الدور السعودي في تطبيع المغرب وموقف الإسلاميين المغاربة

- ‎فيتقارير

كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن دور سعودي ملموس في إقناع العاهل المغربي الملك محمد السادس، بتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، باعتبار ذلك خطوة ضمن مخطط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتمهيد الأجواء لتطبيع سعودي مرتقب مع الصهاينة؛ وذلك لن يتحقق إلا إذا انضم عدد واسع من الدول العربية والإسلامية لحظيرة التطبيع حتى يكون التطبيع السعودي في نهاية المطاف انعكاسا لموقف عربي واسع ضمن التحولات الكبرى في المنطقة التي تكرس الوجود الصهيوني وتسعى لدمجه بشكل واسع في تحالفات المنطقة السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية على حساب القضية الفلسطينية التي باتت لا تحظى بأي اهتمام من جانب نظم الحكم العربية المستبدة.
وبحسب الصحيفة العبرية فإن الإعلان، الخميس 10 ديسمبر 2020م، عن التوصل لاتفاق للتطبيع بين المغرب ودولة الاحتلال الإسرائيلي، مقابل اعتراف أمريكي بسيادة المغرب على الصحراء وتزويد المغرب بأربع طائرات من دون طيار من الطراز الهجومي، "ريبر إ كيو 9"، جاء بعد عام من المفاوضات السرية الحثيثة التي شارك فيها على نحو خاص بدور بارز كلّ من صهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر، والمستشار الخاص للعاهل المغربي من أصل يهودي أندريه أزولاي، واللذين كانا، بحسب مصادر مغربية وإسرائيلية تحدثت للصحيفة، "ضالعين بشكل عميق وبسرية تامة في تخطيط العلاقات، وساعدا في بلورة الاتفاق".
وتضيف الصحيفة العبرية، في تقريرها، أن القصر في الرباط معروف بتردده وتحسبه من ردّ فعل شعبي معارض لخطوة التطبيع، وخصوصا من قبل التيارات الإسلامية، وخاصة بفعل مكانة العائلة المالكة باعتبارها "حارسة الأماكن المقدسة في القدس"، بحسب الصحيفة، في إشارة لكون العاهل المغربي يرأس لجنة القدس. وبحسب التقرير فإن المغرب كانت له علاقات سابقة مع تل أبيب، لكن النقطة الفاصلة في المفاوضات السرية التي سبقت الإعلان عن استئناف هذه العلاقات هو الموافقة الأميركية على الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، على حساب جبهة البوليساريو، وهو ما أقنع العاهل المغربي بإطلاق الضوء الأخضر للاتفاق مع الاحتلال.
دور سعودي ملموس
وحول دهاليز اتفاق التطبيع، كشف التقرير أن "بومبيو وأزولاي وكوشنر ومستشارين آخرين" أجروا محادثات سرية وهادئة شارك فيها مسؤولون إسرائيليون من وزارات مختلفة. لكن الأمر لم يقتصر عليهم، فقد لعب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي تملك أسرته قصور اصطياف فاخرة في الرباط، هو الآخر دورا، من خلال محادثات مع العاهل المغربي، وأثّر على ما يبدو على القرار المغربي ودفعه نحو استئناف العلاقات مع إسرائيل".
وتنقل الصحيفة العبرية عن مستشار في القصر الملكي في المغربي قوله أن لولي العهد السعودي قائمة من الدول العربية والإسلامية الأخرى، مثل إندونيسيا وجيبوتي ومالي وباكستان، يمارس عليها ضغوطا لإقناعها بخطوة التطبيع مع الاحتلال وإقامة علاقات مع حكومة الاحتلال، وبعد أن "تكتمل الدائرة، ويتحقق تقارب حقيقي مع إسرائيل، ستعلن السعودية عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل".
أما فيما يتعلق بالتطبيع السعودي، فقد قال وزير الاستخبارات الإسرائيلي إيلي كوهين، إن المملكة تنتظر أولا معرفة سياسات الرئيس الأمريكي الفائز جو بايدن تجاه إيران. وأعاد كوهين، في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية العامة، الجمعة 11 ديسمبر 2020م، التأكيد أن هناك محادثات جارية الآن مع دول عربية وأخرى إسلامية، مبينا أن "التركيز في مساعي توقيع اتفاقيات تطبيع إضافية، هو على دول عربية ومسلمة في كل من أفريقيا وآسيا". وفي الإطار ذاته، ذكرت "يديعوت أحرونوت" أن التقديرات تشير إلى اتصالات إسرائيلية مع دول آسيوية وإفريقية، بينها النيجر وجيبوتي وموريتانيا، ودول في آسيا مثل إندونيسيا.
بوفيه مفتوح
في المقابل، وصف محرر الشؤون العربية في "هآرتس"، تسفي برئيل، اتفاقيات التطبيع بأنها ليست "سلاما إقليميا" بقدر ما هي "بوفيه مفتوح" تأخذ فيه كل دولة ما يلزمها منه، في إشارة لصفقة الطائرات من طراز إف 35 للإمارات العربية المتحدة، وتأمين الحماية الأميركية للبحرين، ورفع اسم السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب، وأخيرا، والاعتراف الأميركي بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية. وهناك تقديرات إسرائيلية بأن دولا عربية ستستغل المهلة المتبقية للرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض لإبرام اتفاقيات تطبيع مع الاحتلال، وقد تكون سلطنة عمان الدولة القادمة في مسلسل التطبيع مع إسرائيل. وعزز ترحيب سلطنة عمان بإعلان المغرب التطبيع مع إسرائيل، الاحتمالات بأن تكون هي الدولة المقبلة على لائحة الدول المطبعة.
موقف الإسلاميين

وحول موقف الإسلاميين، فقد أعلنت جماعة "العدل والإحسان" كبرى الحركات الإسلامية في المغرب، رفضها لاتفاق التطبيع واستئناف الاتصالات الرسمية والعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل "في أقرب الآجال"، والعمل على إعادة فتح مكاتب للاتصال في البلدين، بالتوازي مع اعتراف واشنطن بسيادة الرباط على الصحراء، وذلك في وقت يستمر تباين المواقف الداخلية والخارجية في قراءة قرار الرباط. وعبرت الجماعة، في بيان لها، "عن إدانتها الشديدة لقرار التطبيع الذي اتخذته السلطة المغربية مع الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين"، معتبرة أن هذا القرار "يتنافى مع المواقف التاريخية والآنية للشعب المغربي الداعم لإخوانه في فلسطين ولحقهم الكامل في تحرير أرضهم والعودة إلى ديارهم".
ويأتي بيان العدل والإحسان في وقت لا يزال حزب "العدالة والتنمية" قائد الائتلاف الحكومي يلتزم الصمت، فيما وصفت حركة "التوحيد والإصلاح"، الذراع الدعوي للحزب الإسلامي، عزم المغرب استئناف الاتصالات الرسمية الثنائية والعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل بـ"التطور المؤسف والخطوة المرفوضة"، مؤكدة على موقفها "الرافض والمستنكر لكل محاولات التطبيع والاختراق الصهيوني". كما دعت حركة التوحيد والإصلاح القوى المجتمعية الحية إلى "التكتل وتوحيد الجهود من أجل التصدي لخطر الاختراق الصهيوني ومناهضة كافة أشكال التطبيع".
ويأتي ذلك في وقت أكد رئيس الحكومة المغربية وأمين عام "العدالة والتنمية "، سعد الدين العثماني، رفض الحكومة المغربية لخطة "صفقة القرن" الأمريكية، والمحاولات الإسرائيلية الرامية إلى تهويد مدينة القدس.

وقال العثماني، خلال ندوة لمؤسسة "عبد الكريم الخطيب للدراسات والفكر" نظمت الجمعة 11 ديسمبر 2020م، بمقر الحزب في الرباط: "قام الملك محمد السادس بالاتصال بالرئيس محمود عباس، ليقول له إن موقف جلالته الداعم للقضية الفلسطينية ثابت لا يتغير، وإن المغرب يضعها في مرتبة قضية الصحراء"، مضيفا أن "هذا المبدأ أيضا نتبناه (في الحكومة)، بتأكيدنا المستمر على رفض "صفقة القرن"، وأي انتهاكات لسلطات الاحتلال الإسرائيلية، وخصوصا محاولات تهويد القدس في الآونة الأخيرة". ولفت إلى أن "الموقف المغربي عموما يبقى باستمرار داعما للقضية الفلسطينية". وكان العثماني قد أكد في أغسطس 2020م، أعرب عن "معارضة التطبيع مع إسرائيل لأنها تواصل المسّ بحقوق الشعب الفلسطيني".