دلالات توسع السيسي في اغتيال الشباب.. خوف من ثورة أم بطولة زائفة؟

- ‎فيتقارير

 كتب: يونس حمزاوي
توسّعت عصابات السيسي، سواء بالجيش أو الشرطة، في جرائم الاغتيال الجسدي لنشطاء بحجة أنهم إرهابيون، وتمت خلال السنوات الثلاث الماضية عشرات الجرائم التي أريقت فيها دماء أبرياء دون تحقيق أو محاكمات.

ومن هذه الجرائم وأبشعها مقتل 13 من قيادات قطاع وسط الدلتا بجماعة الإخوان المسلمين بحي البشاير بمدينة 6 أكتوبر، غرة يوليو 2014م، وزعمت وقتها عصابات الداخلية أنهم قتلوا في تبادل لإطلاق النار، ونشرت صورًا لهم وبجوارهم بعض الأسلحة التي تم وضعها إلى جانبهم، بينما تم الكشف عن أنهم ضربوا جميعا من الخلف، ما يعني أنهم اغتيلوا عمدا مع سبق الإصرار والترصد.

ومن يومها استسهلت مليشيا الانقلاب جريمة الاغتيال، حيث قتلت في مايو الماضي، 8 من عناصر الإخوان بأسيوط، مدعية أنهم كانوا يعدون لعمليات عنف. وآخر هذه الجرائم ما أعلنته وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب، اليوم السبت 8 يوليو 2017م، عن اغتيال 14 شابا بصحراء محافظة الإسماعيلية، ادعت أنهم على علاقة بولاية سيناء، تم قتلهم في تبادل لإطلاق النار. كما اغتالت، اليوم، شابين بالإسكندرية زعمت أنهما ينتميان إلى حركة "حسم" الرافضة للانقلاب.

ماذا يريد قائد الانقلاب؟

فإلى أي شيء يهدف رئيس الانقلاب بهذه الجرائم والتوسع في الاغتيالات خارج إطار القانون، لا سيما وأن مصر تحولت مع انقلاب 30 يونيو المشئوم إلى غابة اختفى منها التنافس السياسي الشريف والنزيه، والاحتكام إلى الشعب كما أقرته ثورة 25 يناير إلى قوة السلاح؟ وهل جاء السيسي نفسه إلى كرسي الحكم إلا على ظهر دبابة، وفي سبيل طموحه هذا اعتقل رئيسا منتخبا ورئيس وزراء وعشرات الوزراء وآلاف الشباب والنشطاء، وسفك دماء الآلاف من الأبرياء من أنصار ثورة يناير؟!.

وبحسب مراقبين، فإن السيسي يستهدف نشر حالة من الخوف والفزع بين جموع الشعب؛ تنكيلا بالشباب على دورهم الكبير في ثورة يناير، وفي سبيل خوفه من تكرار تجربة يناير ينشر السيسي سموم الخوف في كل أرجاء الوطن، مقتديا في ذلك بمثله الأعلى فرعون، عندما وجد السحرة قد خرجوا قيد الخوف منه متحررين {قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71)} طه.

ويؤكد مراقبون أن ممارسات مليشيا الانقلاب تسهم في نشر الإرهاب والتطرف لا قمعه والقضاء عليه؛ لأن القضاء على العنف لا يكون إلا بالعدل والحرية والمساواة، وهي المعاني التي يدوس عليها الانقلاب بأحذيته الثقيلة.

الانتقام والثأر وغياب مفهوم الدولة

وفجر الجمعة 7 يوليو 2017، شنت عناصر مسلحة بشمال سيناء هجوما شاملا على الكتيبة 103، أسفرت عن مقتل 21 من عناصر الجيش وإصابة آخرين. وفي سبيل عدم الظهور بمظهر الضعيف المهزوم ادعى المتحدث باسم الجيش قتل 40 من العناصر المشاركة في الهجوم، وبحسب صحف الانقلاب قالت إن عددهم بلغ 150 مسلحا.

ويأتي اغتيال هذا الرقم الكبير اليوم بالإسماعيلية، إضافة إلى اثنين آخرين بالإسكندرية كنوع من الثأر والانتقام، مع أن هذا يتنافى مع مفهوم الدولة الذي يعلي من قيمة القانون، بضرورة ضبط الجناعة وتقديمهم إلى محاكمة عادلة بمعايير دولية، ولكن السيسي يتعامل يمنطق الثأر لا القصاص، ما يعني أنه يسلك مسلك المافيا والعصابات، لا مسلك الحكومات والدول.

الفبركة والتلفيق

ويصاحب هذه الجرائم التي تقوم بها مليشيا السيسي، أعتى حملة من الأكاذيب والفبركة والتلفيقات بحق الضحايا؛ فيكفي أن يطلق على الضحية من هؤلاء لفظ "إرهابي" حتى تسقط تماما جميع حقوقه القانونية، ويصير دمه مهدرا ومستباحا، وحريته مسلوبة، ويسومونه سوء العذاب.

ولم تتوقف يوما ماكينة التحريض الإعلامي، حتى في فترة ما قبل انقلاب 30 يونيو، في سبيل فرض العلمانية العسكرية على الشعوب المسلمة، في ظل غياب تام لقيم الحرية والعدالة واحترام حقوق الإنسان، فقد كانت هذه المعاني السامية في زمن مرسي والإخوان، ومع العسكر بات الجميع في دولة الخوف والرعب والاغتيال الجسدي والمعنوي.