“مذبحة سربرنيتشا” التي نسفت أسطورة حماية الأمم المتحدة للمسلمين

- ‎فيتقارير

 كتب- سيد توكل:

 

"أسوأ مذبحة فى أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية"، هكذا اعتبرتها الأمم المتحدة رغم مرور ما يقرب من 22 عامًا عليها، إنها مذبحة سربرنيتشا التي مازالت تداعيات ما حدث من مجازر للمسلمين خلال حرب البلقان تؤرق الضمير الأوروبي، خاصة وأن الجرح الذي تركته في نفوس الضحايا وذويهم لم يندمل.

 

ومنذ أضحت البوسنة والهرسك تحت إدارة النمسا -بنص معاهدة برلين، والمسلمون يتعرضون للحروب المستمرة من عصابات الجوار الصليبية، وعلى الرغم من أن معاهدة برلين نصت على إحترام حقوق المواطن دون تمييز، إلا أن المسلمين لم يسلموا من حرب التصفية المستمرة على أيدي العصابات الصربية والكرواتية المدعومة من النمساويين والهنغاريين.

 

وقضى الشيوعيون في يوغسلافيا على الحركات الإسلامية كحركة "الشباب المسلم" سنة (1949م). وكانوا يلقون بالمسلمين أحياء في آبار طبيعية، و يضربون الأطفال الضعفاء على الصخور، و يذبحون من عاش منهم ويلقون بالجثث دون دفن.

 

مجازر صليبية في البوسنة

ارتكب الجنود الصرب فظائع كثيرة في حق المسلمين البوسنيين، وكان كل شيء بعلم الكنيسة الأرثوذكسية وأوامرها؛ فقام الجنود بقطع إصبعين وترك ثلاثة أصابع للضحايا كرمز على التثليث، ورسم الصليب على الأجسام بالسكاكين والحديد، كما أصدرت الكنيسة فتوى تبيح اغتصاب الصرب للمسلمات؛ فتم اغتصاب آلاف الفتيات، حتى أنه من كثرتهم لم يتوصل إلى إحصائية دقيقة تعبر عن عدد المغتصبات، وتشير بعض التقديرات إلى اغتصاب حوالي (60 ألف سيدة وفتاة وطفلة) بوسنية حتى (فبراير 1993م)، والمحزن أن كل واحدة من هؤلاء تم اغتصابها عدة مرات.

 

ومن الأمثلة المثيرة للشجن: اقتحم ثلاثة من الجنود الصرب منزل أسرة مسلمة تتكون من امرأة مسنة (جدة 60 عامًا) وابنتها الكبرى (أم 42 عامًا) وبناتها الخمس (19 , 15 ,12 , 9 , 6 عامًا) وقاموا – تحت التهديد – باغتصاب الجدة أمام ابنتها وأحفادها، ثم قاموا باغتصاب الأم أمام أمها وبناتها، ثم قاموا باغتصاب الفتيات الخمسة الصغيرات أمام الأم والجدة, مما نتج عنه موت اثنين من الفتيات الصغيرات بينما فقدت الجدة والأم النطق والعقل.

 

وكانت القوات الدولية -الفرنسية والأوكرانية- تبيع طعام المساعدات المجانية للبوسنيات بالنقود، والتي لا تملك النقود، فالاغتصاب مقابل الطعام، واستغاث مسلمو البوسنة بمسلمي العالم، فأرسل "علي عزت بيجوفيتش" – رحمه الله – 100 رسالة إلى زعماء العالم وخاصة المسلمين منهم.

 

دموية هولندا

ومؤخرًا أصدرت محكمة الاستئناف فى لاهاى بهولندا، حكمًا قضى بأن الحكومة الهولندية ممثلة فى وحدة الجنود الهولنديين المشاركين فى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ، تتحمل مسئولة مقتل 350 مسلما بوسنيا فى سربرنيتشا عام 1995، فى تأييد لحكم مماثل سبق أن صدر عام 2014، نص على أن القوات الهولندية كان بوسعها أن تحافظ على حياة الرجال والصبية الذين لجأوا للقاعدة، وأن تدرك أنهم سيتعرضون للقتل على يد قوات صرب البوسنة اذا اجبروا على الرحيل.

 

وانتهت المحكمة الى أن القوة الهولندية لم تتصرف فقط بشكل غير قانوني، بل انها سهلت عملية فصل الرجال والصبية عن النساء والاطفال، رغم علمها بالتداعيات التى يمكن أن تترتب على ذلك، وانهم يمكن أن يتعرضوا لمعاملة غير انسانية أو يتم قتلهم من قبل صرب البوسنة وهو ما حدث بالفعل.

 

غير عادل

واعتبر الحكم صادمًا لأهالى الضحايا، حيث وصفت «مجموعة أمهات سربرنيتشا» وهو تجمع لأهالى ضحايا هذه المذبحة، الحكم بأنه غير عادل لأن هولندا يجب ان تتحمل المسئولية بشكل كامل، ليس فقط عمن تم تسليمهم من داخل المعسكر بعد اقناعهم بضرورة التخلى عن سلاحهم. 

 

ولكن عن الالاف الذين تواجدوا خارج المعسكر بعد أن رفضت القوات الهولدنية ادخالهم بدعوى اكتظاظ المكان باللاجئين، فاضطروا للبقاء خارجه معتقدين أن محيطه أمن من هجمات صرب البوسنة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل سلمتهم لاحقا لهذه القوات مقابل الافراج عن 14 جندي هولندي احتجزتهم الميليشيات الصربية، حيث جرى قتل هؤلاء على مدار عدة ايام ودفنهم فى مقابر جماعية. 

 

جدير بالذكر أن مذبحة سربرنيتشا، مجزرة شهدتها البوسنة والهرسك سنة 1995م على أيدي القوات الصربية وراح ضحيتها حوالي 8 آلاف شخص ونزح عشرات الآلاف من المدنيين المسلمين من المنطقة. تعتبر هذه المجزرة من أفظع المجازر الجماعية التي شهدتها القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.

 

وتم تحميل رادوفان كاراديتش الزعيم السياسي لصرب البوسنة والجنرال راتكو ملاديتش الذي قاد المليشيا الصربية بالإضافة للعديد من القادة السياسيين والعسكريين وشبه العسكريين المسؤولية عن تنظيم عمليات قتل المدنيين وتشريدهم. فيما لا يزال معظمهم متواري عن الأنظار وملاحقين من قبل الإنتربول وقوات الأمم المتحدة في البوسنة. كذلك، اتهم أهالي الضحايا القوات الهولندية العاملة في نطاق قوات الأمم المتحدة بعدم الدفاع عن أهالي المدينة وتسليم من التجأ لثكنة هذه القوات لميليشا صرب البوسنة التي قتلتهم جميعاً لاحقاً.