كتب: يونس حمزاوي
مفارقة عجيبة أثارتها بعض الصحف العالمية، في سياق تعليقها على خروج الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك "88 عاما" من فترة السجن التي قضاها في "مستشفى المعادي العسكري" إلى بيته، بعد 6 سنوات من المحاكمات الصورية التي خرج منها بريئا؛ لافتة إلى أن الاستبداد يعود إلى حكم مصر، ومبارك يعود في ذات الوقت إلى فيلاته بمصر الجديدة، بينما تذهب دماء 850 من شهداء يناير أدراج الرياح.
صحيفة "جارديان" البريطانية اعتبرت- في تقرير لها اليوم السبت- أن حصول مبارك على حريته، يمثل لحظة قاتمة في تاريخ مصر الحديث، في نظر أولئك الثوار الذي سعوا للإطاحة به.
وقالت الصحيفة، إن مبارك عاد إلى بيته حيث تناول الطعام مع عائلته وعدد من أصدقائه المقربين، ووجه الشكر إلى من دعموه طوال مدة سجنه، وفقًا لما صرح به فريد الديب، محامي المخلوع.
وبأسلوب غير مباشر، اتهمت الصحفية مبارك بالتحايل والتمثيل على القضاء والمجتمع، لافتة إلى أن "الرجل القوي" الذي حكم مصر لثلاثة عقود، كان يظهر في جلسات المحكمة بصورة هزيلة، ممدا على نقالة ومرتديا نظارة شمس سوداء، ما أدى إلى تكرار شائعات موته. ولكن وفقا للصحيفة، صحة الرجل الطاعن في السن كانت تسمح له بأن يطل من نافذة الغرفة التي يرقد بها في المستشفى ليلقي التحية على من كانوا يتجمعون بالخارج في أعياد ميلاده وذكرى نصر أكتوبر على إسرائيل.
وأفادت الصحيفة بأن سقوط نظام مبارك قبل 6 سنوات، أعطى إشارة بإمكانية حدوث تغييرات كثيرة في العالم العربي، وكان بداية الإطاحة بأنظمة عربية راسخة، ودلل على أن أقوى القادة العرب لم يصبحوا محصنين من الملاحقة القضائية.
ولكن بإطلاق سراحه اليوم، حطم أمنيات هؤلاء الناس الذين أملوا في التغيير، وأصاب المصريين بالإحباط، خاصة أن منهم من ضحى بحياته لإنهاء حكم الرئيس الأسبق.
وقضت محكمة النقض المصرية، في الثاني من مارس الجاري، ببراءة مبارك بشكل نهائي من تهمة الاشتراك في قتل المتظاهرين.
لكن مبارك لا يزال خاضعا لقرار منعه من السفر، الصادر على ذمة تحقيقات تجريها النيابة بتهمة الكسب غير المشروع، المعروفة إعلاميا بـ "قضية هدايا الأهرام".
من غرفة على النيل إلى فيلا بمصر الجديدة
بينما أشارت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية إلى أن مبارك المريض، 88 عاما، قد غادر غرفته التي تطل شرفتها على النيل بمستشفى المعادي جنوبي العاصمة المصرية القاهرة، ليذهب إلى منزله في حي مصر الجديدة الراقي، وسط حراسة مشددة، وذلك للمرة الأولى منذ 6 سنوات.
وقالت إن إخلاء سبيل مبارك وعودته لمنزله يمثل صفحة جديدة للديكتاتور السابق، الذي ثار عليه شعبه في العام 2011.
واعتبر تقرير للوكالة أن إخلاء سبيل الرئيس المخلوع يمثل فشلا للربيع العربي الذي هبت رياحه على عدد من البلدان في عام 2011م، وإحباطا للثوار الذي هبوا للإطاحة به.
ونقل التقرير تصريحات أدلى بها فريد الديب، محامي مبارك، والتي كشف فيها عن عودة الرئيس المخلوع لمنزله مع نجليه علاء وجمال، وأفراد الأسرة بأكملها، بمن فيهم زوجة مبارك، ليحتفلوا جميعا بعودته بتناول الإفطار سويا.