20 مليون دولار قدمتها الإمارات لواشنطن للانقلاب على مرسي

- ‎فيعربي ودولي

محمد مصباح
ضمن حلقة جديدة من فصول تسريبات بريد السفير الإماراتي لدى الولايات المتّحدة، يوسف العتيبة، كشف موقع "إنترسبت" المتخصّص، يوم الخميس، عن أن الإمارات بصدد المساهمة بمبلغ 20 مليون دولار على مدى عامي 2016 و2017 لـ"معهد الشرق الأوسط"، أحد أكبر اللوبيات في واشنطن.

ومن شأن تلك المساهمة الضخمة، التي كانت الإمارات تأمل إخفاءها، أن تسمح للمعهد، وفقًا للاتفاق المبرم، بـ"تعزيز طاقم باحثيه بخبراء متخصصين من أجل مواجهة المفاهيم الخاطئة الفادحة حول المنطقة، وإبلاغ صنّاع القرار في مؤسسة الحكم الأمريكية، وجمع قادة إقليميين لإجراء حوار مكثّف حول القضايا الملحّة".

ساويرس ومعهد الشرق الأوسط

وأظهرت الوثائق المسربة، أنه في عام 2013 بدأ العتيبة فعلًا يضطلع بدوره، استنادًا إلى الرسائل المتبادلة بينه وبين الناشط والباحث المصري رامي يعقوب، والتي تكشف بعض التفاصيل حول الترتيبات المشتركة التي اتّخذت منذ ذلك الوقت.

يقول العتيبة ليعقوب في إحدى تلك الرسائل: "اتّفاق معهد الشرق الأوسط يتضمّن دفع 1.5 مليون سنويًّا، سأهتمّ بذلك"، مردفًا: "سوف توفّر جماعات الضغط والاتصالات لمجموعة المعارضة، لأنني لا يمكنني القيام بذلك أولًا، وثانيًا لأن المبلغ سيكون أقلّ بكثير".

ردًّا على ذلك، يجيب يعقوب في رسالة موجّهة في يناير2013: "حسنًا.. كان لدي انطباع بأنه سيموّل ذلك جزئيًا. سأعمل مع ريتشارد من أجل تحريك الأمور في أسرع وقت ممكن، وسأشرح ذلك لنجيب".

ويوضح الموقع، إلا أنّه يرجّح أن يكون الأول هو ريتشارد مينتز، الممثل الأبرز للعتيبة في واشنطن، والثاني هو الملياردير نجيب ساويرس، الذي حصل قبل شهرين من ذلك فقط على "جائزة معهد الشرق الأوسط للتميز في الإدارة المدنية"، خلال مأدبة المعهد في ذكرى تأسيسه الـ66.

وبالاستناد إلى ما سبق، فإن ما يقصده العتيبة بـ"مجموعة المعارضة" سيكون، على الأغلب، المجموعات المناوئة في حينه لحكم الرئيس المنتخب، محمد مرسي، قبل أن يتمّ الانقلاب العسكري عليه في يوليو2013.

"البترودولارات" مقابل النفوذ

يشار إلى أن "معهد الشرق الأوسط"، الذي تأسس في عام 1946، كان منذ فترة طويلة لاعبًا مؤثّرًا في دوائر السياسة الخارجية في واشنطن. وهو بمثابة منصّة للعديد من الشخصيات الأكثر تأثيرًا في الولايات المتّحدة، الأمر الذي يتيح لهم الظهور بشكل منتظم على المحطّات التلفزيونيّة الأمريكية، وفي المؤتمرات والندوات التي تضمّ شخصيّات نافذة في مؤسسة الحكم.

ويضيف الموقع أن معاهد البحث والتحليل في واشنطن، المعروفة باسم "Think Tanks"، تلعب دورًا مهمّا، ربّما يضاهي الأهمّية التي يمثّلها شارع "كيه ستريت" (حيث تتركّز مجموعات الضغط والمصالح)..

وتضمّنت الوثيقة المسرّبة إلى موقع "إنترسبت" مجموعة من المراسلات الدبلوماسية التي استخرجت من حساب البريد الإلكتروني للعتيبة؛ "إما من قبل قراصنة إلكترونيين أو عبر شخص يملك إمكانية الوصول إلى صندوق الوارد".

ولم تتضمّن الوثيقة تفسيرًا واضحًا لمصطلح "التصورات الخاطئة" التي ستسخّر الأموال من أجل القضاء عليها، غير أن العتيبة لم يخف سرًّا حول "ازدرائه" لقطر، والتي زعم أنها "ممولة للإرهاب"، ولم يكتم رغبته كذلك في أن تتخذ الولايات المتّحدة خطًّا متشدّدًا ضد إيران.

وينوّه الموقع إلى الصلات الواسعة التي يملكها العتيبة مع أقطاب الإدارة الأمريكية الحالية، ولا سيما صهر دونالد ترامب وكبير مستشاريه، جاريد كوشنير، إضافة إلى قربه، منذ فترة، بمدير "سي آي إيه"، مايك بومبايو، وإقامته علاقات شخصيّة مع مسئولين ونوّاب في البيت الأبيض ومجلسي الشيوخ والنواب. هكذا يتباهى العتيبة نفسه، مثلًا، في رسالة وجّهها إلى الباحث في معهد الشرق الأوسط، بلال صعب، زاعمًا أنه تلقّى اتصالًا من وزير الدفاع الأمريكي، الجنرال جيمس ماتيس، قبل ضرب سوريا، "بسبب علاقتي به" كما يقول، مضيفًا: "لم يكن مسئولًا في واشنطن أو في البنتاغون؛ بل كان ماتيس نفسه من تحدّث على الهاتف".

وإلى جانب ذلك، كان العتيبة من أبرز الداعمين في واشنطن لمحمّد بن سلمان، خلال الفترة التي كان يعمل خلالها من أجل السيطرة على الحكم في السعوديّة، قبل أن يعيّن أخيرًا وليًّا للعهد، بعد الإطاحة بوليّ العهد السابق، محمد بن نايف.

وفي الوقت الذي تشير فيه بعض المعطيات إلى دور رئيسي للإمارات في افتعال الأزمة الدبلوماسيّة في الخليج، والتي أعقبت حصار قطر، لا سيّما بعد أن كشفت صحيفة "واشنطن بوست"، نقلًا عن مصادر استخباراتيّة أمريكيّة، أن الإمارات كانت وراء اختراق وكالة الأنباء القطرية في بداية الأزمة؛ تتّجه الإمارات اليوم إلى إنفاق نحو 20 مليون دولار لتمويل مركز لصناعة السياسات يضمّ مسئولين أميركيين رفيعي المستوى، يساهمون في صياغة بعض الرؤى حيال قضايا دوليّة، كالأزمة التي أثارتها الإمارات.

مواجهة المفاهيم الخاطئة

غير أن الدعاية المبهمة التي يتحدّث عنها العتيبة، وتتعلق بـ"مواجهة المفاهيم الخاطئة الفادحة حول المنطقة"، ويضاعف مساهمات بلاده الماليّة في سبيلها من 1.5 مليون دولار إلى 20 مليون دولار"، مرتبطة على الأغلب بـ"الإخوان المسلمين" والإسلام السياسي عمومًا، وقطر، بالإضافة إلى إيران.