السيسي في “أمن الدولة”.. استقواء أم قلق من ثورة جديدة؟

- ‎فيتقارير

يصعب تصور أن تكون زيارة السيسي لمقر جهاز الأمن الوطني (أمن الدولة) في نفس يوم اقتحام الثوار لمبني الجهاز (5 مارس 2011)، مجرد مصادفة، ولكنه زيارة تحمل رسائل عديدة للمصريين وللجهاز ولأجهزة أمنية أخرى متصارعة.

 

 

 

فليس سرا، كما يقول "بهي الدين حسن" مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، أن قيادات أمن الدولة تتهم السيسي (حين كان مديرا لجهاز المخابرات الحربية وقت ثورة يناير) بترتيب اقتحام مقرهم منذ 6 سنوات وفتح بوابته من الداخل، ليستولي رجاله على ملفات مراقبة قادة الجيش أثناء الاقتحام.

 

وليس سرا لمن شاهدوا الاقتحام أن قوات الجيش وقفت بمدرعاتها أمام الجهاز فترة من الوقت، لإعطاء الفرصة لمسئولي المخابرات الحربية بأخذ ما يهمهم أولا، ثم سمحت للمتظاهرين بالدخول وصورت الأمر على أنهم هم الذين أخذوا المستندات، التي اختفي الكثير منها، ثم منعت الدخول لاحقا مرة أخري.

 

فلماذا ذهب السيسي لزيارة أشهر جهاز مسئول عن التعذيب والاختفاء القسري، وبصورة أبشع حاليا في عهده، مما كان يفعله أيام مبارك؟ ولماذا روجت الصحف لأخبار كاذبة عن أن "الزيارة مفاجئة" لاستعراض خطط التأمين، بينما كل شيء كان مرتبا والتقي 350 من كبار قيادات الجهاز، ثم التقي كافة الضباط في لقاء أوسع!

 

ولماذا حرص السيسي علي إبلاغهم: "سنقدم كل الدعم للقطاع، لرفع قدراته على مواجهة التحديات، وعلى رأسها الإرهاب"، وتحدث عن "الحفاظ على الدولة وتثبيتها"، و"استعراض الأوضاع الأمنية الراهنة"، و"المخاطر القائمة، 

وشدد على "التنسيق مع القوات المسلحة وجميع الأجهزة المعنية بالدولة"؟!.

 

ست رسائل للسيسي

 

يمكن في هذا الصدد ان نشير لعدة اسباب لهذه الزيارة من واقع تصريحاته والشواهد السياسية والأمنية على النحو التالي:

 

1- توقيت الزيارة (يوم ذكري اقتحام الجهاز) رسالة لها مغزى من جانب السيسي بأن يكون ولاء الجهاز الأول لقائد الانقلاب باعتباره صاحب الفضل في إعادة الثقة لهم وللجهاز مرة أخرى، كما أنه يعد أول  من سطا على منصب الرئيس يزور الجهاز منذ نشأته ويجلس مع ضباطه، بعدما هربوا إلى منازلهم عقب الثورة وكانوا معرضين للقتل لولا حماية الجيش لهم.

 

2- نقل رسالة واضحة للجهاز بأنه تابع للجيش والمخابرات الحربية ولا يمكنه التحرك وحده أو تصور أنه صاحب السلطة الاولى في مصر كما كان يفعل قبل الثورة ولكنه بات مرتبطا بالمخابرات الحربية والجيش وينسق معهم وأنهم هم الذين يحمون ضباط الجهاز من ثورة جديدة.

 

3- يخشى السيسي من ثورة جديدة أعنف بحكم التقارير التي تصله من الأجهزة المختلفة عن حالة الغضب الشعبي والتململ بين الجميع لا الإخوان فقط بسبب الغلاء الفاحش وانتشار المظالم وقمع كافة التيارات السياسية والعصف حتى بالمقربين ومنهم إعلاميون وصحفيون ونواب برلمان، لهذا من الطبيعي ان يذهب للجهاز ليطمئن ويطمئنهم ويدعوهم – كما قال – إلى "الحفاظ على الدولة وتثبيتها".

 

4- على خطى "السادات" بافتتاح قناة السويس لمحو عار هزيمة 5 يونية 67، سعي السيسي لمحو ذكرى اقتحام أمن الدولة (5 مارس 2011) لأن الذل الذي عاشه ضباط الجهاز وذكري اقتحام مقراتهم لا تزال تقلقهم، ولأنه يعلم أنه لو استمرت هذه الروح الانهزامية (التي تنعكس على عمليات القتل والتصفية التي يقومون بها)، فقد يؤثر هذا مستقبلا على قوة الجهاز ومن ثم قدرته على انقاذ نظامه بدل السقوط معه كما سقطوا مع مبارك.

 

5- الزيارة تمهد لإعادة اسم الجهاز كما كان "امن الدولة" ليكون سيفا مسلطا علي رقاب المصريين، وهو ما يروج له "خبراء امن" حاليا في الصحف والفضائيات بدعاوي أن "مسمي نيابة أمن الدولة العليا مازال قائماً، وأن قانون العقوبات يضم بين دفتيه باباً باسم جرائم أمن الدولة، كما أن دقة الاسم مع مضمون عمل الجهاز، يرسخ لضرورة العودة إلي المسمى القديم"!.

 

6- هناك قلق ومخاوف حقيقية من المرحلة المقبلة مع انتقال تنظيم داعش من سيناء الي القاهرة، وحديث عن "قصور ينتاب الملف المتعلق بتسويق وضع ما يصنفها السيسي بـ«التنظيمات الإرهابية» في مصر على المستوي الدولي، وكذا قلق ومخاوف من أخطاء الجهاز التي تزيد سخط المصريين يوميا بسبب عمليات القتل غير المشروعة مثل قتل 10 شباب في سيناء بدعاوي كاذبة وقتل العشرات من الاخوان في القاهرة لنفس السبب، ومن ثم الرغبة في شد ازر الجهاز ولرفع الروح المعنوية والتأكيد على استمرار الدولة في دعم هذا الجهاز رغم جرائمه.