شاهد.. “الأمور المستعجلة” الباب الخلفي للمستبدين

- ‎فيتقارير

..لوقف الأحكام والتلاعب السياسي

كتب محمد مصباح:

أثار حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، كثيرا من الجدل، واعتبره المحامي خالد علي، نهجا خاطئا بتعدي محكمة القاهرة للأمور المستعجلة على اختصاصات المحكمة الإدارية العليا وتعرضها لنظر دعوى ليست من اختصاصها بحكم الدستور، فضلا على أن أحكام الإدارية العليا نهائية وباتة ولا يجوز إيقاف تنفيذها أو إبطالها إلا بحكم آخر من الإدارية العليا.

وقال خالد علي، صاحب دعوى بطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، إن النظام يسعى من خلال حكم الأمور المستعجلة إلى منح مجلس النواب غطاء قضائيا يستتر به لتبرير بدء مناقشة الاتفاقية بزعم أن هناك حكما قضائيا من محكمة الأمور المستعجلة بعدم الاعتداد بحكم الإدارية العليا، مدعيا بعد ذلك أن الاتفاقية سارية وصحيحة ومن ثم يحق للبرلمان مناقشتها، وأكد خالد علي أنه سلوك غير قانوني وغير دستوري ومحاولة بائسة لخلق شرعية زائفة لاتفاق يتضمن تنازلا عن أرض مصرية.

وأضاف علي، عبر صفحته الشخصية على فيس بوك، الأحد الماضي، أن الحكم يستهدف تمهيد الأرض لتقوم الحكومة بتقديم دعوى تنازع اختصاص أمام الدستورية العليا، بزعم أن الاتفاقية تعرضت لها جهتان قضائيتان مختلفتان وكل منها تمسك بنظر النزاع وأصدر أحكاما مختلفة عن الأخرى، ومن ثم أصبح هناك تنازع اختصاص بين المحاكم مما يوجب على المحكمة الدستورية العليا الفصل في هذا التنازع لتحدد من هي المحكمة المختصة، ومن ثم تحديد الحكم واجب النفاذ.

ومن جانبه قال السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية الأسبق، والقيادي بالتيار الشعبي، إن ما يحدث الآن يؤكد أن هناك محاولة للمساس باستقلال القضاء وأحكامه بأن تلغي محكمة غير مختصة حكم محكمة أعلى منها، فهذا مؤشر خطير جدا، خاصة مع قضية استغرقت في المحاكم أكثر من 8 أشهر ونظرها كبار القضاة.

تاريخ أسود لـ"الأمور المستعجلة"
ودأبت محكمة الأمور المستعجلة منذ عهد المخلوع حسني مبارك، على لعب دور الباب الخلفي لوقف الأحكام واجبة النفاذ من مجلس الدولة، وهو الأمر الذي يعد مخالفا للقانون، إذ لا يجوز الطعن في أحكام القضاء الإداري أمام القضاء العادي، كما لا يجوز لمحكمة أدنى، أن تتطاول على مقام محكمة أعلى، والمحكمة الإدارية العليا في مقام محكمة الاستئناف، في حين أن الإدارة العليا تشابها في الدرجة محكمة النقض!

ولم يكن مفاجئا أن يتلاعب نظام الانقلاب العسكري عبر "الأمور المستعجلة" في خيانة التاريخ المصري والجغرافيا الثابتة قبل قيام الدولة السعودية اساسا، من أجل حفنة أرز خليجي، في الالتفاف على حكم بات نهائي من أعلى محكمة مختصة، بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير.

وسابقا، ضج قضاء مجلس الدولة، من سلوك دولة مبارك بإهدار حجية أحكام القضاء الإداري، عبر محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، بعابدين، وقد صدر حكم من القضاء الإداري يلزم وزير العدل بإصدار تعليماته لقلم محضري المحكمة بعدم قبول دعاوى الطعن ابتداء في أحكامه أمام القضاء العادي، احتراما لحجية هذه الأحكام، لكن وزير العدل في دولة اللاقانون، لم يلتف إلى هذا الحكم، لأن معناه أن يتم حمل نظام الحكم على الالتزام بأحكام قضائية لا يراد الالتزام بها، أو الانصياع لها، أو احترام حجيتها! وهو ما نشاهده خالا في دولة السيسي.

وقد أكدت المحكمة الإدارية العليا، ما أكدته محكمة النقض، والمحكمة الدستورية العليا، في أحكام متواترة من أن الجهة الوحيدة التي توقف تنفيذ أحكام محكمة القضاء الإداري في الشق المستعجل، هي فقط دائرة فحص الطعون بمجلس الدولة، فلهذه الدائرة أن تقضي بذلك إذا رأت مخالفة الحكم للقانون ويحقق تنفيذه أخطارا يتعذر تداركها، وهو وقف مؤقت، إلى حين الفصل في الحكم أمام المحكمة العليا بمجلس الدولة!

ولم تكن المحاكم الثلاث (النقض، والإدارية العليا، والدستورية العليا) تخترع العجلة، فقد كانت فقط تردد ما جاء في قانون مجلس الدولة، وعندما قامت ثورة يناير كان التصرف الحكومي هذا يتغنى به الركبان، وقد احتشد محامو هيئة قضايا الدولة الذين كانوا يقومون بهذه الطعون المنعدمة وسيئة السمعة، واستغلوا الجو الثوري في الإعلان أمام رئاستهم بأنهم سيتوقفون عن ذلك، وهو ما وافقتهم عليه هذه الرئاسة، فقد جعلت هذه الطعون من هذه الهيئة القضائية، محل عدم رضا من الشعب المصري عليها، ومثل طعنا في الاستقامة القانونية لأعضائها!

الرئيس مرسي يعيد الأمور لنصابها
وكان طبيعيا بعد هذا أن ينص دستور الثورة في عهد الرئيس محمد مرسي، على عدم جواز الطعن في أحكام القضاء الإداري (مجلس الدولة) أمام القضاء العادي، وإذا كان الدستور الحالي الصادر في عهد الانقلاب قد تأثر في بعض نصوصه بهذا الدستور، فقد تأثر بهذا النص، وجاءت المادة (190) منه تنص على أن "مجلس الدولة جهة قضائية مختصة دون غيره في المنازعات الإدارية ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه"!

وهو نص يجعل من الحكم الذي صدر من محكمة "عابدين" الأحد، فيما يختص بجزيرتي "تيران وصنافير" قد تخلق في رحم البطلان وانحدر لمستوى الانعدام ليصبح هو والعدم سواء، فلم يأت فقط متطاولاً على نصوص القانون وعلى أحكام المحاكم الأعلى في مصر، ولكنه أهدر نصاً دستورياً واضحاً، ومثل إهانة للدستور الذي يعد القانون الأعلى، حسب سليم عزوز، في مقال له مؤخرا "ويسألونك عن الأمور المستعجلة".

لا يبدو غريبا أن تتطاول محكمة القاهرة للأمور المستعجلة على حكم لواحدة من المحاكم العليا في مصر، ولكن الغريب هو في حرص السلطة الانقلابية على التفريط في التراب الوطني، وإسباغ مشروعية على عمل من أعمال الخيانة الوطنية، حيث رتب قانون العقوبات عقوبة الإعدام على المساس بسلامة البلاد أو وحدتها أو سلامة أرضيها، على النحو الوارد في المادة (77) منه!

الجديد إذن في حكم  الأحد (2 إبريل) هو أن "الأمور المستعجلة" في زمن مبارك كانت تتطاول على أحكام القضاء الإداري في الشق المستعجل، فتطاولت أول أمس على حكم المحكمة الإدارية العليا، وهى ليست أكثر من محكمة ابتدائية، يقوم عليها قضاة مبتدئون، وهو حكم يستهدف "منازعة" في الاختصاص بطريق الافتعال، تمكن عبد الفتاح السيسي من اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا، وفي ظل التعديل الجديد الذي منحه سلطة اختيار رؤساء الهيئات القضائية، فإن المذكور يكون قد ضمن الحكم بشرعنة التنازل عن الأرض المصرية.

لصالح إسرائيل
فقد أراد قائد الانقلاب العسكري، أن يقدم بهذا الحكم المنعدم "عربون محبة" للكيان الإسرائيلي، عشية الموعد المضروب للسيسي للقاء ترامب، فمن الخطأ بمكان تصوير التنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير"، أنه مقابل "ثمن" دفع له من قبل المملكة العربية السعودية، فهذا التنازل هو لصالح "الكيان" وحتى تتحول المياه إلى مياه دولية لا تملك مصر قراراً بشأنها، فإسرائيل تتحرك بعقدة قرار جمال عبد الناصر بإغلاق المضايق، والسيسي جاء لحماية أمنها القومي!

ولهذا فالسيسي يناضل من أجل تمكينه من التفريط في التراب الوطني، وتسليم الجزر للسعودية..

•  معتز مطر يكشف السر لحكم الامور المستعجلة بسعودية تبران وصنافير

•  تيران وصنافير قضاء ام استثمار سياسي

•  سيناريو عودة جزيرتي تيران وصنافير للسعودية