كتب: أنور خيري
تجرد أب من مشاعر الإنسانية، وقام بإلقاء ابنه الرضيع من شرفة منزله بالطابق الرابع بالإسكندرية؛ بسبب مروره بأزمة مالية، أمس الخميس. فبسبب الفقر الذي بات يهدد نحو 70% من الأسر المصرية في عهد الانقلاب العسكري، وفق تقديرات حقوقية، قام "محمد ح ع" (30 سنة عاطل) بإلقاء ابنه الرضيع ذي العام وثلاثة شهور، بعد مشادة مع زوجته بسبب المصروفات المنزلية بمنطقة الدخيلة بالإسكندرية، ثم فر هاربا. تشير الحادثة إلى مدى الانهيار الاقتصادي الذي تمر به غالبية الأسر المصرية، بعيدا عن أعين المسؤولين الذين يستقون معلوماتهم من إعلام لا يرى إلا المناطق الفارهة ونوادي وكامبوندات التجمعات الباهظة الأثمان، فيما تغط عشوائيات وقرى ومدن مصر بملايين الجائعين والفقراء الذي لا يجدون إلا بيع أبنائهم للأغنياء الذين حرموا الولد، أو تركهم عالة في الشارع ليكونوا قنابل موقوتة وأداة في يد البلطجية وتجار المخدرات، لترتفع نسب الجرائم التي تهدد استقرار البلاد ككل. الأب القاتل يعاني البطالة والفقر؛ بسبب سياسات العسكرة التي تغولت على كل المشروعات في مصر، وتحولت معها كبريات الشركات الاستثمارية إلى مجرد مقاول من الباطن، يأحذ الفتات من شركات الجيش التي لا يمكن منافستها، لانخفاض تكاليف تشغيل العمالة، الذين في غالبهم جنود سخرة، ومن ثم لا تجد الشركات الكبرى إلا الاستغناء عن العمالة وطردهم، لتتواءم مع مقتضيات سيطرة العسكر على الحياة الاقتصادية… وسط تهليل من الأذرع الإعلامية لقدرات الجيش الفائقة على الإنجاز، سواء في مشروع التفريعة الجديدة، الذي استلزم إنجازه الاستعانة بـ75% من كراكات العالم للحفر خلال عام، ليرضي غرور قائد الانقلاب، مكلفا الشعب المصري ديونا بـ100 مليار جنيه، يسدده المصريون، بلا جدوى اقتصادية ملموسة، سوى الظهور بمظهر الإنجاز بعد الفشل في كافة المشروعات التي تم الإعلان عنها، من معالجة الفيروسات بالكفتة، إلى مشروع محطات نووية وقمر صناعي وصاروخ فضائي، إلى المليون وحدة سكنية، إلى استصلاح مليون فدان.. وغيرها من المشروعات التي تحولت إلى مجرد "فنكوش" لا يرى ولكن نسمع عنه كثيرا!!. آخر مشروعات العسكر التي أعلن عنها اليوم، هو تطوير القدرات العلاجية والهندسية لمعهد القلب القومي، والتي قام بها الجيش، وسط ترحيب إعلامي وتهليل، دون النظر للتوازن الاقتصادي والإفقار الذي بات يهدد أكثر من 70% من الأسر. وبسبب تلك السياسات المدمرة، ارتفع عدد العاطلين عن العمل في مصر إلى 3.5 مليون مواطن، ما يعادل نحو 31% من المصريين عاطلين عن العمل، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء نهاية 2014، فيما نحو 72% منهم كانوا يعملون من قبل وفقدوا وظائفهم. ولفت تقرير "الإحصاء" إلى أن 33"% من العاطلين عن العمل حاصلون على شهادات عليا، و45% من حَمَلة المؤهلات المتوسطة. ولفت إلى أن "نسبة البطالة ارتفعت إلى 31%، بينما كانت 9% قبل عام 2011".