خبراء: خيانة السيسي في “تيران صنافير” تستوجب العزل والمحاكمة

- ‎فيتقارير

 كتب: يونس حمزاوي
بلا شك فإن عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب، وجد نفسه في قضية التنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير" أمام ورطة كبيرة لم يكن يتوقع أن تكون بهذا العمق والتأزم، وبات على يقين تام بأنه خاسر أمام كل السيناريوهات والاحتمالات.

وفي هذا التقرير نرصد آراء عدد من الخبراء الذين يؤكدون أن خيانة السيسي بالتنازل عن "تيران وصنافير" تستوجب العزل والمحاكمة؛ لأنه أهدر الدستور والقانون، ونسف فكرة دولة القانون من الأساس بعدم اكتراثه بأحكام القضاء وعدم تنفيذه لها.

جريمة إحالة الملف إلى البرلمان

أول هذه المشاهد هو قرار حكومة السيسي، يوم الخميس الماضي 29 ديسمبر 2016، بالموافقة على الاتفاقية وإحالتها إلى مجلس النواب، على الرغم من حكم مجلس الدولة ببطلان الاتفاقية، الأمر الذي يستوجب تنفيذ الحكم ببطلان الاتفاقية من جانب السيسي وحكومته أولا قبل أي شيء، ما يجعل من إحالة الملف إلى البرلمان منعدما من الأساس؛ لأن القضاء قد ألغى الاتفاقية بالفعل وحكم ببطلانها.

يقول الفقيه القانوني والدستوري المستشار طارق البشرى، بحسب تصريحات له يوم الخميس الماضي، لصحيفة الشروق: إن «قرار الحكومة بإحالة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية لمجلس النواب يخالف بشكل واضح حكما قضائيًا نافذًا، حيث ألزم القضاء الإداري الحكومة بتنفيذه مرتين؛ مرة عندما صدر في يونيو الماضى، ومرة عندما تم رفض الإشكال الذي أقامته الدولة لوقف تنفيذه، وتم قبول إشكال استمرار تنفيذه فى نوفمبر الماضى».

وأبدى «البشري»، النائب الأول الأسبق لرئيس مجلس الدولة، تعجبه من إقدام الحكومة على هذه «المخالفة الكبيرة للقانون»، مشيرا إلى أن مخالفة حكم قضائى نافذ حتى الآن يعد «جريمة بحكم الدستور والقانون».

وتنص الفقرة الثانية من المادة 100 من دستور الانقلاب القائم على أن «يكون الامتناع عن تنفيذ الأحكام أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون، وللمحكوم له فى هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة»، كما توجب الفقرة الثالثة من المادة ذاتها على النيابة العامة بناء على طلب المحكوم له «تحريك الدعوى الجنائية ضد الموظف الممتنع عن تنفيذ الحكم أو المتسبب فى تعطيله».

وأوضح «البشري»، أنه «لا يوجد أى سبب وجيه لعدم إرجاء الخطوة التى اتخذتها الحكومة حتى تفصل المحكمة الإدارية العليا فى الطعن المقام من الحكومة على حكم القضاء الإدارى فى 16 يناير المقبل»، مؤكدا أن هذه المخالفة تضاف إلى سجل حافل بالمخالفات فى هذا الملف، بدأت بالتنازل عن جزء من أرض الوطن، ووصف التنازل عن سيادة مصر على جزء من أراضيها بأنه من أعمال السيادة، ثم التذرع بوجود إشكالات لوقف تنفيذ حكم القضاء الإدارى أمام محكمة غير مختصة هى الأمور المستعجلة.

وتعليقا على المبرر الذى ساقته الحكومة لإقدامها على هذه الخطوة الآن، بأنها تستجيب لطلبات الإحاطة المقدمة من بعض النواب، أكد أن «طلبات الإحاطة لا علاقة لها بالواجب الموقع على الحكومة بتنفيذ الحكم، وكان يجب الرد على هذه الطلبات بأن الإجراء قد ألغته محكمة القضاء الإدارى، وأن الأمر ما زال منظورا أمام محكمة الطعن».

فضيحة حكم "الأمور المستعجلة"

أما ثاني مشاهد الفضيحة والخيانة، فهو حكم محكمة مستأنف الأمور المستعجلة، الذي أيد موقف السيسي وحكومته، والذي اعتبره المستشار أحمد مكي، وزير العدل بحكومة الدكتور هشام قنديل، "فضيحة" وليس له قيمة.

وقضت محكمة مستأنف القاهرة للأمور المستعجلة برئاسة المستشار أسامة صبري، اليوم السبت، برفض الاستئناف على حكم أول درجة بوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.

وأضاف مكي- في تصريحات صحيفة، اليوم السبت- أن الأحكام التي تصدر من محكمة الأمور المستعجلة، أي من القضاء المدني، ليس لها علاقة بوقف الأحكام الإدارية على الإطلاق، معتبرا أن ذلك "جريمة" في حق القضاء.

وتابع "حكم الأمور المستعجلة صادر بأوامر من السلطة التنفيذية، وأصبحنا في دولة لا تحترم القضاء"، مؤكدا أن إحالة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية إلى مجلس النواب يمثل اعتداء على استقلال القضاء.

واستطرد "القرار النهائي في أمر جزيرتي تيران وصنافير ليس في يد الحكومة أو البرلمان أو القضاء، ولكن ما يريده السيسي هو الذي سيكون".

ومن جانبه، شدد «البشري» على أنه «لا يجوز تبرير إحالة الاتفاقية للبرلمان بصدور حكم سابق من محكمة الأمور المستعجلة بوقف تنفيذ حكم بطلان الاتفاقية، أو أي حكم بالمعنى ذاته من محكمة مستأنف الأمور المستعجلة اليوم السبت»، مؤكدا أن قضاء مجلس الدولة هو المختص وحده بنظر الإشكالات المتعلقة بتنفيذ أحكامه وفقا للدستور والمبادئ القضائية السابقة، وأن جميع الأحكام الصادرة من محاكم أخرى بوقف تنفيذ أحكامه «ليست باطلة فقط، بل منعدمة، لأن هذا الاختصاص جزء من الولاية القضائية الأصيلة لمجلس الدولة، ولا ولاية لأى جهة أخرى على هذه الإشكالات».

وكان «البشري» قد أكد، فى تصريحات سابقة، أن «العملية السياسية لتوقيع اتفاقية دولية تتكون من قرار إدارى تصدره الدولة ثم يصدق عليه مجلس النواب، بعمل تشريعى يتم به التكوين الدولى للقرار، وفى حالة تيران وصنافير صدر قرار إداري من الحكومة لم تستكمله السلطة التشريعية، وأبطلته محكمة القضاء الإداري، وبالتالى فمجلس النواب لا يستطيع المضى قدما فى التصديق على هذا القرار».

تستوجب العزل والمحاكمة

وبدوره، انتقد الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق إحالة مجلس الوزراء اتفاقية تيران وصنافير إلى مجلس النواب.

وقال "فاروق"، في منشور عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "بعد خطوة تصديق حكومة السيسي على ما يسمى اتفاقية ترسيم الحدود وتسليم جزيرتي تيران وصنافير إلى مملكة آل سعود، وتحويل هذه الاتفاقية إلى مجلس النواب، أطالب الآن بتسجيل اسم كل نائب يصوت لصالح بيع تيران وصنافير إلى هذه المملكة، ونشر قائمة العار تلك؛ تمهيدًا ليوم لا أشك لحظة واحدة بأنه آت لمحاكمتهم وعزلهم سياسيا إلى الأبد، والمطالبة فورا بمحاكمة شعبية للسيسي، الذى سيأتى يوم قريب جدا يقدم إلى محاكمة وطنية بتهمة التفريط في الأراض المصرية، وتوقيع الجزاء العادل، نحن الآن على المحك بين الوطنيين الحقيقيين وبين الخونة بكل ما تحمله الكلمة من معنى".