وشهد شاهد من أهلها.. وزير يشكك في أرقام المصابين بكورنا أمام السيسي

- ‎فيتقارير

فجّر وزير التعليم العالي والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، الدكتور خالد عبد الغفار، مفاجأة مدوية اليوم الخميس 21 مايو 2020م، قائلا: «احنا مش 14 ألف حالة إحنا 71 ألف حالة»، بل إن الوزير أضاف أن الأرقام ربما كانت أعلى من ذلك أيضا، مضيفًا أن الأرقام المسجلة لعدد إصابات فيروس كورونا في مصر ربما تكون غير دقيقة، زاعما أنه لا يوجد أي دولة في العالم تستطيع حصر جميع أعداد الإصابات.

مبلغ المفاجأة أولا أنها تمثل تشكيكا صريحا ومن مسئول حكومي كبير في الأرقام الرسمية التي تعلنها وزارة الصحة والسكان بحكومة الانقلاب كل يوم، والتي تواجه بتشكيك واسع من جانب المواطنين ومؤسسات الرصد والبحث العلمي.

والأكثر مفاجأة أن هذه التصريحات قيلت بحضور رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي خلال افتتاحه ما يسمى بمشروع بشائر الخير “3”. ولم يعترض رئيس الانقلاب على هذا التشكيك الصريح في أرقام الحكومة الرسمية.

وأوضح “عبد الغفار” أن «أعداد النموذج الافتراضي الذي تم إعداده يشير إلى تسجيل مصر بالأمس 3725 حالة، ووصول إجمالي عدد الإصابات إلى 71145»، مشيرًا إلى أن هذا النموذج يتوقع وصول عدد الإصابات نهاية الشهر الجاري إلى 100 ألف إصابة. وأشار إلى أن أعداد النموذج الافتراضي من الممكن جدًا أن تكون واقعة في بلد به أكثر من 105 ملايين مواطن.

900 ألف مشتبه بإصابته

وكان أحمد السبكي، مساعد وزير الصحة لشئون الرقابة والمتابعة بحكومة الانقلاب، أعلن خلال حضوره اجتماع لجنة الصحة ببرلمان العسكر، في الرابع من مايو، أن قطاع الطب الوقائي بالوزارة يتابع أكثر من 900 ألف مواطن، من المخالطين المباشرين وغير المباشرين لمصابي «كورونا»، وهو التصريح الأكثر صراحة وشفافية حتى اليوم، والذي يكشف أن عدد المصابين بالعدوى في مصر ربما يقدر بمئات الآلاف وليس 14 ألفا فقط.

تحويل “320” مستشفى لأماكن عزل

ودليلا على مدى تفشي الوباء بعيدا عن الأرقام الرسمية الملعوب فيها، قررت وزارة الصحة بحكومة الانقلاب، أمس الأربعاء، خلال اجتماع مجلس الوزراء بحكومة الانقلاب تحويل 320 مستشفى عامة ومركزية غير تخصصية لخدمات فحص المشتبه بإصابتهم.

حيث تقوم هذه المستشفيات بفحص حالات الاشتباه، واستقبال المرضى، وتتبع تاريخهم المرضي، وفحصهم إكلينيكيا، مع إجراء تحليل صورة الدم، وأشعة الصدر، ومن ثم تطبيق تعريف الحالة، والمرضى الذين لا ينطبق عليهم تعريف الحالة سيُصرف لهم علاج للأعراض، ويغادرون المستشفى في الحال”.

وبحسب وزيرة الانقلاب، فإنه إذا ثبت إصابة الحالة فسيتم تقييم المصابين وتقسيمهم إلى ثلاثة مستويات:

  1. الأول، أصحاب الأعراض الخفيفة، وهؤلاء سيتم عزلهم منزليا، مع توزيع مستلزمات العزل المنزلي عليهم،  وتشمل حقيبة مستلزمات طبية تتضمن كمامات، ومطهرات، وبعض الأدوية، على أن تتم متابعة المريض من خلال منظومة إلكترونية تستهدف تتبع حالات العزل المنزلي”.
  2. والثاني أن تكون الأعراض متوسطة،  وهؤلاء سيتم تحويلهم إلى نُزل الشباب، والمدن الجامعية.
  3. الثالث أن تكون الأعراض مرتفعة أو شديدة أو حرجة، وهؤلاء فقط الذين يحولون إلى مستشفيات العزل.

التلاعب في الأرقام الرسمية

ويمكن عزو أسباب تراجع الأرقام الرسمية للمصابين في مصر إلى تحكم الحكومة وأجهزتها الأمنية على ما تصدره وزارة الصحة كل يوم، مع تهديد وسائل الإعلام بسكين قانون الإرهاب حال نشروا أرقاما تخالف البيانات الرسمية، حتى وإن ثبت بيقين أنها مفبركة ومزيفة.

وبحسب دراسة نشرها “الشارع السياسي” بعنوان «ضعف الأرقام الرسمية للمصابين بكورنا في مصر.. قراءة تحليلية» إنه يمكن عزو ضعف الأرقام الحكومية إلى الأسباب الآتية:

أولا: تحكمت السلطة العسكرية في أعداد الفحوصات والتحاليل اليومية، فلم يكن يتم خلال شهري مارس وإبريل سوى 500 تحليل يوميا، وعليه فكلما قلت الفحوصات والتحاليل قلت أعداد المصابين والعكس صحيح.

وكانت وزيرة الصحة بحكومة الانقلاب فد أعلنت، في 25 إبريل 2020، عن أن الوزارة قامت بعمل نحو 25 ألف تحليل بي سي آر فقط خلال مارس وإبريل، في ذات التوقيت كانت حكومة الاحتلال تجري يوميا نحو 10 آلاف تحليل يوميا، بمعدل نحول 70 ألفا في الأسبوع، رغم أن تعداد سكان “إسرائيل” 9 ملايين فقط بينما تربو مصر فوق الــ100 مليون.

ثانيا: نحو مزيد من التحكم والسيطرة، أعلنت وزارة الصحة بحكومة الانقلاب عن حظر إجراء المعامل الخاصة تحاليل الــ”PCR” الخاصة بالكشف عن كورونا، واعتبرت ذلك تهديدا للأمن القومي، ووجهت إدارة العلاج الحر والتراخيص بوزارة الصحة بحكومة الانقلاب، منشورًا إلى المديريات الصحية حمل رقم ٣ لسنة ٢٠٢٠، بالتنبيه على إدارة العلاج الحر بالمحافظات بعدم السماح للمعامل الخاصة بإجراء تحاليل فيروس كورونا خارج وزارة الصحة؛ لما يمثله من تهديد للأمن القومي بحسب الدكتورة نانسي الجندي، مديرة المعامل المركزية بوزارة الصحة.

ثالثا: قصرت وزارة الصحة بحكومة الانقلاب إجراء التحاليل على من تظهر عليهم الأعراض المتقدمة للوباء، لكنها لا تتخذ أي إجراء مع من يعانون أعراضا أولية، و“هؤلاء يقدرون بالآلاف”، فوزارة الصحة بحكومة الانقلاب وضعت بروتوكولا للكشف عن الحالات ينص على فحص من يعاني من الحمى والسعال والرشح وضيق التنفس مع التركيز على كبار السن، في حين لا يعتد بالحمى والسعال والرشح دون وجود ضيق في التنفس.

هذه الطريقة في الفحص تجعل آلاف المصابين المحتملين لا يتعرضون لأي فحوصات من قبل الحكومة للتأكد من سلامتهم، وبالتالي فإن الأرقام المعلنة تبدو طبيعية بالنسبة لشروط الفحص المعمول بها. وبالطبع هذه الآلية غير علمية وغير عملية وتسمح بآلاف المصابين الذين يتحركون وينقلون العدوى في هدوء لسبب بسيط أنهم لم تظهر عليه الأعراض.

رابعا: عملية الفحص وعزل المشتبه بهم تتم بطريقة غير علمية وتفتقد للحد الأدى من الـ “infection control”، إذ يتم وضع مجموعة من المشتبه بهم في حجرة عزل واحدة لحين وصول نتيجة الفحص من المعامل المركزية. وعندما تأتي نتيجة حالة واحدة إيجابية فهذا يعني أن أصحاب النتائج السلبية غالبا أخذوا العدوى خلال وجودهم مع صاحب النتيجة الإيجابية في حجرة العزل”. مع ذلك يتم إخراج أصحاب النتائج السلبية من المستشفى مع مطالبتهم بعزل أنفسهم بحسب شهادة إحدى الممرضات.

خامسا، بالنسبة للمخالطين لحالات الإصابة تكتفي وزارة الصحة بمناشدتهم بالعزل الطوعي دون إجراء فحوصات أو تحاليل للكشف عن مدى إصابتهم من عدمه؛ وهي سياسية كارثية لأنها تدع مئات وربما آلاف المصابين يتحركون بكل حرية  وينشرون العدوى في كل مكان بقدر ما يخالطون من الناس كل يوم، وهؤلاء  رغم إصابتهم بالفيروس ونقلهم للعدوى إلا أن أرقام الوزارة الرسمية لا تتحدث عنهم مطلقا لأنهم ببساطة لم يتم إجراء فحوصات لهم ولم يتم إجراء تحاليل تؤكد إصابتهم بالفيروس؛ ولعل هذا هو سبب العصبية البالغة التي واجهت بها حكومة الانقلاب وآلتها الإعلامية التقرير الذي نشرته صحيفة الجارديان البريطانية حول دراسة قامت بها جامعة “تورنتو الكندية” تشكك في أرقام حكومة الانقلاب وترجح أن أعداد المصابين في مصر ما بين 6 آلاف كحد أدنى و19310 كحد أقصى حتى منتصف مارس 2020م.