كتب- يونس حمزاوي
رغم التواصل المستمر لتراجع الدولار أمام الجنيه، منذ أسبوعين تقريبا، إلا أن خبراء يؤكدون بالأدلة أن هذا التراجع مفتعل، وجاء بناء على تدخلات من جانب البنك المركزي لدعم الجنيه، وذلك بعد بيع سندات مصرية بالخارج بقيمة 6 مليارات دولار بفائدة 15%.
كما جاء تراجع الدولار متزامنا مع حملة دعائية ضخمة شاركت فيها معظم الأذرع الإعلامية للعسكر، إلا أن ذلك دفع عددا من المؤسسات الاقتصادية العالمية إلى التشكيك في تعافي الجنيه بصورة طبيعية، فيما توقع خبراء ومتخصصون انهيارا وشيكا للعملة المحلية، مستدلين على ذلك بأن موارد الدولة الأساسية لا تزال تعاني من ضعف الإيراد، سواء في الصادرات أو الاستثمار المباشر أو السياحة وقناة السويس.
تشكيك مؤسسات مالية
هذا ولم ينجح الصعود الأخير في قيمة الجنيه أمام الدولار الأمريكي في إقناع العديد من المؤسسات المالية الدولية وخبراء الاقتصاد، الذين يشككون في تعافي الجنيه بصورة طبيعية، ما دفعهم لإصدار تحذيرات من تقلبات حادة خلال الفترة المقبلة، ربما تجرف العملة المصرية إلى مستويات أعمق من الهاوية.
وذكرت وكالة بلومبيرغ الاقتصادية الأمريكية- في تقرير حديث لها- أن ارتفاع الجنيه أمام الدولار كان بسبب الإقبال على شراء أذون الخزانة من قبل المستثمرين الأجانب بعائد يتجاوز 15%، وهو ما أدى إلى وفرة في العملة الصعبة.
كما حذر بنك الاستثمار العالمي "رينيسانس كابيتال" من هبوط سريع للجنيه وصعود جديد وسريع للدولار مرة أخرى، لأنه ليس هناك على أرض الواقع ما يثبت قدرة الجنيه على الصمود أمام العملة الأمريكية.
حملة دعاية حكومية
من الأدلة على أن تعافي الجنيه أمام الدولار مصطنع وليس حقيقيا، ما كشفت عنه الإعلامية "لميس الحديدي"، الموالية للعسكر، عن تفاصيل مثيرة للغاية حول الحملة الدعائية الضخمة التي تنفذها سلطات الانقلاب حاليا للترويج لتراجع الدولار أمام العملة المحلية، وأكدت أنها بتوجيهات عليا من أجهزة سيادية ومسئولين بالدولة.
واعتذرت الحديدي عن المشاركة في الحملة، معربة عن أسفها لمن وصفتهم بالمسئولين الكبار بالدولة الذين يطلبون منها الدعاية لتراجع الدولار. الأمر الذي يعكس أن الحملة تتم بتوجيهات عليا من جهات "سيادية" وأجهزة أمنية لا علاقة لها بالوضع الاقتصادي.
وقالت الحديدي، في برنامجها "هنا العاصمة"، مساء الأربعاء 15 فبراير على قناة "سي بي سي"، إنها لا تستطيع القول إن هناك انهيارا كاملا للدولار، خاصة أنه لا توجد أي مؤشرات على أرض الواقع لهذا الانهيار".
وأضافت لميس "أنا آسفة مش هقدر أخش في حملة تتحدث عن انهيار سعر الدولار، وأنا مش شايفة أي مقومات، ولا عايزة أهلل للدولار".
وتابعت "أنا بعتذر لكل المسئولين اللي كانوا عايزين إني أتكلم في اتجاه معين، بس أنا في الاقتصاد مش بقول غير اللي اتعلمته، فأنا آسفة مش هقدر أشارك في حفلة الدولار.. وباعتذر للمسئولين اللي طلبوا مني الحديث في الموضوع".
تدخل البنك المركزي لدعم الجنيه
كذلك من الأدلة على أن تعافي الجنيه مفتعل، ما قاله الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، حول أسباب هبوط أسعار الدولار، خلال الأيام الماضية، مرجعا ذلك إلى تدخل البنك المركزي لدعم الجنيه، بما يتنافى مع فكرة التعويم، وترك العملة للعرض والطلب، حيث طرح البنك المركزي 6 مليارات دولار؛ للسيطرة على أسعار الدولار.
وقال، في مداخلة هاتفية لبرنامج «صح النوم»، المذاع على فضائية «LTC»، تقديم الإعلامي محمد الغيطي: إن أسباب ضخ البنك المركزي لـ6 مليارات دولار في السوق، تأتي تزامنا مع زيارة وفد الصندوق الدولي، يوم 18 فبراير الجاري؛ لمتابعة خطط الإصلاح الاقتصادي.
وقال: "بالأرقام.. المفروض أن يعلن البنك المركزي، خلال شهر يناير الماضي، عن وجود 32 مليار دولار كاحتياطي نقدي، إلا أن البنك المركزي أعلن عن 26 مليار دولار فقط، مضيفا أن هناك ضغوطا مصرية على الدولار، وأنها طرحت الـ6 مليارات للسيطرة على سعر العملة الأجنبية.
وأكد أن 90% من المستوردين توقفوا عن عمليات الاستيراد من الخارج؛ بسبب ارتفاع أسعار الدولار.
قيود على شراء الأفراد
الأمر الثالث، أنه من الأدلة كذلك على أن تراجع الدولار مفتعل ولا يقوم على أسس اقتصادية صحيحة ودائمة، أنه رغم التراجع المتواصل لسعر الدولار أمام الجنيه خلال الفترة الماضية، وحديث مسئولي البنك المركزي عن زيادة السيولة الدولارية في البنوك، فإن شراء الأفراد للدولار من البنك لا يزال مقيدا بشروط وكميات محددة.
وبحسب استطلاع أجرته أصوات مصرية، الثلاثاء 21 فبراير، لعشرة بنوك حكومية وخاصة، من خلال موظفي خدمة العملاء، أكد أن شراء الأفراد للدولار ليس متاحا للجميع، كما أنه مقيد بشروط محددة، وبمبالغ يختلف سقفها من بنك لآخر.
أبرز هذه الشروط هي أن تكون عميلا بالبنك حتى تحصل على احتياجاتك من العملة الصعبة، وهو شرط اتفقت عليه بنوك مصر والتجاري الدولي وإتش إس بي سي والإسكندرية والعربي الإفريقي وباركليز وأبوظبي الوطني ومصرف أبوظبي الإسلامي، وأن بنكين فقط ممن شملهم الاستطلاع يسمحان لغير العملاء بشراء الدولار، وهما الأهلي المصري والقاهرة.
واتفقت البنوك العشرة على أن شراء الأفراد للدولار مشروط بوجود سبب "السفر للخارج"، مع تقديم ما يفيد من أوراق تثبت السفر مثل جواز السفر وتذكرة الطيران.