شهادة مستشار نتنياهو عن مرسي.. الحق ما شهدت به الأعداء

- ‎فيتقارير

في تراث المنطق العقلي أن الحق ما شهدت به الأعداء، وهو ما يمكن استنباطه من تصريحات الإعلامي والمحلل الإسرائيلي “إيدي كوهين”، المستشار بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”، بأن الرئيس الراحل محمد مرسي كان آخر رئيس مقاوم لـ(إسرائيل) بعد الرئيس العراقي “صدام حسين”.

وأشاد “كوهين” ضمنا بالانقلاب العسكري الذي قاده عبد الفتاح السيسي ضد “مرسي”، معتبرًا أنه “كاد أن يكون كارثة لإسرائيل لو ما حدث انقلاب السيسي عليه.. قلتها سابقا مرسي شكل خطرا على أمن (إسرائيل) القومي”.

وجاء ذلك في تغريدة لـ”كوهين” على “تويتر” تزامنًا مع مرور الذكرى الأولى لوفاة “مرسي”، في 17 يونيو 2019، عن 67 عاما، أثناء محاكمته، وذلك بعد سنوات من السجن والإهمال الطبي الممنهج.

وأثارت تدوينة “كوهين” جدلا واسعا على “تويتر”، حيث رفضها أنصار ومؤيدو السيسي، معتبرين أنها “عكس الحقيقة”؛ لأن “مرسي كان عميلا للمخابرات الأمريكية منذ عام 1986″، على حد زعمهم.

في المقابل قال عضو الفريق الرئاسي لـ”مرسي”، “أحمد عبد العزيز”، في رده على “كوهين”: “مرسي ليس آخر رئيس، بل سيأتي مرسي آخر– غدا أو بعد غد– يجعل كيانك الغاصب أثرا بعد عين، كما فعل البابليون بأجدادك من قبل! لن يطول وجودكم على أرض فلسطين. أؤكد لك، يقينا وإيمانا، لا أمنية ولا حلما”.

اختفاء صهيوني بالسيسي

ودللت العديد من المراكز البحثية والصحافة الغربية عن الاحتفاء الإسرائيلي بالسيسي، حيث رصدت مجلة ميدل ايست آي، في سبتمبر الماضي، الرهان الإسرائيلي على السيسي، بعد أن همش إعلامها أحداث التظاهرات ضد السيسي.

ومع ذلك، فإن أعضاء البرلمان الإسرائيلي، الذين يترددون بشكل غير معهود في التحدث علنا حول مثل هذه القضايا، يقولون إن هناك قلقًا عميقًا بشأن مستقبل رجل يُعتبر غالبا “الزعيم المصري الأكثر تأييدا لـ(إسرائيل) على الإطلاق”.

كما أنهم يدركون أن أي تعبير إسرائيلي عن الاهتمام بمثل هذا المعنى لا بد أن يلحق أضرارًا أكثر من المنفعة للقائد الذي تم انتقاده بالفعل في أجزاء من العالم العربي، لكونه بالضبط ما يقولون.

وفي الأعوام التي تلت انقلاب السيسي في عام 2013، انتقلت الحكومتان المصرية والإسرائيلية من العمل معا ضمنيًا إلى التعاون المفتوح، وهي علاقة تعززها الصور التي تظهر مدى الود بين “السيسي” ورئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”.

أكثرهم فائدة

وقال “تسفي ماغن”، وهو ضابط سابق رفيع المستوى في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، ويعمل الآن كزميل باحث في معهد دراسات الأمن القومي: “حتى لو عرّف البعض السيسي بأنه ديكتاتور تولى السلطة باستخدام القوة، فإنه يظل لاعبا أكثر إيجابية من سابقيه. وعلى عكس مبارك، فهو رجل قوي يعرف قوة ميدان التحرير، ويعرف إلى أين يمكن أن تقود الاحتجاجات. ومن المحتم أن يكون أكثر حذرا”.

لكنه قال أيضا: إن (إسرائيل) يمكنها مساعدة السيسي في تكتم من خلال تزويده بالمعلومات الاستخبارية.

وأضاف: “ليس لدينا رأي بشأن الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه النظام المصري، لكن الوضع الفوضوي سيئ للجانبين. ويمكن لـ(إسرائيل) أن تساعده بتزويده بالمعلومات الاستخباراتية، لكن بالتأكيد يجب ألا تتدخل”.

وأخبر “أميرام ليفين”، نائب رئيس “الموساد”، “ميدل إيست آي”، أن “السيسي” كان يدفع أيضا ثمن علاقاته المفتوحة مع (إسرائيل).

وأضاف أن “إيران، على سبيل المثال، تصنفه كعدو”. وبشكل عام، تعمل هذه العلاقة بمثابة عامل دعائي ضده. وأكمل: “نتنياهو مخطئ تماما عندما يركض لنشر أخبار الصداقة الطيبة مع السيسي”.

مصالح مشتركة

ولا تعتبر العلاقة بين “السيسي” و”نتنياهو” علاقة “كيمياء متبادلة” بين القادة، ولكن علاقة مبنية على المصالح المشتركة.

وفي عهد “السيسي”، وصل التعاون العسكري مع (إسرائيل) في سيناء إلى مستويات لم يسبق لها مثيل، حيث حدد كلا البلدين المقاتلين المرتبطين بتنظيم “الدولة الإسلامية” و”القاعدة” في شبه الجزيرة كتهديد مشترك.

وبينما تشن القوات المصرية الحرب هناك على الأرض، تقدم (إسرائيل) معلومات استخباراتية حاسمة للحملة. ولعب “السيسي” أيضا دورا مهما كوسيط في الصراع الدامي بين “حماس” و(إسرائيل) في غزة.

علاقة مخابراتية

وبينما ينتقد استخدام (إسرائيل) للقوة المفرطة ووفيات المدنيين اللاحقة، فإنه يعتبر “حماس” عدوا لمصر، حتى أثناء استضافة قادة “حماس” لإجراء محادثات في القاهرة، وعقد مؤتمر للمانحين لإعادة إعمار غزة. ولقد جعلته هذه المناورة الدقيقة لاعبا مهما في المنطقة. ويقول المحللون إن العلاقة الاستخباراتية مع (إسرائيل) قد أثبتت أنها مفيدة لـ”السيسي”.

وعلى الرغم من العلاقات الوثيقة، إلا أن العلاقات الإسرائيلية المصرية ترافقها دائما درجة من الشك.

وكان العديد من الإسرائيليين البارزين آنذاك يشتبهون في أن زيارة الرئيس المصري “أنور السادات” إلى (إسرائيل) عام 1977، ومعاهدة السلام لعام 1979 بين البلدين، كانت بمثابة فخ خطير.

وبعد عقدين من الزمن، في عام 2001، اقترح “أفيغدور ليبرمان” أن تقصف (إسرائيل) سد أسوان، “السد العالي”، إذا استمرت مصر في بناء قوات عسكرية في سيناء. ويعتقد وزير الدفاع السابق الآن أن المصريين كانوا يستعدون سرا لأعوام عديدة لحرب أخرى مع (إسرائيل).

أهمية الاستقرار للصهاينة

وقال “أفرايم هاليفي”، رئيس الموساد من عام 1998 إلى عام 2002: “هناك قدر من الشك، وهذا أمر مفهوم”، مؤكدا أهمية الاستقرار في مصر بالنسبة لـ (إسرائيل).

ويمثل كل من أمن مصر ونظامها السياسي، وبالتأكيد الآن أمن “السيسي” كرئيس، مصلحة أمنية حيوية لـ(إسرائيل). فلدى مصر أكبر عدد من السكان في العالم العربي، ولها حدود طويلة مع (إسرائيل).

انحياز مرسي لفلسطين

يشار إلى أنه منذ وصول الرئيس مرسي للحكم في مصر، أعلن انحيازه التام لفلسطين، معلنا أكثر من مرة “لبيك يا غزة”، و”لن نترك غزة وحدها”، وفتح المعبر معها لوصول المساعدات وتبادل الوفود الرسمية، وزار رئيس وزرائه ووفود برلمانية وسياسية وشعبية غزة وقت الحرب عليها، وأدى تدخله لوقف سريع للعدوان الصهيوني على غزة.

وفي كل المحافل الدولية نقل مرسي هموم القضية الفلسطينية. ولعل الرسالة التي كانت واضحة من الأمريكيين لنظام مرسي، وقت الانقلاب عليه، أنه نفد رصيدكم لدينا لثلاثة أمور، غزة والاكتفاء الذاتي من الغذاء.

وهي أمور تصب في وطنية الرئيس مرسي، صاحب الرؤية الحقيقية للتنمية والتحرر والاستقلال الوطني، وليس بيع مصر كما يفعل السيسي الآن.