صحفيون معارضون عادوا إلى الوطن.. إما الاعتقال أو القتل بكورونا أو الموت قهرا

- ‎فيتقارير

أصبح الصحفيون الأحرار في دولة العسكر بمصر بين نارين: الأولى، أن يقنصوا قتلا بعدوى فيروس "كوفيد 19" المعروف بكورونا، تماما كما حدث مع الكاتب الصحفي محمد منير، وهو عينه ما يجري مع نواب برلمان الثورة كما حدث مع النائب محمود يوسف بأمن الدولة بالمنيا، أو مع عشرات آخرين غيره منهم 75 خلال 2020م، و12 خلال الشهرين اللذين مضيا من2021م. الثانية، أن يتم اعتقالهم والزج بهم في زنازين وأقبية الأمن الوطني وسجون العسكر، تماما كما جرى مع الكاتب الصحفي جمال الجمل الذي فقدت أسرته التواصل معه عقب عودته من الخارج إلى مطار القاهرة في 22 فبراير 2021م، ثم ظهر بعد عدة أيام بنيابة أمن الدولة العليا التي قررت حبسه 15 يوما على ذمة قضية "ملفقة".

أين النقابة؟
في يونيو 2020، اعتقلت سلطات الانقلاب الصحفي محمد منير، بعد ساعات من حوار له مع قناة "الجزيرة مباشر"، بعد أسابيع من عودته من اسطنبول التركية، وفي 7 يوليو أخرجته محملا بكورونا إضافة لتداعيات صحية أخرى بعد اعتقاله، فاطلقوا سراحه وهو بهذه الحالة حتى وافته المنية متأثرا بكورونا التي أصابته في أقبية الأمن الوطني.
وقبل وفاته بأيام بعد إخلاء سبيله، خرج محمد منير يطلب فقط العلاج، في وقت كانت تدعي وزير الصحة بحكومة الانقلاب أن المستشفيات فارغة ويزعم زعيم عصابة الانقلاب عبدالفتاح السيسي أن الجيش أنشأ مستشفيات للطوارئ، إلا أن نقابة الصحفيين وبقيادة ضياء رشوان وجدت سريرا في مستشفى العجوزة بعدما أنهكت الكورونا جسد منير. واكتفى ضياء رشوان بنعي الصحفي الراحل محمد منير دون الإشارة إلى السبب الحقيقي لوفاته، وهو أن التكدس في السجون الذي قتل المئات قتل محمد منير، ولكنه لم يجرؤ ولا يجرؤ من الأساس؛ فقد رضي لنفسه أن يكون ترسا صغيرا في ماكينة العسكر الاستبدادية، يحظى بامتيازاتها الواسعة، ويخشى عواقب التمرد والرفض؛ وإلا فستسحقه التروس الكبيرة بلا شفقة أو رحمة.
https://twitter.com/Albarbary6/status/1282701786269331457
ويرى مراقبون أن النقابة في حالتي القنص والاعتقال ليس بيدها شيء، وأقصى ما تفعله هو إدخال مروحتين للمعتقلين انفراديا في العقرب من الصحفيين، حتى صارت النقابة جزءا من معايرة الصحفيين؛ فاتصال جمال الجمل بنقيب الصحفيين ضياء رشوان، كان الهدف منه – بحسب الناشطين- منح "الجمل" الأمان ثم الغدر به، أو تسليمه بالمعنى الدارج. وهو ما قالت به أيضا الصحفية بـ"ميدل إيست مونيتور" الدكتورة أميرة أبو الفتوح، التي قالت: "استوقفني فى هذه المناشدة من نقيب الصحفيين، الجملة الأخيرة، لا تحتاج لتوضيح، فمعناها بين السطور، ومع ذلك نطالب بالإفراج عنه وعن كل المعتقلين..".
أما ما بين السطور فكانت مطالبة "ضياء رشوان، بـضرورة اتخاذ موقف حقيقي من أجل سرعة الإفراج عن جمال الجمل، خاصة أن هناك اتصالات جرت مؤخرا قبل عودة إلى القاهرة".
النائب السابق محمد الفقي، في برلمان الثورة علق أيضا على هذه النقطة بقوله: "قرر الصحفي (الناصري) جمال الجمل أن يعود إلى وطنه وأسرته وابنه فأخفوه قسريا ووضعوه في الزنزانة .. ربنا يثبته ويفك أسره ويفرج كربه .. لو أن في مصر نقابة ونقيبا للصحفيبن بمعنى الكلمة لما بقي صحفي واحد خلف القضبان".

مسوغات البراءة
وساق جميع من في الخارج مسوغات براءة جمال الجمل عند الانقلاب، وأبرزها ألا يكون من الإخوان ف"تامر فتحى" أكد أنه ليس من الإخوان، وأن أول مرة رأى فيها الجمل كان فى 2013م فى يوم حكمت المحكمة على صحفى الدستور بالحبس لإهانة رئيس الجمهورية دكتور محمد مرسي، وأضاف أن "الصحفيين قلبوا الدنيا يومها والدكتور مرسى أصدر قانون فى نفس اليوم بإلغاء الحبس فى جرائم النشر، وتم الإفراج عن الصحفى فى نفس اليوم". وأشار إلى أن "الجمل" ظهر فى لقاء تلفزيوني وبدل ما يشكر الدكتور مرسي شتمه وقاله "أنت جبان وديكتاتور" وروح بيته ومحدش اتعرضله".
كما قدم أيضا زين العابدين توفيق مسوغات قريبة، فكتب مذيع الجزيرة عبر @zeintawfik "ليس للكاتب جمال الجمل أي ارتباطات حزبية أو تنظيمية. لم يكن له سلاح سوى قلمه ورأيه. منعوه من الكتابة في مصر بعدما اتصل به السيسي معاتبا ، فغادر وطنه لأن الوطن بلا حرية سجن أو زريبة. عاد ليرى عائلته بعد شعوره بالتعب فاعتقلوه من المطار".
وفي الوقت الذي توفي نحو 900 مصري بالإهمال الطبي في سجون العسكر، قال الصحفي أحمد عطوان عبر @ahmedatwan66 إن جمال الجمل في خطورة على حياته؛ مضيفا "جمال مريض ويعاني من5 أمراض مزمنة .. جمال يعيش بالأدوية اليومية.. جمال حالته الصحية لا تتحمل أبدا المعتقل.. جمال لو دخل المعتقل أو منعوا عنه الدواء.. ليوم واحد فان حياته في خطر".
ومن المسوغات الجديدة ما ذكره سامي كمال الدين عبر @samykamaleldeen من أن ".. جمال الجمل قدم عدة برامج في قناة "الشرق" وتوقف واعتزل لمدة عام مكتئبا في اسطنبول(لأسباب يعرفها من عمل معهم)، لعن الله قوما ضاع الحق بينهم وأضاعوا كل من جاء لمساندة الحق معهم". غير أنه لم يطل رد أذرع الانقلاب بقبول المسوغات وإن جددت النيابة له 15 يوما كحال 74 صحفيا يقبعون في هذه اللحظة بسجون الانقلاب.


جدير بالذكر أن الكاتب الصحفي الناصري سليمان الحكيم بعد عودته من زيارة ابنته إسراء في اسطنبول زوجة "سامي كمال الدين" وإجرائه عدة حوارات عبر الشاشات الرافضة والمعارضة للسيسي، ومن أبرز ما قاله: إن "مصر الآن يحكمها شارون" اعتقل في 12 أكتوبر ثم هدموا بيته حتى مات حزنا وكمدا.