلى استخدام جلسة الاستعراض الدوري الشامل لسجل مصر لمطالبة السلطات بفتح تحقيق في الاستخدام المتفشي للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة على أيدي قوات الأمن، فضلاً عن ظروف الاحتجاز المزرية، وإنهاء استخدامها القمعي لحظر السفر التعسفي والمضايقة القضائية لمعاقبة نشطاء حقوق الإنسان.

وقالت نجية بونعيم، مديرة الحملات لشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “إن استعراض سجل مصر لحقوق الإنسان، في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة هذا الأسبوع، بمثابة فرصة ذهبية للمجتمع الدولي لمحاسبة السلطات المصرية على سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان”.

وأضافت نجية بو نعيم قائلة: “من المهم الآن، وأكثر من أي وقت مضى، بالنسبة للعالم أن يدين علنًا تدهور حقوق الإنسان في مصر، ويطالب بالإفراج عن المحتجين السلميين الذين تم اعتقالهم تعسفيًّا”.

ويواجه ما لا يقل عن 31 من موظفي المنظمات غير الحكومية حظرا على السفر، وجمدت السلطات أصول 10 أفراد، وسبع منظمات غير حكومية، كجزء من تحقيق جنائي مستمر في التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية ونشاطها الشرعي في مجال حقوق الإنسان.

ومضت نجية بونعيم تقول: “فمن المهم للغاية أن تغتنم الدول هذه الفرصة لتوجيه إدانة شديدة لحملة القمع الشرسة من قبل السلطات ضد العاملين في المنظمات غير الحكومية، والمجتمع المدني، في السنوات الأخيرة. ويجب أن تطالب الدول مصر برفع حظر السفر التعسفي، وإلغاء تجميد الأصول، وإغلاق التحقيق بشكل نهائي.”

وفي يونيو 2019، نشرت منظمة العفو الدولية تقريرًا دامغًا لسجل حقوق الإنسان في مصر منذ تولي السيسي، رُفع إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ألقت فيه الضوء على القيود الشديدة التي فرضتها السلطات على حرية التعبير والتجمع، والاستخدام الواسع النطاق للاحتجاز التعسفي، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، والاختفاء القسري، والمحاكمات الجائرة، وظروف الاحتجاز المزرية، وذلك من بين بواعث قلق أخرى.

وقالت إنه منذ نشر التقرير، تدهور وضع حقوق الإنسان في مصر بشكل أكبر مع الموجة الأخيرة من الاعتقالات الجماعية، التي وقعت في سبتمبر، وتصاعد استخدام الأساليب الوحشية، بما في ذلك التعذيب، ضد المدافعين عن حقوق الإنسان.

وخلال الجلسة السابقة للاستعراض الدوري الشامل لسجل مصر في 2014، قبلت مصر 237 توصية من أصل 300 توصية بشأن حقوق الإنسان المقدمة إليها من قبل الدول ويشير تحليل منظمة العفو الدولية إلى أن السلطات، بدلاً من تنفيذ الإصلاحات الرئيسية بما يتماشى مع هذه التوصيات، قد اعتمدت إجراءات أكثر قمعاً وأشد تقييداً للحقوق الأساسية، والحريات.

واختتمت نجية بونعيم قائلة: “إن تقاعس مصر عن تنفيذ التوصيات الصادرة عن آخر جلسة استعراض لسجلّها للأمم المتحدة، إنما يوضح أن السلطات ليس لديها نية تذكر لتحسين سجلها المروع في مجال حقوق الإنسان”.