قال المستشار عماد أبو هاشم، عضو المكتب التنفيذى لحركة «قضاة من أجل مصر»: إن الحراك الثوري- في أعقاب الانقلاب العسكري وحتى اللحظة الراهنة- يفتقد للتخطيط والتنسيق، ما تسبب في حالة من الترهل الثوري، أهدرت الكثير من الفرص، كان بالإمكان استغلالها للقفز منها إلى تحقيق تقدم أكبر نحو الهدف المرجو.
وأضاف أن حالة الافتقار الكلي إلى استراتيجية توضح ترتيب الأولويات في الزمان والمكان وتحدد أهداف مسار العمل الثوري بشكل ممنهج مدروس، وصولا إلى تحقق الاستفادة المثلى من الموارد والإمكانات البشرية والمادية المتاحة على الأرض في الوقت المناسب، ضاعف من حالة الترهل الثوري واختلال البوصلة السياسية.
وتابع أبو هاشم- في مقال نشر اليوم على صفحته- أنه كلما لوح الانقلاب بإعدام الرئيس أو سرب معلومات أو بدت منه الدلائل على اقتراب ذلك، تثور المشاعر وتغلى الدماء في الرؤوس، ثم لا تلبث نار الأمس أن تغدو رمادا تذروه الرياح، ويتحول لفحها إلى برد وسلام حين تظهر طائفة الحكماء الثوريين يدفعون بالثورة إلى ثلاجة الموتى، كل منهم يسوق لنفسه بما يرضى أمريكا وإسرائيل لخلافة مرسي والمرشد، فمن سترضى عنه أمريكا وإسرائيل ليتسلم مفاتيح النيل؟.
واستطرد "لم أقرأ في تراث الشعوب- قط- أن الثورات تدار بأساليب الميكيافيلية السياسية، الثورات تحكمها قوانينها ونظمها الخاصة وفق شرعيتها الخاصة، والقاعدة أنه لا سياسة في الثورات ولا ثورات في السياسة؛ ذلك أن السياسة إن تدخلت في مسار الثورة عرقلته، والثورة إن تناولت منهاج السياسة أفسدته، فكلاهما ضدان لا يجتمعان- قط- إلا في مصر، إن الثورة بمثابة التدخل الجراحي- كحل لا بديل عنه- لاستئصال مرض عضال خطير لا يحتمل التسويف والتأخير، والثائر بمثابة الجراح الذى يجب أن يتسم بالحزم والحسم فى اتخاذ القرار قبل أن يفيق المريض من التخدير ولا زال بطنه مفتوحا.
وقال أبو هاشم: لقد أشهر الوقت سيفه على رقبة الرئيس منتظرا ساعة الصفر، فإن لم نقطع اليد التي تحمل ذلك السيف قطعت هي رقبة الرئيس، ورغم أن الجميع يشهد ذلك الوضع المأساوي بعينيه، إلا أن طائفة الحكماء ما زالت تجلب التطمينات الأمريكية كل زيارة لأمريكا لتطرحها في السوق الثورى المصري- مجانا- يوم الثلاثاء من كل أسبوع، ولا أدري هل يسوقونها فقط أم يتعاطونها أيضا؟.
وأكد أن التشوش بلغ بالكثيرين إلى الدرجة التي لم يعودوا معها قادرين على التمييز بين الصواب والخطأ، فأحيانا يبادرون- من تلقاء أنفسهم- إلى بذل المزيد من الجهد لتحقيق أهداف فرعية لا تتناسب البتة مع الجهد المبذول في سبيل إنجازها، ولا تصل بهم إلا إلى وهم وسراب، كاستصدار قرار أممي بإدانة اعتقال الأطفال في الوقت الذى بدأ فيه الإنقلاب ذبح الرهائن التي يحتجزها في معتقلاته، فهل يثمن أو يغنى مثل ذلك القرار من جوع، وفقا لاستراتيجية ترتيب الأولويات التي تجعل من إنقاذ رهائن الانقلاب- وعلى رأسهم الرئيس مرسي، الهدف الأسمى للحراك الثورى خلال الفترة القادمة؟.
وتوجه برساله إلى قادة الحراك الثوري قال فيها: "إذا كنا- بعد- لم نفرق لدى تعاملنا مع المحاكم الدولية بينها وبين محكمة جنح الأزبكية، وإذا كان الأمر ما زال يختلط علينا بين الأمين العام للامم المتحدة وبين مأمور قسم روض الفرج، وإذا كانت تصرفاتنا القانونية لا تعدو أن تكون مجرد شكاوى في مقدور أقل "عرضحالجى" يفترش الأرض أمام محاكم مصر أن يرسل بالآلاف منها، وإذا كنا نفتقد الهدف والرؤية ونسير بعشوائية دون ترتيب لأولويات العمل الثوري التي يجب إنجازها أولا، وعلى سبيل الانفراد أو بالتزامن مع أهداف أصغر كالتي ضربت بها المثل سلفا، فإنني أقول لكم: ما لم تبادروا إلى التغيير الجذري وبأسرع وقت ممكن، فلتتقبلوا العزاء في مرسي وفي الثورة وفي مصر بأسرها من تلك اللحظة، فالعشوائية لا تصنع نظاما ولا تنتج ثورة ولا تحرر أرضا، عشوائيتكم التي أصبحت أقوى من الرصاص الذى يخترق صدور الثوار كل يوم جعلت زحفنا الثوري المقدس أشبه بحرب الفراولة.