دراسة: بالوثائق والتسريبات.. تحركات معارضي السيسي في الجيش تستهدف الإطاحة به

- ‎فيتقارير

توقعت دراسة أن الأوضاع الراهنة في مصر يُحتمل أن يترتب عليها خلال الشهور القادمة ضجر وسخط شعبي على نظام السيسي، لافتة إلى أن هذه بيئة مناسبة للمجموعات المناوئة للسيسي التي ترغب في التغيير.

وأوضحت دراسة لـ”المعهد المصري للدراسات”، بعنوان “القوى المناوئة للسيسي وسياسات إدارة الفرص” للباحث محمود جمال، أن الأيام القليلة الماضية شهدت بعض المستجدات من المحتمل أنها تشير إلى أن هناك بدايات لمحاولة الضغط على النظام وإحراجه أمام الشعب من قبل تلك الأطراف، وربما يكون تمهيدا لما هو قادم.

رصد الوثائق

ومن بين ما رصدته وأجملته الدراسة، وثائق إصابات قيادات المجلس العسكري، ثم وثيقة المحافظات الموبوءة التي تم تعميمها من قبل الفريق أسامة عسكر تحت عنوان “سري جدا”، ثم وثيقة عسكرية عن تجهيز مستشفى “مصر الجديدة العسكري”، كي تكون مقرا للحجر الصحي لاستقبال حالات العسكريين المُصابين بفيروس كورونا المستجد، بالإضافة لتجهيز قاعة المؤتمرات بمدينة نصر في محافظة القاهرة، ومستشفى المعادي العسكرية، ليصبحا أيضا مقرًا للحجر الصحي.

واعتبر أن من بين التسريبات التي ظهرت أخيرا، التي سرّبتها القوى المناوئة للسيسي، التسريب الذي أذاعه الإعلامي عبد الله الشريف، والذي لديه ملايين المتابعين خلال شهر مارس 2020م، لضابط الصاعقة عبد الرحمن محمد أحمد النجار، والذي يخدم في الكتيبة “103 صاعقة” بشمال سيناء، وظهر وهو يمثل بجثة شاب مقتول.

فلتات الأذرع

ورصدت الدراسة عدم التزام بعض الأذرع الإعلامية برواية المخابرات رغم علاقتهم القديمة معهم، ومن ذلك أشارت إلى “مواجهة الإعلامي وائل الإبراشي للفريق كامل الوزير، وزير النقل الحالي، على الهواء مباشرة في برنامجه الذي يعرض على القناة الأولى المصرية. كامل الوزير يحسب من الدائرة الضيقة التي تحيط بالسيسي ويعرف بعلاقته الجيدة بالسيسي”، إضافة إلى تكرار عرض موقع “اليوم السابع” بشكل شبه يومي لمقاطع وفيديوهات تكشف عن الزحام الشديد بالمترو والقطارات، وهو ما يكشف أيضا عن عدم التعامل الجاد من قبل الحكومة مع الأزمة.

وأضاف الباحث إلى ذلك، فضح النظام من موقع “اليوم السابع” بأن مصر منذ تعليق الطيران تُعَد المصدر الوحيد للطعام لبعض الدول، خصوصا الخضراوات والفاكهة والأسماك، حيث تقوم بتوريد الطعام لدول الخليج وعدد كبير من الدول الأوربية منها ألمانيا وفرنسا وإنجلترا وهولندا.

وأضاف في السياق ذاته، تغريدة للسياسي ممدوح حمزة طالب الدولة بأن توقف مشروعات الدولة في الإسكان والمباني الإدارية والتجارية وتوجه ميزانياتها إلى احتياطي غذاء لمدة ٦ شهور علي الأقل، قائلا: “ربما يأتي أيضا في إطار إحراج النظام”.

ومن فلتات الأذرع التي رصدتها الدراسة، تدوينة كتبها عمرو أديب بعد تقليل عدد ساعات الحظر لمدة ساعة، مستغربا فيها من اطمئنان الحكومة رغم أن “المعركة مستمرة لم تنتهِ بعد”.

وأشار إلى أن مدلول الكلام أن المسئولية على الحكومة وليست على الشعب، موضحا أنها “ليست عادة عمرو أديب في مثل تلك المواقف!”.

عودة محمد علي

ورأت الدراسة أن عودة محمد علي بعد فشل تظاهرات 25 يناير 2020م، بنشر مقطع فيديو على حسابه الرسمي على “تويتر”، وأعلن فيه أنه سيظل يواجه ويقاوم السيسي، بأنه “يمكن فهم رسالة محمد أنها موجهة من قبل أطراف مناوئة للسيسي”.

كما أضاف إلى الرسائل المبطنة رسالة عماد حسين عن الفرصة الضائعة، والتي تعامل معها الإخوان بإيجابية إلى أن السيسي رفضها.

خوف السيسي

وإزاء رصد مسبق من نظام السيسي، قالت الدراسة إنه قرر ألا يشارك الجيش في تطبيق حظر التجوال، لأنه يعني الانتشار في 28 محافظة بامتداد الجمهورية، وأن القوات التي ستقوم بالانتشار هي القوات التابعة للمناطق والجيوش العسكرية، وهذا ما يرفضه السيسي.

وكشف عن أن السيسي، منذ ديسمبر 2016م “انتفاضة الغلابة”، يسمح فقط لقوات التدخل السريع “قوات حماية النظام” بالانتشار في الميادين الرئيسية في القاهرة الكبرى والإسكندرية وبعض محافظات الوجه البحري عند الضرورة لفرض الأمن، وقوات التدخل السريع قدراتها “أفراد ومهمات” لا تسمح لها بأن تنتشر في 28 محافظة.

وأشار إلى أنه حال تصاعد الغضب لا يضمن “ولاء قوات الجيوش والمناطق العسكرية فى التعامل مع أحداث “فوضى” حال اندلاعها، ومن المحتمل أن يكون لها رأى آخر وتتجرأ وتأخذ قرارًا مغايرًا لقرار المنظومة الحاكمة، عندما ترى الملايين يملئون الشوارع بسبب وجود كارثة حقيقة تهدد الجميع”.

رؤية البحث

وفي إشارة الباحث إلى الأساليب التي يعتمد عليها الطرف المناوئ للسيسي في الضغط عليه وإحراجه أمام الشعب، ظهرت أكثر خلال الشهور فبراير، ومارس، وأبريل 2020، وأن تلك الأطراف بدأت بالفعل في الضغط على النظام مستغلة تداعيات أزمة كورونا، لتوقعها أن الأوضاع ذاهبة إلى ما هو أسوأ في الشهور المقبلة.

وأشار إلى أن التسريبات المتكررة من داخل المؤسسة العسكرية، خلال فترة قصيرة لوثائق وتسريبات عسكرية داخلية، هي نتيجة انسداد قنوات التصحيح الداخلي الذي قد تهدف إليه المجموعات المناوئة للسيسي، لزيادة حالة الضجر والسخط الشعبي على النظام، كذلك أيضا هي نوع من الاحتجاج الصامت على عدم الشفافية وعدم كفاءة التصدي لوباء كورونا الذي لا يميز بين مدني وعسكري، وتعد استنجادًا غير مباشر بفعاليات الرأي العام.

سيناريوهات

وطرح الباحث 3 سيناريوهات لتطور الأوضاع في مصر خلال الفترة القادمة:

الأول: أن يستمر السيسي مسيطرا على الأوضاع، متغلبا على كل العقبات التي تقابله، مستمرا في سياسة القمع والإقصاء والانفراد بالحكم، وهذا السيناريو يقتضي عبور أزمة الكورونا بسرعة وسلام، وتفادي تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، مع حل مشكلة سد النهضة بشكل أو بآخر، والاتفاق مع إثيوبيا على فترة لا تقل عن 10 سنوات لملء الخزان. وأشار إلى أن اجتماع هذه العوامل يكاد يكون من المستحيل.

الثاني: وقوع البلاد في حالة من الفوضى الشديدة والاضطرابات التي تؤدي إلى فشل النظام، وذلك في غضون عام أو عامين من الآن، بما يستحيل معه على السيسي أن يسيطر على الأوضاع، وتقع البلاد تحت وطأة اضطرابات سياسية واقتصادية واجتماعية، تصاحبها انقلابات عسكرية ومحاولات للسيطرة على الحكم، مع احتمالات احتراب أهلي أو عنف طائفي أو تصاعد نفوذ جماعات متطرفة مثل داعش أو غيرها للاستفادة بالأوضاع المضطربة.

الثالث: ورجح أن يستمر الفشل في أداء النظام مع تصاعد المشكلات الصحية والاقتصادية والاجتماعية والمائية بما يدفع إلى بدايات حالات من الاضطراب والغضب الشعبي المصحوب بحراك كبير، لكن في هذا السيناريو قد تتدخل سريعا قوى داخلية للاستفادة من هذه الأوضاع بالقفز على السلطة، وقد يتم دعم هذه القوى بشكل أو بآخر من قوى خارجية لتفادي وقوع البلاد في حالة من الفوضى الشاملة، مع كل ما لهذه الفوضى من تداعيات على استقرار المنطقة المضطربة أصلا، أو على تصاعد معدلات الهجرة غير الشرعية أو الميل للعنف وفتح المجال للجماعات المتشددة لاكتساب مساحات كبيرة، ويبدو أن القوى المناوئة للسيسي قد بدأت تراهن على هذا السيناريو الثالث وتتجهز له.

وأضاف وفق السيناريو الأخير، إنه من المحتمل أن تشهد الفترات القادمة إجراءات أخرى تعمل عليها تلك المجموعات المناوئة للسيسي، بخلاف الوثائق التي تخرج لتحرج وتضغط على النظام، وبخلاف التحركات الإعلامية والسياسية التي شهدناها الفترة الماضية، وربما تكون أزمة كورونا أو تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية هي الدافع لحراك الشارع المصري مرة أخرى، بما قد يدفع الأمور للتداعي بشكل مختلف.

https://eipss-eg.org/%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D9%88%D8%A6%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D9%8A-%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%B5/