“سبوبة البطاطس”.. طريقة للنهب لم ينتبه إليها المصريون

- ‎فيتقارير

اصنع أزمة واجعل سعر سلعة لا غنى عنها تصل من جنيه ونص لـ١٤جنيهًا، سارع بفتح منافذ للبيع بـ٦ جنيهات، ستتلاشى الأزمة والناس تحمد ربنا على أن البطاطس أصبحت بـ ٦ جنيهات، ذلك هو الخازوق الذي ناله المصريين بعدما شهدت أسعار البطاطس تراجعا بسوق العبور، وذلك بعد طرح وزارتي الداخلية والتموين في حكومة الانقلاب، حملات لبيع البطاطس بأسعار أعلى بكثير من سعرها الحقيقي وأقل قليلا من سعر الأزمة!.

وتراجعت أسعار البطاطس بقيمة تتراوح بين 4 و5 جنيهات في الكيلو الواحد ليصل سعرها لما بين 5 و6 جنيهات، بحسب ما قاله محمد حسن تاجر خضار وفاكهة بسوق العبور، ويقول أحمد صلاح الدين: “خطة في منتهى الوساخة والناس برضه مش فاهمة وناس لسه بتطبل”.

ووجد المصريون البطاطس بعد حرمان بفعل فاعل، فقد تدخلت شرطة الانقلاب بمنافذ متنقلة في الشوارع والميادين لتوفيرها بأسعار أعلى من سعرها الحقيقي (جنيه ونصف)، بعدما ارتفعت إلى 16 جنيها للكيلو، أي ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في الأسابيع الماضية.

تلاعب

واحتشد المصريون أمام المنافذ في الميادين الرئيسية بالقاهرة كميدان التحرير ورمسيس وغيرهما، في طوابير امتدت لعشرات الأمتار حتى فاقت طوابير انتخابات الرئاسة عام 2012، مشاهد الطوابير أبرزت في أذهان النشطاء مرارة المفارقة، ففي ميادين طالما طالب ثوارها عام 2011 بالعيش الكريم والحرية، باتت اليوم تحتشد بأيد تمتد لتطلب الغذاء.

في الطوابير يحدّث أحد الواقفين رفيقه الذي لا يعرفه بأنه سيشتري ما يكفي لفترة الشتاء، إذ يعتقد أن التدخل البوليسي الحالي بتوفير البطاطس مسكّن قصير الأجل، ويعتقد آخر أن البطاطس المتوافرة هي مما أخذتها الشرطة مؤخراً عنوة من التجار، ليعلق آخر بسخرية المصريين المعروفة قائلا إنه سيطلب من زوجته منذ الآن إعداد “بطاطس مسروقة” بدلا من “بطاطس مسلوقة”.

ويقارن أحد الواقفين في الطابور بين مصادرة مخزون البطاطس اليوم ومصادرة السكر من مصانع الحلويات وقت أزمته منذ عامين، وتبين لاحقًا أن التجار ليسوا السبب، وزعمت داخلية الانقلاب أنها ضبطت 1632 طنًّا من البطاطس “احتكرها التجار في الغربية والدقهلية والبحيرة” شمالاً، في حين يسود تخوف من توقعات بارتفاع سعر البطاطس قريبًا ليصل إلى 40 جنيهًا.

وتسببت السياسات التي ينتهجها الانقلاب بمصر في مجال الزراعة، بمعاناة لملايين الفلاحين، الذين عزف كثير منهم عن الزراعة، بحسب مراقبين أكدوا أن تعدد الوزارات المنوط بها شؤون القطاع الزراعي؛ أدى إلى ارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية، وذلك نتيجة ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج بشكل مبالغ فيه.

وبحسب مراقبين؛ فإن سياسات الانقلاب أدت إلى تراجع الفلاح عن زراعة العديد من المحاصيل، كالقطن المصري الشهير، الذي تقلصت مساحة زراعته من أكثر من مليوني وربع المليون فدان في السنوات الماضية؛ إلى 150 ألف فدان فقط حاليا، وفق لجنة الزراعة والري في برلمان الانقلاب.

 

ضد الفلاح

ووصف نقيب الفلاحين فريد واصل، قرارات حكومة الانقلاب المتعلقة بالقطاع الزراعي، بـ”الخاطئة والمتخبطة، وبأنها قد تؤدي إلى هدم قطاع الزراعة بأكمله”، وقال إن “مصر هي الدولة الوحيدة التي يدعم فيها الفلاح الدولة، وليست الدولة هي التي تدعم الفلاح”، مضيفا أن “قرار الحكومة برفع أسعار الأسمدة يتحمله الفلاح والمستهلك، ولقد حذرنا من مثل هذه القرارات التي لا تواكبها آليات لضبط الأسواق”.

ونبه على ضرورة عدم التفريط في قطاع الزراعة، قائلا إن “الاقتصاد قائم على ثلاثة قطاعات؛ الزراعة والصناعة والسياحة، وجميع القطاعات متعثرة ما عدا الزراعة، فهو القطاع الوحيد القائم الذي يدير عجلة الإنتاج في البلاد”، وحذر واصل من زيادة حدة التراجع في زراعة المحاصيل الأساسية كالقمح، والذرة، والبنجر، وقصب السكر؛ بسبب غياب دعم العسكر للفلاح، واتخاذ قرارات ضده، مؤكدا أن “القطاع الزراعي في خطر، فمصر تستورد أكثر من 75 بالمئة من احتياجاتها من الحبوب، وأكثر من 90 بالمئة من الأعلاف المتعلقة بالإنتاج الحيواني”.

وكانت وزارة الزراعة في حكومة الانقلاب قد رفعت أسعار الأسمدة والمخصبات الزراعية بنسبة 50 بالمئة، منتصف الشهر الماضي، دون التشاور مع الفلاحين، أو إخطارهم بأنها تنوي ذلك، أما عميد كلية الزراعة السابق بجامعة عين شمس، عبدالغني محمد عبدالغني؛ فقال إن “وضع الفلاح بائس، وهناك حلقة مفقودة ما بين المزارعين والأسواق؛ يستغلها التجار على حساب المزارعين والمستهلكين”، مضيفا أن “الفلاح بحاجة إلى عدة أمور لتحسين أوضاعه، منها تفعيل قرار السياسة التعاقدية، وتوفير المعاش والتأمين الصحي، وربطه بالسوق بدون وسطاء؛ لتحسين مستوى دخله، وزيادة ريع إنتاجه”.

وأكد عبدالغني أن هناك غيابا للثقة بين الفلاح والعسكر “فالفلاح لا يثق في رجل الحكومة، ولا في الجمعية التعاونية التي تسرقه؛ لأنه يشعر بأن الجميع يقوم بسرقته”، مطالبا بـ”عدم منح الفلاح دعما على مستلزمات الإنتاج، كالأسمدة والمبيدات، فالواجب توجيه الدعم لأسعار محاصيله الزراعية”.