“الشقيقة قطر”.. عصابة العسكر تغازل من وصفتهم بالإرهاب و”شكري” يتناسى “موقعة الميكرفون”!

- ‎فيتقارير

"أدعو وزير خارجية قطر الشقيقة لترؤس مجلس الجامعة العربية في دورته العادية"، لم تكن تلك كلمات تلفظ بها الرئيس التركي رجب أردوغان، بل هى بحار من الغزل انفجرت في حلق وزير خارجية الانقلاب سامح شكري الذي تناسى موقعة "ميكرفون الجزيرة" عندما أطاح به من فوق طاولة مؤتمر صحفي حضره مراسلو قناة الجزيرة القطرية، والأهم أن من يغازلهم "شكري" هم من حوكم الرئيس الشهيد محمد مرسي بدعوى التخابر معهم!
ودعا سامح شكري وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لترؤس مجلس جامعة الدول العربية في دورته الحالية، وقال: "أدعو وزير خارجية دولة قطر الشقيقة لترؤس مجلس الجامعة في دورته العادية".

موقعة ميكرفون الجزيرة
أثناء اجتماعات سد النهضة الإثيوبي، التي عقدت في السودان، وفي إحدى الجلسات، لم يجد شكري أمامه سوى ميكرفون قناة "الجزيرة" ليفرغ فيه غضبه من الجانب الإثيوبي، ويقوم بإلقائه على الأرض، في مشهد ربما لم يفعله دبلوماسي من قبل، بهذه الطريقة وتلك العصبية.
واحتفى الذراع الإعلامي أحمد موسى بغزوة الميكرفون، ووجه الشكر لسامح الخارجية، معتبرا إياه "أسد الخارجية"، وقال على فضائية "صدى البلد"، التي يملكها رجل الأعمال محمد أبو العنين، أنه اتصل هاتفيا به ليشكره على الغزوة والفتح المبين، فما كان من شكري إلا الرد عليه بتواضع الفاتحين: "ده أقل واجب وده تعبير عن رأي التسعين مليون مواطن"، واعتبر موسى أن شكري سجل عشرة أهداف في شباك قطر!
وتعاني سلطات الانقلاب من أزمة حادة في ظل امتناع قطر عن سكب الدولارات فوق مسرح الانقلاب، وما قد يسببه هذا لاقتصاد العسكر، ما دفع السفاح عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري للاعتذار لقطر في مرات سابقة.
الكاتب الصحفي وائل قنديل انتقد تعاطي الانقلاب مع العلاقات القطرية المبني على المصلحة البحتة عقب توقف الحملة الشعواء التي قام بها اعلام العسكر ضد الأسرة الحاكمة بقطر والاعتذار السابق الذي قدمه السفاح السيسي لأمير قطر عن بذاءات الإعلام ضده وأسرته الحاكمة، بالتزامن مع استحقاق سداد قرض قطري يبلغ 2 مليار دولار.
وتساءل قنديل عن سر التأدب المفاجئ الذي ارتسم على منصات الانحطاط الإعلامي، في تناولها العلاقات مع الدوحة، هل اكتشفوا خطأهم فجأة، أم أنه أدب القرود طلبا لبعض الثمار؟ أين ذهبت قائمة الاتهامات القطعية بأن الدوحة تتآمر على مصر وتعاديها؟ ولماذا تغير الموقف من "حماس" والمقاومة الفلسطينية إبان العدوان الصهيوني الأخير رغم الحملة التحريضية التي سبقت الحرب وخلالها؟
وأكد أن تغير سياسات الانقلاب تجاه قطر وحماس مرجعه إدراك قطار المعونات والمنح المطروحة لإعادة إعمار غزة، واقتناصًا لدور تمت الاستقالة منه، في سبيل الحصول على الرضا الأمريكي والغربي والاعتراف بسلطة الانقلاب. موضحا أن هذا الاعتذار ليس رجوعا إلى الحق، بل تهربا والتفافا على رجوع الحق، لتفادي مطالبة قطر باسترداد وديعتها البالغة 2 مليار دولار.. فلا بأس هنا من بعض الغزل غير العفيف للدوحة، أو إظهار نوع من الأدب.
وسخر قنديل من الإعلام الانقلابي قائلا: “على هذا، ستصبح قطر جميلة ورائعة لو تنازلت عن وديعتها، وإن لم تفعل ستنهمر سيول البذاءات مجددا.. إنه منتهى الأخلاقية من سلطة جاءت بثورة مضادة للأخلاق”.

التخابر مع قطر
وفي 17 من يونيو 2019 تمّ الإعلان عن استشهاد الرئيس الشرعي المختطف محمد مرسي في جلسة محاكمة، بعد ست سنوات قضاها في محبسه دون تُهمة، سوى أنه حر أراد لبلده سيادة ولشعبها سلطة فيما أراد المنقلبون سلطة تذّل الشعب مع تبعية لأمريكا وحماية للصهاينة، وحين لم يجدوا تهمة له قالوا: تهمة التخابر مع قطر وحماس.
وقبيل استشهاده بمدة قال الرئيس مرسي: إنه يتعرض لمحاولة تصفية جسدية، ويبدو أن ذلك كان، بعدما حكم عاما واحدا، ولكنه كان أطول مما حكم طغاة مصر مجتمعين من فراعين وعسكر، فقد مارس فيه المصريون المتفقون والمختلفون مع الرئيس مرسي حرّية لم يمارسوها من قبل، وقالوا فيها على الحاكم بشكل علني مالا تجده في أكثر ديمقراطيات العالم تقدما.
عام استطاع فيه الرئيس المحاصر بدولة عميقة، ومؤسسات فاسدة، وعسكر خونة وغياب تام للمساعدة الخارجية "التقليدية" ومؤامرات داخلية قادتها "معارضة" تافهة رثّة صُنعت على عين مبارك ومخابراته لتشكل شرعية وجود نظام مبارك، استطاع رغم كل هذا أن يحقق نجاحات اقتصادية داخلية وأن يعقد اتفاقات دولية تعود على مصر بالنفع، وأن يبرز كزعيم مستقل جاء بإرادة شعبية ممثلا لثورة شعبية أطاحت برأس فاسد وتركت جسدا أكثر شراسة، جسد ينتظر فرصة مواتية لينبت رأسا جديدا أكثر فسادا وقذارة وإجراما منذ تولي سلطة العسكر حكم مصر.
شكل الرئيس الشهيد مرسي ومن معه حالة شعبية في قلوب العرب والأحرار في العالم، فقد تمّ الانقضاض عليهم ووضعهم في المعتقلات وتم تصفية الآلاف منهم، وقبل ذلك بدأت شيطنتهم إعلاميا حيث تدخلت دول إقليمية بصناعة فضائيات همها تشويه الإخوان والتخويف مما يسمى الإسلام السياسي، وكذلك تضخيم السلبيات وإشعار الناس أن الرئيس فاشل لا يستطيع قيادة دولة كبيرة مثل مصر!
حتى جاءت الفرصة المناسبة ليتم ترتيب عسكر "كامب ديفيد" للانقلاب ضد الرئيس الشهيد، حين سارعت دول لتمويل هؤلاء فكانوا أقرب للمرتزقة أو قتلة مأجورين، انقلاب انقلب حتى على أقرب مساعديه ومعاونيه فيما ولم يكتف بأعدائه.
أعاد الانقلاب دولة العسكر من خلال دماء الأبرياء في رابعة والنهضة، ولكن هذه الدماء كانت سببا لتشكل وعي آخر، وتفتح ذهنية شعب أُريد له التنميط والبرمجة من قبل نظام مستبد جاء بانقلاب عام 1952، فقد تبين له حقيقة المؤسسة العسكرية ودورها بعد أن رقص معها في 25 يناير بشعار" الجيش والشعب إيد واحدة" وعرّى حقيقة ودور الأنظمة الوظيفية الخدمية وفي القلب منها أبوظبي الرياض.
انقلاب عرّف الناس أنّ أمريكا تعادي الديمقراطية وتمنعها عن المنطقة لأنّها تعني سلطة تستمد شرعيتها من الشعب، وهي تريد سلطة تستمد شرعيتها من رضاء أمريكا، بيّنت أن الثورات العربية هددت الصهاينة فاستعانوا بكلابهم وبعملائهم.
ارتقي الرئيس مرسي شهيدا ولم تمت فكرة الحرية، مات ولم تمت كلماته مخاطبا أبناء شعبه: "أن آباءهم كانوا رجالا لا يقبلون الضيم ولا يعطون المنية من دينهم أو وطنهم، ولا ينزلون على رأي الفسدة".