القطار الصحراوي.. فنكوش جديد بلا جدوى لحماية استبداد السيسي

- ‎فيتقارير

في الوقت الذي يعاني المصريون الفقر والعوز وتردي الخدمات الصحية والتعليمية والمعيشية، يأبى السيسي أن يعلن عن إقامة مجمعات مدارس جديدة أو مستشفيات أو مصانع تزيد الإنتاج وتشغل العاطلين عن العمل؛ وإنما يركز على مشروعات ترفيهية أو طرق بلا فائدة عملية لغياب المراكز الصناعية أو الزراعية أو التجارية على أطراف أو بجوار تلك الطرق، وكأنه يهيئ مصر لغير أهلها من الطامعين في شراء مقدراتها الاستراتيجية أو المكانية، كالإمارات والصهاينة والسعوديين.

حيث أعلن مؤخرا عن نية النظام العسكري الحاكم في مصر تدشين خط قطارات في الصحراء يربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط كمشروع ملياري عملاق جديد لنقل الركاب والبضائع، ينضم إلى مشروعات حفر تفريعة قناة السويس، وبناء مدن العاصمة الإدارية الجديدة، والعلمين الجديدة. وفاز التحالف المصري الصيني "سامكريت- الهيئة العربية للتصنيع – ccecc,- crcc" من بين 9 تحالفات عالمية بتنفيذ مشروع القطار السريع العين السخنة- العلمين، بطول 543 كيلومترا، وبسرعة 250 كيلومترا بالساعة وبتكلفة تقدر بـ 9 مليارات دولار. فيما خسر، تحالف "إيفك" و"chinastate وcrec" من الصين، و"سيمنز الألمانية"، و"سكك حديد فرنسا"، و"أراسكوم"، و"المقاولون العرب"، الصفقة. مشروع القطار السريع يمر في الصحراء الشرقية والغربية في مصر، ويربط بين منطقة "العين السخنة" بالبحر الأحمر ويمر بـ"العاصمة الإدارية الجديدة"، ومدينة 6 أكتوبر بالجيزة، وينتهي بمدن "الإسكندرية"، و"برج العرب"، و"العلمين الجديدة" على البحر المتوسط، في نحو 3 ساعات.

الإعلان عن المشروع
الإعلان عن المشروع أثار تساؤلات الخبراء والمختصين، حول جدوى المشروع، ومدى أولويته على المشاريع الأخرى التي تهم المصريين وتحرك حياتهم الاقتصادية وتزيد من فرص العمل والإنتاج، متسائلين: "هل أظهرت الدراسات أي جدوى اقتصادية لإنشاء خط سكك حديدية جديد بتكلفة باهظة تقدر بـ 9 مليارات دولار، من أجل نقل بعض الركاب أو السياح من السخنة أو المدينة الجديدة في الجلالة إلى العلمين الجديدة؟".

وإذا كان الهدف من إنشاء هذا الخط الذي يمر أغلبه في الصحراء هو نقل البضائع من ميناء السخنة إلى ميناء العلمين، فهل تقيم مصر بنفسها خطا بديلا يكون منافسا لقناة السويس؟ ومن أين للموازنة العامة المرهقة بمصروفات الدولة والمحملة بأعباء وأقساط الديون وفوائدها، تحمل تكلفة إنشاء خط جديد للسكك الحديدية يتكلف 9 مليارات دولار، أي 144 مليار جنيه؟ بل ان الاغرب ان خط القطار السريع القطري، عابر للصحراء الفارغة من السكان، مع أن خطوط السكك الحديدية في مصر إما خطوط طولية موازية لوادي النيل أو عرضية تقطع دلتا النيل.
وحول الهدف من المشروع، يعتقد الخبير الاقتصادي الدكتور علي عبد العزيز، أن "مشروع قطار (العين السخنة-العلمين) في ظل الاستبداد والفساد السياسي؛ سيكون حلقة جديدة من حلقات الشو السيساوية قليلة أو عديمة الجدوى، بإهدار 9 مليارات دولار.

وبحسب الخبراء، يتبع مشروع القطار الصحروي، مشروع تفريعة قناة السويس الذي أهدر عليها الشعب 8 مليارات دولار، وكلها حلقات فاسدة بما فيها العاصمة الإدارية التي يتم فيها إهدار 45 مليار دولار، من دم الشعب وثرواته، لا يؤمن بالجدوى الاقتصادية ويأتي المشروع عديم الجدوى الآنية، ويمكن أن يكون مشروعا مهما بعد عقود من الزمن بعد تعمير تلك الصحاري التي يمر عبرها، في وقت يعاني فيه الاقتصاد المصري من انخفاض مؤشرات النشاط الاقتصادي، وضعف القوة الشرائية للمواطنين، وانفراد الجيش والمخابرات العامة والأمن الوطني بتنفيذ مشروعات ووساطات توريد للوزارات وفرض إتاوات على رجال الأعمال.. ومن ثم فإن الإعلان عن جدوى لمشروعات هذا النظام؛ ما هو إلا تضليل وخداع لسرقة المزيد من ثروات الشعب المغلوب على أمره، وعلى ما يبدو أن السيسي يقوم بهذا المشروع اجتهادا؛ وهو ما يعرض مصر لصدمات مالية لم تشهدها من قبل؛ ففي ظل انخفاض الإنفاق على دعم احتياجات الشعب التعليمية والصحية، وإصرار النظام على ذلك؛ فإنه يهدر عشرات المليارات على مشروع ينافس قناة السويس نفسها، فالتكلفة عبء جديد على المواطنين بزيادة الدين الخارجي والذي بلغ 121 مليار دولار، بدون أية رؤية لكيفية السداد أو زيادة مصادر الدولار بالصادرات أو غيرها.

وحول مدى تحمل ميزانية الدولة هذا المبلغ، قال الباحث محمد عمر: "لا شك أن ميزانية الدولة لا تتحمل هذا المبلغ، وأنها ستعتمد على قروض ميسرة من بنوك عالمية لتمويل المشروع".

التحالف الصيني مع المنقلب
وبحسب مراقبين فإن تمكين الشركات الصينية جزء من تحالف السيسي، مع الصين وروسيا لدوافع حماية شخصية له من أية عواقب لجرائمه دوليا، إذ إن أي انقلاب عسكري على السيسي، أو ثورة ضده فسيقف الروس والصينيون معه، كما فعلوا مع السفاح بشار الأسد"، وهو ما يؤكد بدوره أن الاعتبار الأول لمشروع القطار الصحروي هو الحماية الشخصية، والمقابل مصالح ونفوذ وأموال للروس والصينيين.. وتبقى الصين المستفيد الأول من تلك الاستثمارات؛ حيث إنها تجد إفريقيا سوقا واسعا لمنتجاتها، فضلا عن أنها لا تعتمد على الأيدي العاملة المصرية في مشاريعها، بل على الأيدي الصينية، وهو ما يجري بالعاصمة الادارية حاليا ومشاريع الجلالة والعلمين. فالاستثمارات الصينية بمصر بلغت 35 مليون دولار بالربع الأول من 2020.

وحول حجم الاستثمارات الصينية في مصر، أكد سفير الصين بالقاهرة لياو لي تشانغ في 5 ديسمبر 2019، أنها بلغت 7 مليارات دولار، من خلال 1560 شركة، وفرت نحو 30 ألف فرصة عمل، مشيرا إلى أن منطقة "تيدا" الصينية بالسويس خلقت 3500 فرصة عمل بمصر، وتوفر ضرائب تقدر بنحو 58 مليون دولار لمصر. وأشار السفير الصيني في 18 يونيو 2020، إلى أن المشروعات الكبرى المنفذة من قبل مستثمري بلاده تشهد تقدما وخاصة بحي المال والأعمال بالعاصمة الإدارية الجديدة ومنطقة "تيدا" وخاصة بالمجالات الكهربائية والألياف الزجاجية.

السيسي يفقر المصريين
وهكذا يفقر السيسي المصريين لحساب من يحميه شخصيا  ليس إلا، حيث دأب على ترديد عدم إيمانه بدراسات الجدوى الاقتصادية، وهو ما ورط مصر بديون رهيبة وفوائد وديون تتحملها الأجيال المقبلة، بلا أي حساب، فمصر استقبلت خلال سنوات السيسي نحو 431 مليار دولار، وطبعت أكثر من 3 تريليون جنيه، وهو ما يمثل ضربة اقتصادية لمستقبل وحاضر مصر.