يومًا بعد يوم يتأكد مدى رعب قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي من اسم “رابعة”، الأمر الذي تجلّى في انفعاله على رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، إيهاب الفار، خلال حديثه عن تطوير منطقة “ميدان رابعة”، حيث هاج السيسي فور سماعه اسم “ميدان رابعة” وطلب من الفار أن يسميه باسم “هشام بركات”.
قادة القتلة
وتشير أصابع الاتهام في ارتكاب تلك المجزرة إلى العديد من القتلة، أبرزهم قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، والذي كان يشغل في ذلك الوقت منصب وزير الدفاع، والذي قاد انقلابًا عسكريًا دمويًا على رئيسه الدكتور محمد مرسي، في 3 يوليو 2013، وقام السيسي بعد ذلك بالاستيلاء على الحكم وإدارة شئون البلاد، وكان المسئول الأول عن إصدار الأوامر في ذلك الوقت. وشاركه المسئولية أيضا محمد إبراهيم، وزير الداخلية في حكومة الانقلاب، والذي أسهم في وضع خطة ارتكاب المجزرة وأشرف على تنفيذها.
وعلى الرغم من عدم وجود قيمة له، إلا أنّ “عدلي منصور” يعد من المشاركين الأساسيين في تلك المجزرة، خاصة بعد قبوله القيام بدور الكومبارس في مسرحية الانقلاب.
ويأتي “حازم الببلاوي” رابعًا في تلك العصابة؛ لقبوله أيضا منصب رئيس حكومة الانقلاب، وإسهامه في إصدار قرار ارتكاب جريمة الفض.
وتضم القائمة أيضا صدقي صبحي، رئيس هيئة أركان القوات المسلحة، والذي أسهم في اتخاذ قرار ارتكاب الجريمة، وأشرف على مشاركة مليشيات الجيش في قتل وقنص المعتصمين السلميين في الميدان.
كما تضم القائمة أيضا محمود حجازي مدير المخابرات الحربية، ومحمد فريد تهامي مدير المخابرات العامة، ومدحت الشناوي قائد القوات الخاصة في فض اعتصام رابعة، والخائن محمد زكي رئيس الحرس الجمهوري، وأشرف عبد الله مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن المركزي، وأحمد حلمي مساعد وزير الداخلية لخدمات الأمن العام، وخالد ثروت مساعد وزير الداخلية لأمن الدولة، وأسامة الصغير مدير أمن القاهرة، وحسين القاضي مدير أمن الجيزة، ومصطفى رجائي مساعد وزير الداخلية لقطاع قوات الأمن.
ذكر تلك الأسماء لا ينفي وجود أسماء قتلة آخرين شاركوا في المجزرة، وسيأتي اليوم الذي يتم تقديمهم للمحاكمة، خاصة وأن الحصانة التي يتمتعون بها الآن في ظل الانقلاب العسكري سرعان ما ستزول عنهم فور تحرير الوطن وتطهير البلاد من تلك العصابة.
جريمة كبرى
عِظم حجم جريمة مجزرة الفض تجلّى في تصريحات هشام عبد الحميد، المتحدث باسم مصلحة الطب الشرعي، والذي صرح بأن “إمكانيات المصلحة أضعف من مواجهة الكوارث الكبرى”، واصفًا المجزرة التي تعرض لها أنصار الشرعية على أيدي قوات الانقلاب في اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بـ”الكارثة”.
وذكر عبد الحميد– في لقاء على قناة “سي بي سي إكسترا”– أن مشرحة زينهم التابعة للمصلحة لا تملك ثلاجات تجميد، كما لا تملك طاقة استيعابية كبرى لمواجهة الكوارث، وأضاف عبد الحميد قائلا: “ضحايا اعتصامي رابعة والنهضة ومسيرات الشرعية كانوا عددًا ضخمًا”، لافتا إلى أن طوابير السيارات كانت تملأ ساحات المصلحة.
كثرة جثامين شهداء المجزرة دفع أقاربهم إلى نقلهم للمساجد المجاورة للميدان، واستخدام الطرق البدائية للحفاظ علي الجثامين، بانتظار نقلهم للمشرحة والحصول على تصاريح الدفن، والتي تم استخدامها كسلاح لابتزاز أهالي الضحايا عبر إجبارهم على التوقيع على إقرارات بوفاة ذويهم بأسباب أخرى غير القتل برصاص مليشيات الجيش والشرطة؛ في محاولة يائسة للهروب من المسئولية وتضييع الحقوق المادية التي يمكن أن يطالب بها ذوو الشهداء.
مطالبات بالمحاسبة
ودفعت تلك الجريمة العديد من المنظمات الحقوقية للمطالبة بمحاكمة ومعاقبة القتلة، حيث طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” بإجراء تحقيق دولي لمحاسبة المسئولين عن مجزرة فض اعتصام رابعة العدوية.
وقالت المنظمة، في جلسة استماع بجنيف لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: إن “السلطات المصرية لم تمتثل للقانون الدولي أثناء فض اعتصام رابعة في القاهرة 14 أغسطس عام 2013، حيث اقتحمت قوات الأمن ميداني رابعة والنهضة بالقاهرة والجيزة واستخدمت الذخيرة الحية بشكل سريع، مُوقعة قتلى في الدقائق الأولى من فض الاعتصام بميدان رابعة، كما سقط العدد الأكبر من الضحايا في ميدان رابعة الذي قررت السلطات اقتحامه وإخراج المعتصمين منه بحجة أن الاعتصام يهدد الأمن”.
من جانبه طالب “المركز العربي الإفريقي للحقوق والحريات” الأمم المتحدة بالتحقيق في مجزرة فض اعتصام رابعة العدوية، وتقديم المتورطين فيها للمحاكمة العاجلة.
وقال المركز، في بيان له، “حتى يومنا هذا لم يتم تقديم المسئولين عن أكبر عمليات القتل الجماعي في تاريخ مصر الحديث للمحاكمة، بل تم الحكم بالمؤبد والإعدام على من تبقى من شهداء المجزرة، فيما أدين مئات المعارضين لنظام الانقلاب بتهم غير عادلة في محاكمات جماعية على خلفية الاحتجاجات على تلك المجزرة الدامية”.