بتشريعات تقنن الفساد.. الانقلاب يضع “الثروة المعدنية” على قمة أولويات النهب

- ‎فيتقارير

قالت دراسة، إن مشروع القانون الجديد الخاص بالثروة المعدنية في مصر هدفه وضع ثروات مصر ضمن صفقات مشبوهة لأجانب، يغيب عنها الشفافية والمراقبة والمحاسبة.

وأكدت الدراسة أن مثل هذه الصفقات تكون شديدة الإجحاف بالطرف المصري، ومنح الطرف الأجنبي امتيازات واسعة تضر بمصر وشعبها.

وأشارت إلى ما جرى مثلا في اتفاقية تصدير الغاز المصري مع الكيان الصهيوني في عهد مبارك بأقل من السعر العالمي؛ واستيراد الغاز من الصهاينة بأسعار أعلى من السعر العالمي، في صفقة السيسي المشبوهة التي وقعها في فبراير 2019م، والتي تصل إلى 20 مليار دولار على مدار 15 سنة.

تكنولوجيا التنقيب

السؤال المهم الذي طرحته دراسة لصفحة وموقع “الشارع السياسي Political Street” بعنوان “بقانون الثروة المعدنية الجديد.. هل يقنن السيسي نهب الشركات العالمية لثروات مصر؟” هو: “لماذا لا نملك تكنولوجيا التنقيب؟”.

وأشارت ضمنا إلى أن التنقيب عن الذهب خلال هذه الفترة لن يعود بالخير على مصر، بل يمثل تهديدا وتبديدا لما تبقى من ثروات مصر المعدنية خصوصا “الذهب”؛ وذلك لعدم امتلاك تكنولوجيا البحث والتنقيب بدلا من الاعتماد على منح الموارد وحق التنقيب لشركات أجنبية لا هم لها إلا الربح الوفير على حساب ثروتنا المعدنية؛ خصوصا وأن الدراسات تشير إلى أن الذهب الخام قريب من السطح في جبال الصحراء الشرقية.

وأوضحت أن شركات التنقيب على الذهب والغاز والبترول تحصل على نسبة كبيرة ولمدة طويلة من الإنتاج، خاصة أنه يحتاج إلى سنوات لاكتشافه واستخراجه، وفي النهاية رضخت الحكومة للمستثمرين بإصدار هذا القانون.

وأضافت أن فريقا من الخبراء يفضلون إحياء شركات التعدين التابعة للقطاع العام مثل شركة النصر التعدين، وقصر مهمة استخراج تلك الثروات على هذا النوع من الشركات، مع استيراد تكنولوجيات التنقيب والاستخراج، والاستفادة من خبرات الدول المتقدمة.

مصانع تنقية

أما السؤال الثاني في الأهمية الذي طرحته الصفحة هو: “لماذا لا توجد في مصر مصانع لتنقية المعادن بعد اكتشافها واستخراجها؟”.

وأشارت إلى أن التوقف عند حدود منح تراخيص حق البحث والتنقيب للشركات الأجنبية لتنهب المواد الخام ثم نعود نحن ونستورد المواد المصنعة منها بأسعار مرتفعة تصل إلى مئات وآلاف الأضعاف، يفضي إلى التخلف ولا يسهم مطلقا في نهضة اقتصادية حقيقية.

ومن جانب آخر، أضافت الدراسة أسئلة أخرى تكشف مدى النهب والفساد في قطاع التعدين، فقالت: “لماذا يتم دمغ المنتج من الذهب؟ ولماذا يذهب المستخرج من منجم السكري عبر طائرات للدمغ في كندا؟ ولماذا لا توجد رقابة حقيقية وجادة على عمليات الإنتاج والاستخراج؟ ولماذا تنعدم الشفافية على الكميات المنتجة والمكتشفة والمصدرة وخلافه؟ ولمصلحة من يتم التستر على هذه الجرائم والتعتيم من جانب نظام الحكم على عمليات النهب المنظم لأكبر مناجم الذهب في العالم؟.

6 مخاوف

وأشارت الدراسة إلى أنه فيما يخص اللائحة التنفيذية التي أصدرها مجلس الوزراء بحكومة الانقلاب في 15 يناير 2020م، والخاصة بقانون الثروة المعدنية رقم 145 لسنة 2019م، أثارت كثيرًا من المخاوف لدى قطاعات واسعة من الخبراء والمختصين وعموم الشعب من توظيف هذه التعديلات ولائحة القانون التنفيذية لتصبح بوابة مشرعة لإهدار ما تبقى من ثروات مصر.

ووضعت تلك المخاوف في 6 بنود وهي:

أولا: تأكيد نزوع النظام نحو تعزيز النفوذ الأجنبي في الاقتصاد المصري.

ثانيا: التعديلات تقر عمليات التحول إلى “الإتاوة والضرائب والتأجير” بدلا من نظام اقتسام الإنتاج والأرباح، وتقليص مدة التراخيص التي تستغرق أكثر من عام، وإعادة النظر في تحديد مساحات معينة أمام المستثمر للنشاط التعديني، وطرح مساحات دون سقف معين. وهي تعديلات جاءت بضغوط هائلة من الشركات العالمية وحيتان القطاع الخاص.

ثالثا: التعديلات الجديدة التي تم إقرارها تلغي فعليا إلزام شركات التعدين بتشكيل مشروعات مشتركة مع الحكومة المصرية، وتضع سقفا للإتاوات التي تحصل عليها الدولة عند 20 في المئة كحد أقصى.

رابعا: الأكثر خطورة في القانون الجديد أنه يفتح الباب واسعا أمام عمليات النهب المنظم والسمسرة والعمولات، بتقنين إصدار الجهات “المعنية” تصاريح لشركات البحث والمسح الجيولوجي بشأن البحث عن المعادن والثروات المعدنية بعقد إداري، من دون اشتراط موافقة “برلمان” الانقلاب؛ ما يعني فعليا غياب الرقابة عن هذا الجانب، وأن دور “برلمان” الانقلاب بالأساس صوري، فلا يوجد جهد رقابي مطلقا، ولكن الأمر يتعلق بقانون عام يلزم جميع المجالس المقبلة.

خامسا: تقوم فلسفة تعديلات القانون الجديد على نقل السياسات التي تتبعها الحكومة في قطاع البترول والغاز، إلى قطاع التعدين بدعوى تعزيز الفائدة الاستثمارية وإسهام قطاع التعدين بشكل فعال في الدخل القومي للبلاد؛ ومعلوم أن ما تقوم به الحكومة منذ عقود طويلة في قطاع البترول والغاز هو منح امتيازات واسعة للشركات العالمية المتعددة الجنسيات والعابرة للقارات على حساب مصر وشعبها.

سادسا: يقر القانون الجديد نسبة 3% من قيمة الإنتاج السنوي لخامات المحاجر من أجل التنمية المجتمعية بالمحافظات، وفك الازدواجية والتشابك بتحديد جهات الولاية على وجه القطع والوضوح، بأن يكون الترخيص للمناجم خاصًا بهيئة الثروة المعدنية، أما المحاجر والملاحات فيكون للمحافظة أو هيئة المجتمعات العمرانية (حسب الأحوال)؛ وهو ما يفتح أبواب الفساد والتنافس.

وأشارت إلى أن من آثار هذه التعديلات تقنين عمليات النهب المنظم التي تقوم بها مافيا المال الحرام التي ترتبط بشكل وثيق بشركات عالمية كبرى متعددة الجنسيات وعابرة للقارات، بخلاف حيتان رجال الأعمال والقادة النافذين في المؤسسة العسكرية الذين يؤسسون شركات خاصة يحققون من ورائها مكاسب هائلة لما يحظون به من نفوذ وسلطات واسعة، ويمارسون بالفعل التنجيم عن الذهب بوسائل غير مشروعة.