حالة كل دقيقتين.. تزايد مرعب للطلاق فى مصر

- ‎فيتقارير

بوادر أزمة مجتمعية قاتلة في مصر، حيث أشارت آخر الإحصاءات الرسمية إلى وقوع حالة طلاق في مصر كل دقيقتين، كما كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة عن أنه أمام كل ثلاثة عقود زواج تقع حالتا طلاق، إذ وصل عددها عام 2018 إلى 220 ألفًا و96 حالة، من بينها 8542 حكمًا نهائيًّا بالطلاق من القضاء، و211.554 حالة طلاق لدى المأذونين.

وتصدَّرت العاصمة القاهرة تلك القائمة بـ43.411 حالة، وجاءت الجيزة في المرتبة الثانية بـ24.223 حالة، والإسكندرية الثالثة بـ22.308 حالة، واحتلت الدقهلية المرتبة الرابعة بـ18.838 حالة، بينما جاءت سيناء في المرتبة الأخيرة بـ450 حالة، وسبقتها محافظة الوادي الجديد بـ519 حالة.

7 ملايين طفل مشرّد

وتشير إحصاءات رسمية إلى وقوع حالة طلاق في مصر كلّ أربع دقائق، وأخرى تشير إلى حالة طلاق كلّ دقيقتين، وهو ما يؤكد أنّ حالات الطلاق تتعدى في اليوم الواحد 2500 حالة، لتتصدر مصر المركز الأول عالميا. ويقدر عدد المطلقات بأكثر من 5.6 مليون مطلقة، ما أسفر عن تشريد ما يقرب من 7 ملايين طفل.

وبحسب إحصاءات واردة من محاكم الأحوال الشخصية، فقد تخطت حالات الخلع 250 ألف حالة عام 2018 أي بزيادة 89 ألف حالة بالمقارنة مع 2017. وتواجه المرأة المطلقة في مصر تحديات عدة بعد طلاقها بتحملها مسئوليات أولادها وحدها، لهروب الأب من تحمل المسئولية.

نسبة كارثية 

وحول ارتفاع نسبة الطلاق في القاهرة مقارنة ببقية المحافظات، قال الخبير في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية الدكتور سيد إمام، إنّ القاهرة مثلها مثل بقية المحافظات، يواجه فيها الشباب كثيرا من الضغوط الاقتصادية، التي من بينها ضعف الرواتب وتعطل الكثير من شركات القطاع الخاص، وارتفاع إيجار الوحدات السكنية إلى أرقام فلكية، وزيادة أسعار الفواتير (الكهرباء، الغاز، المياه، الهاتف، الغذاء). ويشير إلى أنّ الكارثة تكمن في أنّ معظم حالات الطلاق تتم في السنوات الأولى من الزواج، وينظر المجتمع إلى المطلقين من الشبان والفتيات وهم في مقتبل العمر، نظرة غير سوية، وهو ما يؤثر على حياتهم في الرفض من الزواج منهم مجددا كونهم مطلقين.

وتعتبر الأزمة الاقتصادية من أبرز أسباب إحجام الشباب عن الزواج، في ظل الارتفاع المستمر في الأسعار وانخفاض قيمة الجنيه، مما أسهم في ارتفاع كبير فى تكاليف الزواج.

ويشير المأذون أيمن فوزي إلى أن “الشاب المصري أصبح عاجزا عن أن ينفق على نفسه فكيف سينفق على أسرة”؟

ويضيف: ” أكثر حالات الطلاق تكون خلال السنة الأولى والثانية بعد الزواج مباشرة، “تسير المسألة بفكرة “هيا نتزوج”، بدون أن يقرأ أي منهما عن الزواج وطبائع النفس، لا أحد يفكر إن كان هذا الشخص سيستطيع أن يتفاهم معه أم لا، فيكتشف كل شخص في النهاية أن من أمامه هو شخص آخر يختلف تماما في طباعه عن شريكه في الحياة.. السبب الرئيسي من وجهة نظري هو غياب التفاهم”.

فى حين ترى الدكتورة ريم عبد الحميد، الخبيرة الاقتصادية، أن التردي الاقتصادي الذي يعاني منه المصريون أثّر بالتأكيد على نسب الزواج والطلاق.

وقالت: “كثير من الشباب فقدوا وظائفهم مع تزايد البطالة؛ بسبب عدم خلق فرص عمل جديدة تتوافق مع نسب الخريجين كل عام”.

كارثة اجتماعية

وتابع إمام أنّ نسبة الطلاق زادت حتى في القرى والأرياف، التي كادت تنعدم فيها مثل هذه الحالات خلال السنوات الماضية التزاما بالعادات والتقاليد، مبينا أنّ 80 في المائة من قضايا الطلاق المطروحة بالمحاكم تكون بين الأزواج الشباب.

بدورها قالت الخبيرة في الشئون الاجتماعية الدكتورة عزة كريم: إنّ زيادة حالات الطلاق في مصر تعد كارثة اجتماعية، مطالبة جميع أجهزة الحكومة والجهات المسئولة بالاستنفار لمواجهتها، بعدما ارتفعت إلى نسب عالية خلال السنوات الأخيرة لأسباب اقتصادية واجتماعية، خصوصا ما يرتبط بالتحولات الاقتصادية التي شهدتها البلاد مؤخرا، والتي أدت إلى ارتفاع الأسعار، وهو ما أصاب الطبقات الاجتماعية المختلفة بخلل كبير.

وأشارت كريم إلى أنّ زيادة عمالة الأطفال في الوِرش الصناعية وغيرها بالرغم من أجسادهم النحيلة بقرار من أحد الأبوين، وانتشار بعضهم للتسوّل في الشوارع، بالإضافة إلى أطفال الشوارع، ناتج بنسبة كبيرة عن حالات الطلاق.

ويرجع استشاري الطب النفسي محمد الحسيني، تراجع معدلات الزواج إلى زيادة الاضطرابات والضغوطات داخل المجتمع، مما أدى لاختلال ميزان التواصل الاجتماعي والعلاقات الإنسانية، وخصوصًا الروابط الأسرية. ما أدى إلى الشعور بعدم الأمان عموما والأمان الاقتصادي خصوصًا– برأي الحسيني– مما انعكس مباشرة على عمليات الترابط، مؤكدا أن ازدياد نسب التراجع جاء نتيجة استمرار معدلات هذه الضغوط في الشدة والمدة.

وأرجع مختصون أسباب تفاقم حالات الطلاق وتراجع الزيجات إلى تردي الوضع الاقتصادي؛ حيث ارتفعت أسعار مختلف المواد، بالتوازي مع ارتفاع تكاليف الشقق والوحدات السكنية بنسبة لا تقل عن 20%.