شاهد| لماذا تعمد إعلام السيسي تضخيم واقعة طبيبة الدقهلية؟

- ‎فيتقارير

مشهد صادم بكل المعايير الإنسانية هو ذلك الخطأ الذي ارتكبه عشرات من أهالي قرية شبرا البهو إحدى قرى محافظة الدقهلية اعتراضا على دفن إحدى نساء القرية وهي طبيبة بالمعاش توفيت إثر إصابتها بفيروس كورونا ، حتى رضخوا مجبرين تحت قنابل الغاز المسيل للدموع، وبعد اعتقال عدد ممن قادوا التجمهر لمنع تشييع الجثمان.

اختلفت التفسيرات حول الدوافع وراء هذه السقطة الأخلاقية بين من يرى أن الجهل بات يقود الناس إلى التوحش، ومن يرى أن هذا التوحش الذي يسود البلاد منذ سنوات هو الذي يقود إلى الجهل؛  فالأمر قد يكون مزعجا لمن ارتطمت في وجهه هذه الحادثة على حين غرة، لكنها ليست الأولى المتعلقة بأزمة كورونا سواء في تكرار المشهد نفسه قبل أيام في قرية بولس بمحافظة البحيرة، وقبلها رفض أسرة استلام أحد أفرادها بعد وفاته بمستشفى النجيلة بمدينة مرسى مطروح.

من سوء حظ شبرا البهو، أنها الأولى التي التقطتها عدسات الكاميرات وأذاعتها على مواقع التواصل، في المقابل عاشت كثير من القرى والأحياء هذا المشهد وعاينته لسنوات منذ فتح باب مجازر الانقلاب العسكري ضد المخالفين سياسيا حتى صارت فصلا من فصول الكراهية برعاية السيسي الذي يسخر له الإعلام ليل نهار سياسات ممنهجة لتقسيم الناس إلى أخيار وأشرار مواطنين خونة وآخرين شرفاء.

يكمل مشهد التجمهر عناصر الحالة العشوائية التي تصنعها الحكومة في إدارة ازمة كورونا ، عبر السماح بمساحات واسعة للسخرية من الوباء والتهوين من خطره، فضلا عن فرد مساحات للمهازل الطبية في علاج كورونا على أيدي مسؤولين بالصحة.

فمع ارتفاع عدد الإصابات والوفيات التي تسمح الحكومة بالإعلان عنها، يبقى غياب التوعية الحقيقية للجماهير وعدم سن تشريعات وقوانين خاصة بالأطباء وإجراءات الدفن ينذر بتضاعف هذه الحوادث وتمددها؛  تكريسا للعشوائية الرسمية والجماعية من الحماية من أسباب العدوى.

الدكتور وفيق مصطفى مدير مركز أكتون الطبي في بريطانيا، ألقى باللائمة على سلطات الانقلاب في واقعة رفض الأهالي دفن جثمان طبيبة الدقهلية، لأنها اتبعت أسلوبا عشوائيا في إدارة الموقف ،مضيفا أن هناك قواعد محددة لدفن ضحايا فيروس كورونا.

وأضاف مصطفى في مداخلة هاتفية لبرنامج “وسط البلد” على قناة “وطن” أن الجثمان في مثل هذه الحالات يتبع الدولة ولا يتبع الأسرة ، وحضور الأسرة يكون باتفاق مع الدولة وبأعداد قليلة، وتجري الأمور في هدوء، لكن ما حدث يؤكد أن حكومة الانقلاب تريد خلق حالة من الجدل وإظهار الشعب بمظهر الجاهل.

وأوضح مصطفى أن الإجراءات الاحترازية التي قامت بها حكومة الانقلاب لا تقارن بما يحدث في الدول المتقدمة مثل بريطانيا، مضيفا أن مصر تعيش على البروباجندا في الإعلام، وأن نظام السيسي يفتقر إلى الشفافية ويتعمد التضليل فيما يتعلق بأعداد الإصابات والوفيات بكورونا.

بدوره قال الدكتور مصطفى جاويش، المسؤول السابق في وزارة الصحة، إن منظمة الصحة العالمية كان لها ملاحظات على الإجراءات الطبية في مصر، وهي توجيه الشكر لحكومة الانقلاب على موافقتها السماح بإجراء تجارب سريرية على المرضى، كما وجهت اللوم للحكومة على عدم اتباعها بروتوكول الصحة العالمية في توسيع دائرة الفحوصات وحذرت المنظمة من اتساع دائرة العدوى إذا لم تفرض الحكومة الحظر الكلي.

وأضاف جاويش في مداخلة هاتفية لبرنامج “وسط البلد” على قناة “وطن” أن البنك الدولي الدولي أصدر بيانا لتقييم الوضع في مصر باستخدام النماذج الرياضية لحسابات تفشي الوباء توقع خلاله وصول ذروة تفشي الوباء في منتصف مايو المقبل.

وأوضح جاويش أن حكومة الانقلاب لا تطبق بروتوكول الصحة العالمية في الكشف على حالات كورونا والتي تقوم على فحص المخالطين والقادمين من السفر من دول موبوءة ومن تظهر عليه أعراض الإصابة بكورونا ؛ وهو ما يفسر انخفاض أعداد الإصابات المسجلة بكورنا في مصر.

وأشار جاويش إلى أن تصريح وزيرة الصحة بارتفاع عدد حالات الوفاة بكورونا لمواطنين قبل وصولهم مستشفيات العزل،  يؤكد وجود تأخير في التشخيص أو نقص في تجهيزات عربات الإسعاف المخصصة لنقل الحالات إلى مستشفيات العزل.  ولفت إلى أن قيام حكومة الانقلاب بإغلاق أي مستشفى يظهر بها حالات إصابة بين الأطقم الطبية يؤكد عدم جاهزية القطاع الصحي، كما أن هذا الإجراء يفاقم المشكلة بسبب قلة عدد المستشفيات ونقص الأطقم الطبية .