كان المشاهدون قديما في السينما يشاهدون الفنان الراحل "زكي رستم" وهو يؤدي دوره ببراعة نادرة في فيلم "رصيف نمرة 5"، ويصرخون في مقاعدهم محذرين الفنان الراحل "فريد شوقي" لعله يسمعهم، إلا أن أكثر وقت الفيلم انقضى قبل أن يكتشف "شوقي" أن "رستم" هو رئيس العصابة القاتل المجرم ويقضي عليه، بينما يحاول السفاح السيسي نحت شخصية "رستم" وتقديمها قبل العدوان المنتتظر في ليبيا.
وبينما يتأهب اللواء المتقاعد مجرم الحرب "خليفة حفتر" لقيادة مليشياته لشن هجوم على الجيش الليبي الذي تقوده حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، مدعوما من فرنسا والإتحاد الأوروبي وروسيا، أرسل السفاح السيسي الذي تشارك قواته سرا في الحرب على حكومة الوفاق، وفدا من الخارجية والمخابرات المصرية في زيارة خاطفة ومفاجئة لطرابلس والاجتماع بالحكومة الشرعية.
مين غريمك؟
قصد السفاح السيسي أن ينفي عن نفسه تهمة التورط في العدوان المرتقب في حال إذا فشل العدوان الحفتري الفرنسي على طرابلس، أما إذا نجح – لا قدر الله- حينها يتفاخر السفاح قائلا لأسياده في قصر الإليزيه: "ألم نكن معكم وفعلنا ما فعلنا للتمويه على طريقة الفنان زكي رستم حينما قال للفنان فريد شوقي " معرفتش مين غريمك"!
يقول الناشط الحقوقي عمرو عبد الهادي :" السيسى بياخد سياسته الخارجية من الأفلام العربي القديمه قبيل عدوان حفتر على ليبيا يرسل السيسي مسؤولا لحكومة السراج التي يتهمها بالإرهاب و التطرف؛ لينفي شبهة ضلوعة في العدوان القادم.. حركة لا تقنع طفلا، و المجرم يزور مسرح جريمته لأن نفي النفي إثبات". مضيفا: "تحذير حكومة الوفاق اليوم موجه إلى المجتمع الدولي الذي لم يتحرك بعد إعلان الحرب من مجرم الحرب حفتر، وأهمية التحذير فرض قواعد جديدة، وحينما يبدأ حفتر الحرب بقواعده و صمتكم لن تتوقف ليبيا وتركيا بنداءاتكم التي هدفها حمايه فرنسا والسيسى، بل سنحرر كل ليبيا منهم هذه المرة".
وكان السفاح السيسي قد هدد حكومة الوفاق الشرعية في خطاب وعيد و تصعيد ألقاه في 20 يونيو 2020 ، قال فيه: "إن أي تدخل مصري مباشر في ليبيا باتت تتوفر له الشرعية الدولية سواء للدفاع عن النفس أو بناء على السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة في ليبيا و هو مجلس النواب".
وهنا لا بد من طرح الأسئلة على السفاح السيسي وفق ما يلي: "هل قامت قوات حكومة السراج بالهجوم على مصر؟ أو هل قامت ميليشيات مسلحة تابعة لها بالاعتداء على مصر؟ أو هل قامت القوات التركية بالعدوان على مصر حتى يهدد عبد الفتاح السيسي بالتدخل العسكري تحت ذريعة الدفاع الشرعي عن النفس؟!".
فإذا كان السفاح السيسي يقصد بالشرعية الدولية وجوب تطبيق قواعد القانون الدولي العام على جميع الأفعال التي تصدر عن الدول و بين الدول؛ فإن هذه الشرعية تعتمد على هيئات النظام الدولي لتحديد مواقفها و تفعيل مقرراتها من القضايا المطروحة على المجتمع الدولي، و يبقى إطارها التنظيمي الأساسي هو الأمم المتحدة و مجلس الأمن الذي يصدر القرارات المعبرة عن موقف المنظومة الدولية.
تدخل مرفوض
كما أنّ هذه القرارات التي يترتب عليها تدخل المجتمع الدولي بالقوة تتِمُّ تحت إطار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يربط استخدام القوة المسلحة بضوابط الشرعية الدولية. أما نباح السفاح السيسي بالحديث عن شرعية دفاعه عن النفس فإنه منعوت بالباطل، لأن ميثاق الأمم المتحدة لا يجيز استخدام القوة في الدفاع عن النفس إلا عند التصدي لاعتداء مسلح فعلي تواجهه الدولة برا أو بحرا أو جوا.
ويدخل أيضا ضمن تعريف العدوان – تبعا لمواد و فقرات الإعلان الخاص بتعريف العدوان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974- اعتداءات مرتزقة أو عصابات مسلحة أو قوات نظامية ترسلها دولة معينة و تأخذ تعليماتها منها للقيام بأعمال القوة المسلحة ضد دولة أخرى، و يصطلح عليها: "العدوان المسلح غير المباشر".
وعملا بتفاسير مراقبين وسياسيين، فإن الدفاع عن النفس مشروط بالضرورة؛ يعني أن يكون هو الوسيلة الوحيدة لصد العدوان أو الهجوم المسلح الواقع على الدولة، ويعتبر المراقبون استعمال القوة المعقولة في حالة الدفاع الشرعي استثناءً لكي تظل القاعدة منع استخدام القوة في العلاقات الدولية.
وأجمع جهابذة و فقهاء القانون الدولي على أنه لا يجوز التوَسع فيه أو في تفسيره لإسقاط الحكومات و القيام بانقلابات خارجية، مثلما أنه من غير الجائز استعمال مبررات الدفاع عن النفس قصد القيام بأعمال انتقامية و عدوانية ، حيث يتطلب هذا الاستخدام موافقة و رقابة مجلس الأمن و يتم العمل به بشكل مؤقت.
أما فيما يخص نباح السفاح السيسي المتعلق بالسلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة في ليبيا و هو مجلس النواب الليبي؛ فالسفاح يعلم علمَ اليقين كيف أن هذا المجلس شهد عددًا من الأحداث التي أثرت على شرعية و مشروعية اجتماعاته و جلساته و قراراته.
و لعل أبرزها غياب النصاب القانوني و تغييب أكثر أعضائه، ثم انشطارهم إلى مجلسين أو مجالس موازية للبرلمان الحالي حيث عقدت عدة جلسات في مدينة طرابلس. و لأن الشرعية بالشرعية تُذكر ، فقد كان الأولى للسفاح السيسي أن يحترم شرعية الانتخابات التي جاءت بالرئيس الشهيد محمد مرسي في العام 2012، وعدم الانقلاب على اختيارات المصريين في 30 يونيو 2013، وتحوله من وزير دفاع إلى ديكتاتور تحركه (إسرائيل) بالريموت كنترول.