كيف تصدَّى “الإخوان” لإهدار الغاز للصهاينة.. ولماذا أطاح الانقلاب بمرسى؟

- ‎فيتقارير

أعلنها بنيامين نتنياهو “أرحب بهذه الاتفاقية التاريخية لتصدير غاز طبيعي إسرائيلي إلى مصر.. هذا يوم عيد”. هكذا احتفل الصهاينة بعدما أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية فى حكومة الانقلاب المصرية، في بيان أمس الأربعاء، عن أن ضخ الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى مصر قد بدأ الضخ.

وبموجب اتفاقيات مبرمة العامين الماضيين، ستصدر تل أبيب 85 مليار متر مكعب من الغاز إلى مصر على مدى 15 عامًا، في حين وصفه مسئولون إسرائيليون بأنه أهم اتفاق منذ توقيع البلدين معاهدة السلام عام 1979.

سر الانقلاب على الرئيس مرسي

فى الشأن ذاته، أعاد نشطاء نشر مقال للكاتب البريطاني ديفيد هيرست بجريدة “هافنغتون بوست” الإلكترونية، حول أن الرئيس الشهيد محمد مرسي دفع مستقبله السياسي ثمنا لعرقلة تدفق الغاز المصري إلى إسرائيل بأسعار تفضيلية تؤول الى الصفر.

ولفت هيرست إلى أن المخابرات المركزية الأمريكية دبرت انقلابًا ضد أول رئيس وزراء منتخب في إيران قبل ستين عامًا عندما تجرأ وقام بتأميم قطاع النفط، وهو الأمر ذاته الذي حدث مع مرسي، حيث أُطيح به بسبب تجرؤه على عرقلة تدفق الغاز المصري إلى إسرائيل.

مصر رهينة إسرائيل

وأشار الكاتب إلى أن المخابرات الأمريكية (السي آي إيه) استغرقت 60 عاما، إلى أن أعلنت عن تورطها في الانقلاب الذي أطاح بمحمد مصدق، أول رئيس وزراء منتخب ديمقراطيًّا في إيران، إلا أن الظروف التي أحاطت بالانقلاب على محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر، قد لا تستغرق معرفتها مثل تلك المدة الطويلة، وبغض النظر عمن وقف وراء الانقلاب.

حسم مصدّق مصيره حينما بادر إلى تأميم إنتاج إيران من النفط، والذي كان قبل ذلك تحت سيطرة شركة النفط الإنجليزية الفارسية، والتي أصبح اسمها فيما بعد “بريتيش بيتروليوم”. وكذلك كان الغاز هو عدو مرسي.

حيث أثبت مرسي أنه كان عقبة في طريق إبرام صفقة مغرية مع إسرائيل، والتي قد لا يستغرب أحد الآن إذا علم أنها على وشك أن تبرم، أما وقد أزيلت العقبة من طريقها.

وقال “هيرست”: لقد أمضى “كليتون سويشر” من وحدة الجزيرة للتحقيقات الصحفية خمسة شهور وهو يبحث في ملفات الفساد المتعلقة ببيع الغاز المصري إلى إسرائيل. ويكشف تقريره، وهو بعنوان “طاقة مصر المفقودة” والذي سيبث مساء الاثنين (6/9) النقاب عن أن مصر خسرت كميات مهولة من المال، يقدر بحوالي 11 مليار دولار– إضافة إلى 20 مليار دولار أخرى على شكل ديون وغرامات قانونية، بسبب بيع الغاز بأسعار زهيدة جدا إلى كل من إسرائيل وإسبانيا والأردن.

ويتابع: ما لبثت الثورة المصرية أن أوقفت تصدير الغاز إلى إسرائيل التي اكتشفت في ذلك الوقت كميات كبيرة من الغاز تحت مياه شرق المتوسط، فلم تعد تنظر إلى مصر على أنها مصدر للغاز وإنما كوسيلة لتسييل غازها هي تمهيداً لتصديره إلى الأسواق العالمية. ونظراً لوجود ما يقرب من 26 تريليون قدم مكعب من الغاز في حقل ليفياثان وعشرة تريليونات أخرى في حقل تامار، فقد أضحت إسرائيل تمتلك ما يكفي من الغاز للاستجابة لمتطلبات الاستهلاك المحلي ولبيع كميات أخرى منه. إضافة إلى ذلك، لما كان يتوقع هبوط سعر الغاز خلال السنوات القادمة فإن إسرائيل بحاجة إلى أن تبيعه الآن.

خطة “التسييل”

في هذه الأثناء ارتفع طلب المستهلكين من الغاز داخل مصر إلى معدلات فاقت قدرتها على الإنتاج، الأمر الذي عجزت بسببه مصر عن الوفاء بالتزاماتها تجاه الشركات الأجنبية التي وقعت معها عقوداً لتصدير الغاز، وبالتالي راحت مصر تبحث عن سبل لاستيراد الغاز من خلالها. خطة إسرائيل هي الاستفادة من معامل تسييل الغاز الموجودة في مصر لتسييل الغاز الإسرائيلي ثم تصديره عبر قناة السويس التي تضمن وصوله إلى الأسواق الآسيوية المربحة. شكل مرسي عقبة ليس فقط في طريق استيراد الغاز الإسرائيلي لمصر، وإنما أيضا في طريق الاستفادة من معامل تسييل الغاز المصرية وفي طريق تسخير قناة السويس وسيلة لتصدير الغاز الإسرائيلي من بعد إلي الأسواق العالمية.

إفشال الإخوان

حصل سويشر على مقابلتين في غاية الصراحة، كانت إحداها مع إدوارد ووكر، السفير الأمريكي السابق في مصر، الذي يقول جهاراً نهاراً ما لا يجرؤ سوى عدد قليل جداً من زملائه السابقين في الخارجية الأمريكية الاعتراف به اليوم: “للإخوان المسلمين سمعة راسخة جداً بأنهم ليسوا على درجة كبيرة من التعاطف مع الغرب، وبشكل خاص مع الولايات المتحدة الأمريكية. ولذلك، لم يكن في الحقيقة من مصلحتنا أن نراهم ينجحون”.

ويمضي شارحًا لماذا يعتبر عبد الفتاح السيسي، الرئيس الذي نصب مؤخرا، جذابا جدًا، فقال: “السيسي جذاب لأنه ليس مرس، فجُل همنا هو أن نبقي العلاقة بين مصر وإسرائيل ونحافظ عليها”. وأما المقابلة الثانية فهي مع سايمون هندرسون من معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى، الذي يقول إن تغيير الحكومة في مصر بعني أنه بات بإمكان إسرائيل إعادة النظر في خيار تحويل بعض غازها إلى غاز طبيعي مسال. في ظل حكم مرسي لم تكن هناك ثقة بأن مصر ستسمح بتصدير شحنات الغاز (الاسرائيلي) عبر قناة السويس.

غاز الكيان

ويكمل: “خلاصته: اقبلوا الغاز القادم من إسرائيل، رغم أن احتياطيكم أكبر من احتياطيهم مرات عديدة أو تصببوا عرقا واقبعوا في الظلام. واقبلوا أيضا بأن دولتكم الآن عالة وتابعة، واقبلوا أنه نتيجة لهذه الصفقات سوف يثقل كاهل مصر بديون الغاز المستحقة للشركات الأجنبية التي تدير معملي تسييل الغاز الطبيعي. ولإعطائكم بعض فكرة عن حجم الدين، لكم أن تعلموا أن يونيون فينوزا تقاضي مصر بمبلغ 6 مليارات دولار، وهو ما يعادل قيمة نصف احتياطييها من العملة الأجنبية. وقالت مجلة الإيكونوميست إن مجموعة بريتيش غاز قد تمضي قدمًا هي الأخرى وتقاضي مصر.

واقبلوا أيضا بأن الغاز الإسرائيلي سوف يستورد من خلال هذه الشركات الخاصة التي باتت مصر رهينة لها. وقبل أشهر، وقعت يونيون فينوزا اتفاقية نوايا لشراء 5ر2 تريليون قدم مكعب من حقل تامار على مدى خمسة عشر عاما. فلا عجب إذن أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية مسرورتان بالانقلاب على مرسي.

“الإخوان” في وجه تصدير الغاز المصري لإسرائيل

وبالعودة لأرشيف الحقيقة، ففى مايو من العام 2008، نشرت مواقع إلكترونية وصحف خبرًا يفيد بأن جماعة “الإخوان المسلمين” قد أعربت عن “رفضها وانزعاجها من جراء بدء وصول الغاز المصري إلى إسرائيل وبسعر أقل من الأسعار العالمية”، مطالبة بـ”وقف ضخ الغاز إلى إسرائيل وتوجيهه بالأولى إلى الفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة”.

وقالت الجماعة، في بيان رسمي تلقت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): إن “الإخوان المسلمين وهم يعيشون مشاكل وهموم الشعب المصري ومعاناته من جراء الفساد المالي والإداري قد هالهم وأزعجهم الإعلان عن وصول الغاز المصري إلى العدو الصهيوني وبأسعار لا تزيد على عُشر (واحد على عشرة) الأسعار العالمية في الوقت الذي يقترف فيه هذا العدو الغاصب كل أنواع العدوان والحصار والضغط والتقتيل لإخواننا الفلسطينيين وخاصة في قطاع غزة المحاصر”.

ولفت البيان إلى أن “ثروات مصر الطبيعية يجب أن تكون لأبنائها وهى ملك لكل المصريين وللأجيال القادمة ولا يجوز لأحد كائنا من كان أن يعبث بها أو أن يتصرف فيها طبقا لهواه أو لتحقيق مصالحه الخاصة”.