جاءت أحكام الدستورية العليا أمس السبت 3 مارس 2018م صادمة للشعب المصري الذي يؤمن الغالبية الساحقة منه أن جنرال 30 يونيو عبدالفتاح السيسي خان الشعب والوطن وفرط في التراب الوطني وباع سيادة مصر على أراضيها بثمن بخس.
ويأتي تفريط عسكر 30 يونيو عن “تيران وصنافير”، متسقا مع توجهات العسكر منذ انقلاب “1952” الذي تواطأ على احتلال الصهاينة لمنطقة “أم الرشراش” المصرية في حرب 1948م.
هذه الأوضاع المزرية والفشل المتواصل والخيانات الفاضحة المتواصلة، والمرارة التي يشعر بها كل غيور على هذا الوطن والخوف على مستقبل البلاد في ظل حكم فاشٍ ديكتاتوري يمارس أبشع الانتهاكات بحق شعبه وينبطح مستسلما بل عميلا أمام أعدائه الذين باتوا في زمن الانقلاب أصدقاء يتم التباهي بتعزيز العلاقات معهم!
وحسب مراقبين فإن تواطؤ المحكمة الدستورية مع عسكر 30 يونيو يفتح الباب أمام جموع الشعب للتفكير في طرق إزاحة كابوس الاحتلال العسكري على مصر والاحتلال السعودي على “تيران وصنافير” والاحتلال الصهيوني على “أم الرشراش” التي يطلق عليها الصهاينة حاليا “إيلات”!
ختم الدستورية لابن سلمان
وأصدرت المحكمة الدستورية أمس السبت حكمين أنهيا المسارات القضائية المتنازعة حول اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، التي تقضي بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر لصالح المملكة. بما يعني تقنين خيانة الجنرال ووضع ختم الرسمية على الصفقة المشبوهة استمرار تطبيق الاتفاقية وعدم تغيّر موقفها القانوني.
وفي حكمها الأول؛ قضت المحكمة، برئاسة المستشار حنفي على جبالي، بعدم الاعتداد بكل الأحكام المتناقضة الصادرة من مجلس الدولة والقضاء المستعجل بشأن الاتفاقية، لأن الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية في شأن الاتفاقيات والأعمال السياسية، تقع فى مجال الاختصاص المشترك، والرقابة المتبادلة، بين السلطتين التنفيذية والتشريعية؛ ممثلة في مجلس النواب، وذلك بحسب ملخص المحكمة لحيثيات الحكم.
وقضت في حكمها الثاني، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، بعدم قبول دعويين منازعة التنفيذ المقامتين من «هيئة قضايا الدولة» ضد حكم القضاء الإداري الصادر في 21 يونيو 2016، ببطلان توقيع رئيس الوزراء على الاتفاقية، لعدم تعارض -الحكم- مع أحكام سابقة للدستورية العليا.
وجاء هذان الحكمان قبل يوم واحد من زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للقاهرة اليوم الأحد 4 مارس 2018 والتي تستغرق 3 أيام يناقش خلالها قضية الجزيرتن وإنهاء الإجراءات نهائيا لإنهاء السيادة المصرية عليهما ثم صفقة القرن وحصار قطر وإنهاء القضية الفلسطينية بالتسليم لكل شروط الصهاينة والأمريكان.
“أم الرشراش” جديدة
وتعتبر جزيرتا “تيران وصنافير” هما القطعة الثانية من تراب الوطن التي فرط فيها العسكر لآخرين، فالأولى هي منطقة “الرشراش” المصرية التي احتلها الصهاينة عام 1948م، وتواطؤ عسكر 23 يوليو على تراب الوطن ورغم الخطب الرنانة للديكتاتور جمال عبدالناصر وثرثرته الكثيرة عن الوطنية والعروبة إلا أنه لم يسع يوما لاستراداد “أم الرشراش”؛ بل تسبب بعنجهيته وتهوره وتظاهره بالبطولة الزائفة في احتلال سيناء كاملة والقدس والجولان في هزيمة “67” المدوية.
كانت أم الرشراش تحت الحكم المصري حتى نهاية القرن التاسع عشر وأثناء حكم الطولونيين، وفي عام 1906 وبسبب وجود مصر تحت الاحتلال البريطاني قامت القوات العثمانية بالسيطرة على أم الرشراش، ووقعت أزمة عالمية وقتها قامت على إثرها بريطانيا بالضغط على اسطنبول، وانسحبت القوات العثمانية وعادة أم الرشراش لمصر بفرمان عثماني، ومع نهاية حرب فلسطين كان يقيم بها حوالي 350 فردا من جنود وضباط الشرطة المصرية حتى يوم 10 مارس 1949 عندما هاجمتها إحدى وحدات العصابات العسكرية الصهيونية مستغلة في ذلك انسحاب الحامية الأردنية والتي كانت تحت إمرة قائد انجليزي، وقتلت كل من فيها واحتلتها غدرا بقيادة إسحاق رابين، رئيس وزراء إسرائيل في هذا الوقت، ولأن القوات المصرية كانت ملتزمة بعدم إطلاق النار حسب اتفاقية الهدنة بين مصر وإسرائيل لإنهاء حرب 1948، فلم تطلق الشرطة المصرية طلقة واحدة، أما اليهود فقد كسروا الاتفاقية وقاموا بمذبحة قتل فيها جميع أفراد الشرطة المصرية واحتلوا أم الرشراش وحولوها إلى ميناء إيلات 1952.
ومنذ حكم العسكر 1952م فإن أم الرشراش لا تزال أرضا مصرية محتلة من جانب الصهاينة ولم يبذ حكام العسكر عبدالناصر والسادات ومبارك أي جهد يذكر من أجل استرداد أم الرشراش المحتلة.
وجاء السيسي بعد انقلاب 30 يونيو 2013م، فخلق كارثة أخرى وفرط في التراب الوطني وباتت جزيرتا “تيران وصنافير” أرضا مصرية محتلة بمباركة عسكر 30 يونيو.
ويتوجب على الشعب المصري أن يثور في وجه طغيان العسكر لوقف النزيف المستمر والتفريط في مزيد من التراب الوطني ووضع حد لخيانات العسكر التي لا تتوقف أمام بريق السلطة والمال.