فضيحة.. الانقلاب يعاقب 35 مليون مصري رفضوا المشاركة في مسرحية “انتخابات السيسي”!

- ‎فيتقارير

“500 جنيه غرامة لمن يتخلف عن الإدلاء بصوته في مسرحية الانتخابات الرئاسية”.. عنوان خبر شغل بال المصريين خلال الأشهر الماضية، لا سيما ممن لم يدلوا بأصواتهم في “المسرحية الهزلية” التي جرت بين عبدالفتاح السيسي والكومبارس موسى مصطفى موسى.

وبعد أن رفض ملايين المصريين النزول للتمثيل أمام اللجان فى المسرحية أو الإدلاء بأصواتهم للكومبارس أو الجنرال العسكري، يبدو أن سلطة الانقلاب تفتش في دفاترها القديمة بحثا عن “سبوبة” تستنزف بها جيوب المصريين، بعد أن قررت معاقبة من تخلفوا عن التصويت عبر إحالتهم إلى النيابة العامة ودفع مبلغ 500 جنيه.

يشار إلى أن عدد المقاطعين ليس بالمئات أو الآلاف، بل يقترب من 35 مليون شخص، وبالتحديد 34 مليونا و823 ألفا و986 ناخبا.

القرار سيطبق

المستشار لاشين إبراهيم، رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات،قال في تصريح سابق: إن الغرامة المالية لمن لا يشارك في الانتخابات منصوص عليها في قانون الانتخابات الرئاسية.

وتابع: “الهيئة الوطنية مستقلة وهي المنوط بها تطبيق القانون، وأن من يتخلف عن دوره الوطني المنوط به تجاه بلده، فإنه سيطبق عليه القانون والغرامة المنصوص عليها”.

ومن حيث آليات تطبيق الغرامة، أوضح لاشين، أن هناك إجراءات اتبعت عقب الانتهاء من العملية الانتخابية من خلال كشوف الناخبين، وتابع: “تمت مراجعة كشوف الناخبين واتضح منها من لم يشارك أو يدلى بصوته، ومن لم يدل بصوته حرر محضرا من قبل الهيئة ضده، وسيرسل إلى النيابة العامة، لاتخاذ الإجراءات اللازمة”.

وأشار إلى أن “النيابة العامة أمامها طريقين إما تصدر أمرا جنائيا أو تقدمه للمحكمة.. وفى هذه الحالة سيتم تطبيق الغرامة وفق الإجراءات القانونية المتبعة”، مشددا على أن هناك دولا كثيرة تطبق هذه الغرامة.

ويبلغ عدد من لهم حق التصويت بجميع أرجاء الجمهورية 59 مليونا و78 ألفًا و138 ناخبا يصوتون فى 13 ألفا و706 لجان فرعية تمثلها 367 لجنة عامة، بإشراف 18 ألف قاض يعاونهم 110 آلاف موظف.

وتنص المادة 43 من قانون الانتخابات الرئاسية الصادر عام 2014 على أنه “يعاقب بغرامة لا تتجاوز خمسمئة جنيه من كان اسمه مقيدا في قاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته في انتخابات رئيس الجمهورية”.

تهديدات

من جانبه أكد محمد سيد المحامى بالنقض أن الحديث عن تحصيل غرامة الـ 500 جنيه على المتخلفين عن التصويت فى مسرحية الانتخابات الرئاسية مجرد تهديد معتاد لحشد الهمم واللحاق بأخر فرصة لتعبئة اللجان الانتخابية.

وأوضح سيد فى تصريحات صحفية ، أنه لا يمكن خصمها من راتب موظف الحكومة ولا من خلال تجديد رخصة سيارة أو بطاقة لأن نص القانون يقول لكل من تخلف دون عذر تطبق الغرامة علية ، وبالتالى لابد للنيابة أن تحيلها للقضاء للحكم بالغرامة أو تصدر النيابة نفسها أمر جنائى بالغرامة وكل ذلك مشروط بأن يكون التخلف عن الانتخاب بدون عذر .

وأشار إلى أنه لو أحضر أحد المواطنين شهادة طبية تفيد مرضه بأى مرض لا تطبق الغرامة ، وأيضا لو تم تطبيق هذا النص القانونى فمن الممكن اطعن علية بعدم الدستورية لكون التصويت حق للمواطن يستخدمة أو لا يستخدمة دون تهديده بفرض الغرامات .

وتابع لم يسبق أن تم تفعيل “غرامة المقاطعة” في أي استحقاقات انتخابية سابقة، حيث كان يتم الاكتفاء بإرسال كشوف المتخلفين عن التصويت للنيابة العامة، دون غرامة، لصعوبة استدعاء ملايين المواطنين للنيابة للاستماع لأقوالهم وإحالتهم للمحاكم، وكانت النيابة قد أسقطت عقوبة عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية للناخبين عام 2014.

مخالف للدستور

ويرى ياسر الهضيبي الخبير القانوني، أن نص قانون الانتخابات الرئاسية بتغريم الممتنعين عن التصويت مخالف للدستور.

وينص قانون الانتخابات الرئاسية في المادة 43: “يعاقب بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه، من كان اسمه مقيدًا بقاعدة بيانات الناخبين، وتخلف -بغير عذر- عن الإدلاء بصوته في انتخابات رئاسة الجمهورية” .

وقال إن نص مادة 43 من قانون الانتخابات الخاصة بتوقيع غرامة على المواطنين المتخلفين عن التصويت مخالف للمادة 87 من الدستور.

ونصت المادة: “مشاركة المواطن فى الحياة العامة واجب وطنى، ولكل مواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأى فى الاستفتاء، وينظم القانون مباشرة هذه الحقوق، ويجوز الإعفاء من أداء هذا الواجب فى حالات محددة يبينها القانون”.

وأضاف الهضيبي، في تصريح له، أن “تلك المادة تعني أنه من حق أي مواطن أن يقرر ما يراه بشأن ممارسته لذلك الحق دون أدنى جزاء عليه من الناحية الدستورية”.وتابع: “هذا الأمر مثل من يملك بيت وله حق الدخول والخروج منه كيفما شاء”.

وأشار إلى أن تطبيق الغرامة على الممتنعين عن المشاركة بالانتخابات لم يتم تفعيله منذ إقرار القانون في 2014، خاصة أن الدولة تعلم أنه قانون سيقضي بعدم دستوريته. لافتًا إلى أنه من الناحية العملية ستجد الدولة صعوبة كبيرة في توقيع الغرامة على ملايين المواطنين المتخلفين عن التصويت.

قانون مجّمد

من جانبه قال المحامي الحقوقي، عمرو عبد السلام، نائب رئيس منظمة الحق لحقوق الإنسان، إن النص التشريعي يفرض غرامة على المتخلف عن التصويت، وذلك وفقًا لقانون مباشرة الحقوق السياسية، غير أن ذلك القانون من الأساس مشوب بعدم الدستورية.

واضاف خلال تصريح له، أن المشاركة في التصويت، سواء المحلية أو البرلمانية أو الرئاسية واجب، ولكنه حق مكتسب، ومن ثم لا يجوز المعاقبة على حق مكتسب.

ونوه بأنه منذ صدور القانون وحتى الآن لم يتم تفعيله، بل من الصعب تفعيله، وظل القانون “مجمدًا”، مبررًا ذلك بأن الدولة لن تتمكن الحكومة من جمع الغرامات، فضلًا عن أنه سيحدث ضجة مجتمعية.

وبرأي نائب رئيس منظمة الحق لحقوق الإنسان، فإن الأجهزة الأمنية عليها ألا تسمح بحدوث ذلك، وإلا سيكون له نتائج لا تُحمد عقباها، ومن المتوقع أن ينتج عنه حالة سخط عارمة وتكدير للأمن والسلم العام.مختتما حديثه، قائلًا: “هذا نوع من الاستعداء للشعب.

محاولة ترهيب

وأكد المحامي والحقوقي أسعد هيكل، أن استمرار عملية التلويح بمعاقبة المواطنين بتوقيع غرامة قدرها 500 جنيه على من تخلف منهم عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية أمر غير دستوري، ولا يتفق مع المادة 87 من الدستور.

وأضاف “هيكل” : صحيح أن مشاركة المواطنين في الحياة العامة واجب وطني، لكن الترشح أو المشاركة في الانتخابات وإبداء الرأي، هي كلها أمور من قبيل الحقوق السياسية، وليست من الالتزامات، والحق الذي يقرره الدستور للمواطن، يجوز له أن يباشره أو يمتنع عن مباشرته.

وأكد أنه ما يجعل عقاب من لا يريد مباشرة حقه في الانتخاب أو إبداء الرأي، بموجب نص المادة 57 من قانون مباشرة الحقوق السياسية هو تهديد وتلويح يشوبه عيب عدم الدستورية، كما أنه يستحيل عملًا أن تحيل النيابة العامة عشرات الملايين من المواطنين إلي المحاكمة لمعاقبتهم بموجب هذا النص، فالأمر هنا يتطلب تحقيق من النيابة، ثم قرار اتهام، ثم انعقاد محكمة، وهذه أمور مستحيل على وزارة العدل أن تقوم بها في ظل تكدس القضايا وعدم وجود عدد كافٍ من أعضاء النيابة والقضاة، لإنجاز القضايا العادية، فما هو الحال إذا افترضنا أننا أمام ثلاثين أو أربعين مليون قضية امتناع عن مباشرة حق الانتخاب.

وأوضح هيكل أن هذا شيء مستحيل تطبيقه عملًا، وأنا شخصيًا أضعه في سياق محاولة ترهيب للمواطن كي يمارس حق قرره له الدستور هو لا يريد ممارسته.