“ليست سوى حفنة من 500 أمير وعائلاتهم”.. هكذا تبدو مملكة آل سعود في عيون بايدن!

- ‎فيتقارير

يشعر الأمير أبو منشار محمد بن سلمان بصعوبة موقفه في عهد الرجل الجديد بالبيت الأبيض جو بايدن، خاصة وأن الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب كان يتستر على جرائم مروعة للأمير الشاب، ولأجل ذلك يسعى لترتيب أوارقه اتخاذ خطوات هامة لتجميل وجهه القبيح قبل بداية عهد بايدن.
وكشفت وثيقة نادرة تعود لما قبل 34 عاما عن وجهات نظر الرئيس الأمريكي المنتخب بشأن السعودية، هذه الوثيقة تحدثت عنها صحيفة “هآرتس” الصهيونية في تقرير لها وقالت إنه تم العثور عليها في أرشيف كيان العدو الصهيوني وتخص لقاء جرى عام 1986، بين السيناتور “بايدن” وسفير الكيان لدى أمريكا آنذاك “مئير روزين”.

مملكة الرمل..!
وخلال هذا اللقاء وصف مملكة آل سعود بأنها “ليست سوى حفنة من 500 أمير وعائلاتهم”، وأفادت شبكة “سي إن بي سي” الأمريكية بأن الرياض بدأت الاستعانة بجماعات ضغط ذات صلة بقادة الكونجرس الأمريكي من الجمهوريين؛ خوفا من اضطرابات محتملة في العلاقات مع واشنطن، في ظل استعدادات لتولي جو بايدن رئاسة البيت الأبيض والذي قال سابقا إنه سيتخذ موقفا أكثر صرامة مع المملكة.
ويذكر التقرير أنه على الأرجح سيُحقق هؤلاء المدافعون عن مصالح السعودية نجاحا أكبر في الانخراط مع مشرعي الحزب الجمهوري بالكونجرس الجديد وليس الديمقراطيين أو إدارة بايدن.
فقد أحرز الجمهوريون تقدما خلال انتخابات مجلس النواب الأمريكي عام 2020، ويمكن أن يحققوا نجاحا في مجلس الشيوخ كذلك إذا فازوا بأحد المقاعد المتاحة في جولتين بولاية جورجيا مُقررتين مطلع الشهر المقبل.
يأتي هذا في وقت أخبر فيه "بايدن" مجلس العلاقات الخارجية في عام 2019، خلال الانتخابات التمهيدية الديمقراطية، بأنه سيقلص حجم الدعم الأمريكي للسعودية في قضايا جوهرية.
وقد بدأ العقد في أواخر أكتوبر الماضي، عندما كان بايدن متفوقا على ترامب في أغلب الاستطلاعات الوطنية، ويرِد فيه أيضا سريان مدة الاتفاقية، وقيمتها 25 ألف دولار شهريا، حتى 18 يناير ، أي قبل يومين من تنصيب بايدن.
ومنذ توليه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية عام 2016، فرض الرئيس دونالد ترامب نفسه على المسرح السياسي الأمريكي والدولي، فكثر متابعوه ومن يتسلون بأسلوبه الفريد في التواصل والذي يتسم باللامبالاة بالأعراف الاجتماعية والسياسية والدولية، كما انتفع سياسيون في الشرق الأوسط بهذا الأسلوب الترامبي، وفي الوقت نفسه تعاظم عدد منتقدي ترامب بسبب تعامله مع الملفات المحلية والدولية بتصريحات وقرارات مفاجئة وغير مدروسة والتي يتم إعلان معظمها عبر منصات التواصل الاجتماعي!
ولما بلغ السيل الزبى قرر معظم الأمريكيين والدولة العميقة بمؤسساتها المتشعبة عدم منح ترامب ولاية ثانية حفاظا على مصالح أمريكا العليا، وخوفا من أن تتحول الولايات المتحدة إلى جمهورية موز.
إن انتهاء مسلسل ترامب وضع أنظمة سياسية شرق أوسطية كالنظام السعودي الحالي في موضع حرج، حيث تزامن صعود ترامب مع بروز نجم ولي العهد السعودي الحالي الأمير محمد بن سلمان. في مايو 2017، توجه ترامب إلى السعودية في أول زيارة خارجية له كرئيس للولايات المتحدة وقد تم استقباله بحفاوة وبعقود بلغت مئات مليارات الدولار.
وبعد شهر من هذه الزيارة التاريخية، أبعد الملكُ سلمان وليَّ العهد السابق محمد بن نايف عن منصبه وعين نجله وليا للعهد، وكان ترامب من أوائل من اتصلوا بمحمد بن سلمان لتهنئته بولاية العهد، ومنذ ذلك الحين توطدت الروابط بين الرجلين بل وتحولت العلاقات الاستراتيجية السعودية مع المؤسسات الأمريكية المتشبعة إلى علاقة شخصية بين بن سلمان وترامب عبر صهره ومستشاره جاريد كوشنر.
بسبب هذه الصلات الفردية دافع ترامب محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، دفاعا مستميتا في ملفات عديدة وتغاضى عن كثير من أخطاء النظام السعودي، ما دفع بصناع القرار الأمريكي والدولة العميقة وعدد من السياسيين الأمريكيين، بمن فيهم الرئيس المنتخب الحالي جو بايدن، إلى دق ناقوس الخطر مبكرا لاسيما بعد حصار قطر واغتيال جمال خاشقجي واستمرار الحرب في اليمن وأزمات أخرى عرّضت مصالح أمريكا للخطر.

أزمات متكررة
من أهم مرتكزات العلاقات الإستراتيجية بين السعودية وأمريكا إحلال الأمن في منطقة الخليج العربي وأجزاء في الشرق الأوسط فيما يخدم مصالح الولايات المتحدة وأصدقائها وحلفائها، وكذلك تفادي الأزمات التي تسبب التدخلات الأجنبية التي لا تخدم مصالح أمريكا كحصار دولة قطر التي تستضيف قاعدة العديد التي هي أكبر قاعدة للجيش الأمريكي وأهمها إستراتيجيا في منطقة الشرق الأوسط.
إن الأهمية القصوى التي تولى بها الأمريكيون مصالحهم عبر علاقات بلادهم الإستراتيجية مع المملكة دفعت بعضهم إلى طرح تساؤلات جادة عن مدى قدرة ولي العهد السعودي على المحافظة على مصالحهم في الشرق الأوسط.
ويجدر الإشارة أيضا إلى أن دولا غربية أخرى أبدت قلقها إزاء مصالحهم المهددة في المنطقة وسجلت جملة من الملاحظات التي تخص ولي العهد السعودي الحالي وعن مستقبله السياسي، وثمة ملاحظة هامة وهي عدم اكتراث الأمير محمد بن سلمان بالنخبة السعودية، بمن فيهم الأمراء ذوو الخبرة والكفاءة في مجالات عديدة.
إن الحاكم الفعلي للمملكة يعتمد ويستمع إلى عدد محدود من المساعدين المحليين قليلي الخبرة ومعظمهم كانوا زملاء له أثناء الدراسة، مع أن قوة ملوك السعودية السابقين كانت تكمن في كفاءة مساعديهم وتنوع مستشاريهم من جهة، وفي تنفيذ آرائهم وتفعيل مقترحاتهم من جهة أخرى.

صفر سياسة!
ويعمل كذلك مع محمد بن سلمان مستشارون غربيون لكن لا يجرؤ أحد منهم على مخالفة رأيه، وإن كان خاطئا، نظرا لمعرفتهم بطبيعته الاندفاعية وحرصهم على الحفاظ عن مناصبهم.
ويضيف دبلوماسيون غربيون أن تورُّط بن سلمان في ملفات داخلية وخارجية يرجع أساسا إلى أن مستشاريه المقربين منه متخصصون في الاقتصاد والتنمية دون العلاقات الدولية.
وقد ظهر هذا جليا في قضية خاشقجي، حيث لم يتمكن النظام السعودي من الخروج من المأزق بعد أكثر من شهر خلافا لأحداث الحادية عشر التي كانت أكثر تعقيدا على السعودية التي نجحت في التعامل معها بسبب دبلوماسيّيها المتمرسين كالأميرين سعود الفيصل وبندر بن سلطان.
فبدلا من إطلاق حملة دبلوماسية مكوكية مكثفة في العواصم الغربية كواشنطن لاحتواء أزمة خاشقجي، طار السفير السعودي في الولايات المتحدة في ذلك الوقت، الأمير خالد بن سلمان شقيق ولي العهد، إلى الرياض فور بداية الأزمة مكتفيا بتغريدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يتناول وزير الخارجية السعودي عادل الجبير هذه القضية في الإعلام إلا بعد أكثر من أسبوعين!
إن فقدان الأمير محمد بن سلمان لمستشارين متمرسين وصريحين معه سبب في تورُّطه وإخفاقاته في جميع عملياته الخارجية الهادفة إلى إبراز القوة ولَيِّ الذراع كحصار قطر والحرب في اليمن. فدولة قطر صمدت ضد الحصار ولم تستسلم لشروط السعودية وحلفائها بل ونجحت بأسلوب حضاري راقٍ في إقناع العالم بأنها مظلومة عبر حصار جائر.
ويرى أحد الباحثين الفرنسيين أن محمد بن سلمان أشعل الحرب في اليمن بعد شهرين من تعيينه وزيرا للدفاع وبدون ضوء أخضر أمريكي صريح، لحسابات شخصية وسياسية خاطئة، ذلك أنه لم يكن معروفا ولم يستلم منصبا رسميا قبله، وكان في حاجة لأن يكتسب شهرة، فخاض الحرب في اليمن ظنا منه أن حسمها سيكون سهلا، وأن انتصاره فيها سيعزز صورته كزعيم سعودي جديد بإمكانه الانتصار في حرب دون مساعدة الأمريكان، لكنه أخفق في حساباته ولم يحسم الحرب في اليمن لصالح السعودية بعد أكثر من خمس سنوات!
إن عدم اهتمام النظام السعودي الحالي بالخبرات الوطنية يظهر حتى في بعض القنوات الفضائية، حيث إن أكثر المدافعين عن السعودية في البرامج الحوارية ليسوا سعوديين، ومن المفارقات أنهم يواجهون مواطنين سعوديين معارضين لنظام بن سلمان، فكيف يمكن لعراقي أو لبناني أن يدافع عن السعودية ضد مواطن سعودي له معلومات أكثر منه عن بلاده!
ومن جهة أخرى فإن إدارة محمد بن سلمان للمملكة عبر توصيات دائرته المقربة قليلي الخبرة ظهرت في طريقة تعامله الخاطئ مع بعض الملفات الحساسة داخل السعودية كقضية المعارضين في الخارج التي دأبت الحكومات السعودية المتعاقبة على استمالة ذويهم وقبائلهم في الداخل ليعلنوا براءتهم منهم لمنع التعاطف الشعبي معهم، وقد نجحت في ذلك طوال عقود لكن نظام بن سلمان يفضل مضايقة أفراد أسرهم في المملكة وحتى زجّهم في السجون ما يسبب غضب عوائلهم وقبائلهم على النظام الحاكم.