“دويتش فيلله”: هل تتحمل السعودية تداعيات انتهاكات حقوق الإنسان؟

- ‎فيتقارير

نشرت الإذاعة الألمانية "دويتش فيلله" تقريرا سلطت خلاله الضوء على حملة القمع التي تشنها المملكة العربية السعودية ضد المعارضة.

وقال التقرير الذي ترجمته "الحرية والعدالة" إن السلطات السعودية صعّدت من حملة القمع ضد المعارضة، واعتقلت أحد أفراد عائلة رئيس المخابرات السابق سعد الجابري هذا الأسبوع، وقطعت الاتصالات بين منتقدين آخرين مسجونين وأسرهم، بحسب العائلات.

وكانت السلطات قد اعتقلت بالفعل اثنين من أبناء الجابري وشقيقه في مارس قبل أن يوجه اتهامات في الولايات المتحدة هذا الشهر بزعم أن ولي العهد السعودي حاول قتله. وقال خالد، أحد أبنائه، على تويتر يوم الأربعاء إن الاعتقال الأخير لصهر الجابري كان "جهداً سافراً لإرهاب" أسرته. وقد تم قطع المكالمات الهاتفية المحدودة أو الزيارات مع العديد من المعارضين المسجونين في الأشهر الأخيرة.

وقالت شقيقة لجين الهذلول، وهي ناشطة بارزة في مجال حقوق المرأة، إن عائلتها كانت قلقة للغاية من عدم سماعها من لوجين منذ 9 يونيو. وأضافت لينا الهذلول لـ DW:"لا ندرى لماذا تقطع السلطات كل الاتصالات إذا لم يكن لديها ما تخفيه، في المرة الأولى التي تم فيها احتجازها بمعزل عن العالم الخارجي، كانت تتعرض للتعذيب، لذلك لا أستطيع التفكير في أي شيء آخر".

كما انقطعت الزيارات عن عائلتي الأميرة بسمة بنت سعود وولي العهد السابق محمد بن نايف، طبقا لمصدر مقرب من الموضوع. وانقطعت اتصالات بنت سعود في أبريل بعد أن ناشدت علناً ولي العهد محمد بن سلمان، المعروف شعبياً باسم محمد بن سلمان، بإطلاق سراحها.

سلمان العودة، رجل دين إصلاحي اعتقل في عام 2017 ويواجه عقوبة الإعدام، لم يسمع عنه منذ مايو، وفقا لتقرير حديث لوكالة بلومبرج. اتصلت DW بوزارة الاتصالات السعودية للتعليق عليها، لكنها لم تتلق أي رد.

تصعيد مكلف؟

وتأتي هذه الحملة في لحظة حساسة بالنسبة لعلاقات المملكة العربية السعودية مع حلفائها، وينقسم الخبراء حول ما إذا كان بإمكان محمد بن سلمان تحمل مثل هذا التصعيد. إن إسكات المنتقدين على نحو متزايد من الممكن أن يضر بعلاقات البلاد مع الولايات المتحدة وفي الحملة الانتخابية، وصف المرشح عن الحزب الديمقراطي جو بايدن العام الماضي المملكة العربية السعودية بأنها "منبوذة" وهدد بوقف مبيعات الأسلحة إلى المملكة. وقد يؤدي التصعيد إلى تصلب موقفه الذي من شأنه أن يشكل فرقا في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر المقبل.

وفي الوقت نفسه، مارس أربعة أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي ضغوطاً على الرئيس دونالد ترامب للمساعدة في تأمين الإفراج عن عائلة الجابري، التي ساعدت الاستخبارات الأمريكية لسنوات كما انخرطت جماعات الضغط للضغط من أجل الإفراج عن الأمير سلمان بن عبد العزيز بن سلمان آل سعود في مايو.

بئر النوايا الحسنة تجف

وفي أوروبا، فإن قرار ألمانيا بشأن تمديد حظر مبيعات الأسلحة إلى السعودية قبل انتهاء مدتها في ديسمبر يعطيها بعض النفوذ في الضغط من أجل اتخاذ إجراءات بشأن حقوق الإنسان. وعلقت ألمانيا تلك المبيعات في أعقاب مقتل الصحفي المنشق جمال خاشقجي في عام 2018، وهي جريمة نُسبت إلى محمد بن سلمان، إلى جانب سجن نشطاء، شوهت سمعته كمصلح وعلاقات باردة مع المستثمرين العالميين.

وفي الوقت الذي تستعد فيه الرياض لاستضافة قمة مجموعة العشرين في نوفمبر، تتاح لولي العهد فرصة استعادة سمعته. ولكن عندما ينعقد البرلمان الأوروبي بعد عطلتهم الصيفية، سيدعو الأعضاء إلى الاستجابة للطلبات القديمة بالإفراج عن الأميرة بسمة بنت سعود والأمير سلمان بن عبد العزيز.

وقالت إيفا كالي، عضو البرلمان الأوروبي وعضو مجلس النواب الأميركي، الذي يُعَدّ علاقات البرلمان مع دول شبه الجزيرة العربية، "إذا كانوا يعاملون أفراد العائلة المالكة بهذه الحال، بدون عدالة، تخيلوا ما يحدث مع الآخرين". وأضافت أن "الوضع الجنوني هنا هو أن مجرد التحدث مع مسؤولين مثل أولئك الذين من البرلمان الأوروبي قد يؤدي إلى تهمة الخيانة، أو أن يكون سبباً للاحتجاز في المملكة العربية السعودية".

ويقول نيل كويليام، وهو زميل في معهد تشاتام هاوس ومقره المملكة المتحدة، إن محمد بن سلمان لا يستطيع تحمل التصعيد، مضيفا "أن بئر النوايا الحسنة التي يشعر بها الكثيرون تجاه الأمير الشاب وطموحاته الكبرى قد تجف الآن." وقال "إذا توقفت انتهاكات الحقوق وتم الإفراج عن السجناء، فإن الذكريات سرعان ما ستتلاشى ومن المرجح أن يرتفع الاستثمار السياسي والمالي، ولكن طالما استمر الوضع أو حتى يتصاعد، فإن التكاليف التي تتحملها المملكة ستزداد".

وأضاف كويليام "الذكريات تتلاشى بسرعة، ولكن سياسة سجن النساء بتهم تبدو "ملفقة" وتستهدف النقاد في الداخل والخارج تبقي القضية جديدة في ذهن كل من صناع السياسات والجمهور".

مبيعات الأسلحة تتفوق على حقوق الإنسان

لكن الخبراء يشيرون أيضاً إلى ارتفاع معدلات صادرات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية في العقد الماضي كعلامة على أن التعاون الدولي في مجال الأمن الإقليمي يتفوق على حالات فردية لحقوق الإنسان. ويفيد مرصد الأسلحة الدولي أن واردات السعودية من الأسلحة – وخاصة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا – ارتفعت إلى أكثر من 3.5 مليار دولار (2.9 مليار يورو) في عام 2019، بعد أن كانت مليار دولار في عام 2010. استأنفت المملكة المتحدة صادراتها إلى السعوديين في يوليو، في حين فرضت عقوبات في الوقت نفسه على 20 شخصاً متهمين بالتورط في جريمة خاشقجي.

وقالت كريستينا كاووش، وهي زميلة أقدم في صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة: "للأسف، يمكن للحكومة السعودية أن تتحمل مسؤولية سجن منتقديها وإساءة استخدام حقوق الإنسان لأنه لا يوجد من لديه ما يكفي من النفوذ للقيام بذلك من المرجح أن يخاطر بتعاونه مع الرياض بشأن النفط أو الأمن الإقليمي من أجل هذه القضية". ومع ذلك، فإن إسكات المنتقدين لا يزال يكلف ثمناً.

للمزيد:

https://www.dw.com/en/can-saudi-arabia-afford-human-rights-abuses/a-54732778