التقرير السنوي للخارجية الأمريكية يعترف بارتكاب السيسي كل الجرائم وإفلات أجهزته من العقاب

- ‎فيتقارير

أصدرت الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي لعام 2020 عن حقوق الإنسان في العالم، ومنها مصر، والذي يتضمن وقائع جرت في 2019، وأكدت فيه أن سلطة الانقلاب ارتكبت كل الجرائم التي ترتكبها النظم الفاشية، ولكنها ما زالت تفلت من العقاب.

التقرير تحدث عن وجود 60 ألف معتقل في السجون رغم النفي الحكومي، بالإضافة إلى تزوير انتخابات رئاسة الانقلاب في مارس 2018، وانسحاب المنافسين للسيسي بعد ضغوط سياسية ومنافسة غير عادلة والقبض على المنافسين.

كما تناول التقرير قلق المنظمات المحلية والدولية والمراقبين المحليين والدوليين من القيود المفروضة على حرية التجمع السلمي، وتكوين الجمعيات والتعبير، وتأثيرها السلبي على المناخ السياسي المحيط بالانتخابات، ومنح الأفراد العسكريين سلطة الاعتقال الكاملة للمصريين منذ عام 2011، والقيود الحكومية المفروضة على تكوين الجمعيات والتجمع والتعبير قيّدت بشدة المشاركة الواسعة في العملية السياسية.

كما أشار التقرير إلى تزوير استفتاء أبريل 2019 على التعديلات الدستورية الأخيرة بغرض تمديد ولاية قائد الانقلاب الحالية من أربع سنوات إلى ست سنوات، وترشحه لفترة ولاية ثالثة مدتها ست سنوات في عام 2024 ليبقى حتى 2030 ويتمدد.

وأشار التقرير إلى “عمليات القتل غير القانوني أو التعسفي”، والقتل خارج نطاق القضاء على يد الحكومة أو وكلائها والجماعات الإرهابية؛ وعمليات الاختفاء القسري، والاحتجاز التعسفي، وظروف السجن القاسية والمهددة للحياة والسجناء السياسيين.

وتحدَّث عن القيود على حرية التعبير والصحافة والإنترنت والاعتقالات أو الملاحقات القضائية ضد الصحفيين، والرقابة، وحجب المواقع، والتدخل الكبير في حقوق التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات والقيود على المشاركة السياسية وغيرها.

وتضمَّن التقرير مطالبات بمعاقبة أو مقاضاة المسئولين الذين ارتكبوا الانتهاكات سواء في الأجهزة الأمنية أو في أي مكان آخر في الحكومة، مشيرا إلى أنه “في معظم الحالات، لم تحقق الحكومة بشكل شامل في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك معظم حوادث العنف التي ارتكبتها قوات الأمن، مما أسهم في بيئة من الإفلات من العقاب”.

عمليات قتل تعسفية أو غير قانونية

تحدث التقرير عن “أعمال القتل بدوافع سياسية أو دوافع سياسية”، مشيرا إلى أنه “كانت هناك تقارير عديدة ارتكبت فيها الحكومة أو عملاؤها عمليات قتل تعسفية أو غير قانونية، بما في ذلك الحوادث التي وقعت أثناء اعتقالهم أو احتجاز أشخاص أو أثناء نزاعات مع المدنيين، وتقارير عن مقتل مدنيين خلال العمليات العسكرية في سيناء.

وأشار إلى حالات أشخاص تعرضوا للتعذيب حتى الموت والقتل في السجون ومراكز الاحتجاز بواسطة الحكومة، وتأكيد منظمة محلية غير حكومية معنية بحقوق الإنسان وقوع 302 عملية قتل غير قانونية ارتكبتها الحكومة في الفترة من يناير إلى يونيو 2019، بخلاف قتل المعتقلين في الحبس الانفرادي سواء باعتداء حراس السجن على معتقلين وقتلهم أو قتلهم بالإهمال الطبي.

وأشار إلى توثيق تقرير لرويترز، في أبريل 2019، أكد قتل السلطة 465 في الفترة من يوليو 2015 إلى ديسمبر 2018، في عمليات إطلاق النار عليهم خارج نطاق القضاء، ووجود القتلى في يد الشرطة كمختفين قسريين، ثم ادعاء أنه تم قتلهم في هجمات.

الاختفاء القسري لترهيب المنتقدين

وأشار التقرير اﻷمريكي إلى استمرار أعداد كبيرة من حالات الاختفاء القسري، مؤكدا “أن السلطات اعتمدت بشكل متزايد على هذا التكتيك لترهيب المنتقدين”، بحسب المنظمات الحقوقية.

ووثقت إحدى المنظمات غير الحكومية المحلية 336 حالة اختفاء قسري بين أغسطس 2018 وأغسطس 2019، وما يقرب من 500 منذ أغسطس 2019. ووثقت منظمة غير حكومية محلية أخرى 492 حالة اختفاء من يناير إلى يونيو 2019، ولكن وزير الشئون البرلمانية عمر مروان يدعي أنه لا يوجد دليل على الاختفاء القسري.

وأشار التقرير إلى احتجاز سلطات السيسي المعتقلين بمعزل عن العالم الخارجي، ورُفضت طلباتهم بالاتصال بأفراد الأسرة والمحامين، وتراوح مدة حالات الاختفاء التي وثقتها المنظمات غير الحكومية المحلية من بضعة أيام إلى أكثر من 12 شهرًا.

سجن العازولي العسكري

وأشار تقرير الحريات الأمريكي إلى ورود تقارير تفيد بأن السلطات العسكرية واصلت احتجاز المدنيين سرا في سجن العازولي داخل مخيم الجلاء العسكري بالإسماعيلية. لم تتهم السلطات العسكرية المعتقلين بارتكاب جرائم أو تحيلهم إلى النيابة أو المحاكم، كما حرموا المعتقلين من الاتصال بمحاميهم وعائلاتهم.

ووفقًا للتقرير السنوي لعام 2019 لمجموعة عمل مجلس حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسري أو غير الطوعي (WGEID)، كانت مجموعة العمل تراجع مئات حالات الاختفاء، في حين أشار التقرير إلى زيادة اجتماعات الحكومة مع مجموعة العمل، إلا أنه أعرب عن قلقه من زيادة حالات اختفاء الأفراد المحتجزين على الرغم من أوامر المحكمة بالإفراج عنهم، وكذلك التقارير عن الأعمال الانتقامية ضد الأفراد ومنظمات المجتمع المدني التي تعمل نيابة عن الأفراد المحتجزين.

التعذيب في سجون السيسي

وأشار التقرير إلى التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، رغم نص الدستور على أنه لا يجوز ممارسة التعذيب أو الترهيب أو الإكراه أو الأذى الجسدي أو المعنوي على شخص مقيدة حركته أو اعتقلته السلطات أو اعتقلته.

كما يحظر قانون العقوبات التعذيب لكنه لا يفسر الإساءات ضد الأشخاص الذين لم تتهمهم السلطات رسميا، أو الإساءة التي تحدث لأسباب أخرى غير الحصول على اعتراف.

كما يحظر قانون العقوبات على جميع الموظفين العموميين أو موظفي الخدمة المدنية “استخدام القسوة” أو “التسبب في أذى جسدي” تحت أي ظرف من الظروف.

وأشار التقرير الأمريكي إلى تقارير منظمات حقوقية محلية عن مئات حوادث التعذيب على مدار العام، بما في ذلك الوفيات الناتجة عن التعذيب ولجوء رجال الشرطة وحراس السجون إلى التعذيب لانتزاع معلومات من المعتقلين، بمن فيهم القصر. وتضمنت الأساليب المبلغ عنها الضرب بالقبضات، والسياط، وأعقاب البنادق، وأشياء أخرى.

وقالت “هيومن رايتس ووتش”، في 12 مارس 2019، إن التعذيب “ممارسة منهجية في مصر السيسي، و”التعذيب أكثر شيوعا في أقسام الشرطة وغيرها من مواقع الاعتقال التابعة لوزارة الداخلية”.

ووثقت منظمة غير حكومية محلية تتعقب حالات التعذيب، ما بين 40 إلى 50 حالة تعذيب شهريًا، وخلص تقرير لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب لعام 2017 إلى أن التعذيب ممارسة منهجية.

القتل بالإهمال الطبي

تناول التقرير أيضا الظروف في السجون ومراكز الاعتقال قاسية والتي تهدد حياة المعتقلين بسبب الاكتظاظ والاعتداء الجسدي وإهمال الرعاية الطبية وضعف البنية التحتية، وضعف التهوية ونقص الغذاء وتلوث مياه الشرب، مشيرا إلى أن “مرض السل واسع الانتشار”.

وقال: “غالبًا ما كان النزلاء يعتمدون على الزوار الخارجيين للحصول على الطعام واللوازم الأخرى أو أجبروا على شراء هذه العناصر من مقصف السجن بأسعار مبالغ فيها بشكل كبير، وفقًا لتقرير المنظمات غير الحكومية المحلية في سبتمبر 2018.”

وأشار إلى أن الحراس يسيئون معاملة السجناء، وبعض السجناء احتجوا على الظروف من خلال الإضراب عن الطعام، منهم 130 محتجزا في سجن العقرب أضربوا عن الطعام لمدة ستة أسابيع احتجاجا على ظروف السجن غير الإنسانية، ورفض الزيارات القانونية والعائلية بحسب منظمة العفو الدولية.

وأفادت منظمة العفو الدولية بأن السلطات انتقمت من المعتقلين بضربهم، وإطلاق مسدسات الصعق، وفرض إجراءات تأديبية، بحسب بيان صادر عن المعتقلين.

وأدى العدد الكبير من الاعتقالات واستخدام الاحتجاز قبل المحاكمة خلال العام إلى تفاقم الظروف القاسية والاكتظاظ، مما أسهم في عدد كبير من الوفيات في السجون ومراكز الاحتجاز خلال عام 2017.

وأفاد المجلس القومي شبه الحكومي لحقوق الإنسان (NCHR) بأن مراكز احتجاز الشرطة بلغت 150% من السعة القصوى، وأن كثافة المعتقلين في السجون 300% من السعة القصوى، وأن الرعاية الصحية في السجون غير كافية.

وحتى 20 يونيو 2019 قتل ما لا يقل عن 25 معتقلا بسبب إهمال الرعاية الطبية وحرمان سلطات السجن السجناء من الحصول على رعاية طبية قد تنقذ حياتهم، ورفض طلبات نقل السجناء إلى المستشفى، مما أدى إلى الوفاة في السجن.

استشهاد الرئيس مرسي

وأشار تقرير الحريات الأمريكي إلى قتل سلطة الانقلاب الرئيس الشهيد محمد مرسي بالإهمال الطبي في 17 يونيو 2019 داخل المحكمة، مشيرة إلى ما أثاره المتحدث باسم مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان (OHCHR) من شكوك بشأن حصول الرئيس مرسي إلى الرعاية الطبية والحبس الانفرادي المطول خلال فترة احتجازه، التي دامت ست سنوات تقريبًا، ودعوته إلى إجراء تحقيق مستقل شامل في ظروف وفاة مرسي.

وأصدر المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو الإعدام التعسفي ومجموعة عمل الأمم المتحدة المعنية بالاحتجاز التعسفي، بيانًا قال فيه: “أدى نظام السجون في مصر مباشرة إلى وفاة الرئيس محمد مرسي”، وأن لديهم أدلة موثوقة على أن الآلاف من المعتقلين الآخرين “قد يعانون من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان الخاصة بهم، وكثير منهم قد يكون عرضة لخطر الموت.”

ولم تسمح حكومة الانقلاب بزيارات المراقبين غير الحكوميين، بما في ذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر للسجون، لكنها سمحت ببعض الزيارات من قبل المجلس القومي للمرأة إلى سجن في صعيد مصر ومن قبل لجنة حقوق الإنسان في البرلمان إلى السجون ومراكز الاعتقال في صعيد مصر والإسكندرية والمنيا.

مظاهرات 20 سبتمبر

وأشار التقرير إلى أنه بعد احتجاجات الشوارع في 20 سبتمبر ضد السيسي، اعتقلت السلطات بشكل تعسفي أفرادًا اتهمتهم بـ”إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي” و”نشر أخبار كاذبة”، وكذلك اعتقلت مواطنين من السودان، الأردن، المملكة المتحدة وهولندا ودول أخرى بدعوى المشاركة في الاحتجاجات.

وتحدث التقرير أيضا عن “إعادة تدوير” محاكمة المعتقلين بتلفيق قضايا جديدة لهم في المحاكم عقب الإفراج عنهم في اتهامات سابقة وتجاوزت نيابة أمن الدولة باعتقال معتقلين مرة أخرى في قضية جديدة وفي بعض الحالات على نفس التهم بعد أوامر المحكمة بالإفراج عنهم مثل علاء القرضاوي، وسمية ناصف.

المحاكم العسكرية

واستخدمت السلطات، بحسب التقرير الأمريكي، المحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين المتهمين بتهديد الأمن القومي، فوفقًا لتقرير هيومن رايتس ووتش لعام 2016، حاكمت المحاكم العسكرية ما لا يقل عن 7400 مدني منذ صدور مرسوم عام 2014 يأمر الجيش “بمساعدة” الشرطة في تأمين “مرافق عامة حيوية”.

كان وصول الجمهور إلى المعلومات المتعلقة بالمحاكمات العسكرية محدودا، وكان من الصعب مراقبة المحاكمات العسكرية لأن الإعلام يخضع عادة لأوامر بمنع نشر سوي ما يقدمه له الحكم.

وذكرت جماعات حقوقية ومحامون أن محامي الدفاع في المحاكمات العسكرية واجهوا صعوبة في الوصول إلى موكليهم والوثائق المتعلقة بالقضايا.

والمحاكم العسكرية ليست مفتوحة للجمهور، ويتمتع المدعى عليهم في المحاكم العسكرية اسميا بضما