لم يقبل الشعب المصري، وبالتحديد الصعايدة، اعتذار تامر أمين في قضايا الشرف والحط من الكرامة واهانة أهل الصعيد، وليس من سلطة أحد قبول الاعتذار؛ فقناة النهار ليست محل بقالة، ولكنها محطة إعلامية تملكها عصابة الانقلاب العسكري وتديرها المخابرات برعاية اللواء عباس كامل، ذراع السفاح عبد الفناح السيسي.
حاول تامر أمين الاعتذار لأهل الصعيد؛ مبررا ذلك بأن الهدف من حديثه كان المصلحة العامة، وأن أكثر ما يؤذيه هو أن يغضب شخص واحد من أهالي الصعيد وأنه من أكثر المؤمنين بالصعيد وعزة نفس الصعيد وكرامة الصعيد، وأن صعيد مصر هو أصل مصر وهو من أخرج معظم القامات والمفكرين والأدباء!
وأضاف أنه لا يقصد الإهانة مطلقا وقال: "لكل صعيدي وصعيدية جزامكم على راسي من فوق، وأنا ابن صعيد مصر ونسايبي من الصعيد وأتشرف بهذا النسب حتى لو قصدي خير، ولو واحد بس زعلان أقوله حقك عليا".
أيهما أكثر سوءا؟
وكانت هيئة مكتب المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في حكومة الانقلاب قررت وقف برنامج الإعلامي تامر أمين واستدعائه للتحقيق، وتساءل الكاتب الصحفي وائل قنديل بالقول:" أيهما أكثر سوء وإساءة وإهانة للمصريين: أن يقول أحدهم إن مصر عرت كتفها وكشفت ظهرها أو أن يقول مذيع سفيه إن الصعايدة يرسلون بناتهم للعمل في القاهرة خادمات"؟
مضيفا: "دور المذيع الذي أساء للصعايدة في القصة لا يزيد عن دور"البردعة" في المثل الشعبي الشهير أحد أشكال الاستعباط أن تترك الموضوع الأصلي وتتشطر على البردعة".
واستدعى السفاح السيسي من قاموس الرذيلة الذي يحفظه كلمات تمثل أكبر إهانة لمصر حيث شبهها بفتاة لعوب، كشفت ظهرها وعرت كتفها، لتثير لعاب كل من هب ودب!
وفي كلمته أمام حشد من ضباطه وأركان حكمه وأذرعه عاد السفاح السيسي للتنصل من مسؤوليته عن جريمة بناء سد النهضة وما سيسببه من أضرار بالغة لمصر والمصريين، محملا المسؤولية مجددا عن ثورة 25 يناير، التي كان يتغزل فيها من قبل والتي تفاخر بالتقاط الصور مع شبابها والأهم أنها هي التي وفرت له الفرصة للبروز في المشهد السياسي.
واستدعى السفاح السيسي من قاموس الرزيلة الذي يحفظه كلمات تمثل أكبر إهانة لمصر حيث شبهها بفتاة لعوب، كشفت ظهرها وعرت كتفها، لتثير لعاب كل من هب ودب، وتصبح لحما رخيصا لمن أراد أن يشبع نهمه!
وفي تبريره لفشله وعجزه عن مواجهة أخطار سد النهضة اعتبر السفاح السيسي أن مصر أصبحت كتلك الفتاة الغانية بسبب قيام ثورة 25 يناير 2011، مجددا ادعاءه أن هذه الثورة هي التي أغلقت مسار التفاوض للوصول إلى حل، ومنحت الإثيوبيين الفرصة للبدء في بناء السد.
والصحيح أن مصر الحرة أجبرت على خلع ثيابها، مع اغتصابها بالحكم العسكري عقب انقلاب السفاح السيسي، والصحيح أن السفاح السيسي هو الذي منح الإثيوبيين صكا على بياض لبدء بناء السد، وهو الذي أعطى الضوء الأخضر لهيئات التمويل الدولية بضخ أموالها واستثماراتها في السد دون حرج، ويعد الصعيد أقدم أرض سكنها الإنسان فى مصر، تشهد بذلك الآثار الدالة على حضارة “نقادة” وحضارة “البداري”، و هما حضارتان سبقتا حضارة “الفراعنة”.
الصعيد والثورة
وعرف الصعيد الثورة منذ آلاف السنين، وطوال عصور الحكم الرومانى كانت تتفجر الثورات ويتم قمعها، ولكن هناك انتفاضات وقعت في عصر محمد على وأولاده، كانت من روافد الثورة العرابية، من أشهرها: انتفاضة “بدو” الفيوم والمنيا، وانتفاضة “البداري” بقيادة الشيخ أحمد الطيب، ووقعتا في عهد الخديو سعيد والخديو إسماعيل، ويضاف إليهما انتفاضات “الفلاحين” الرافضين أسلوب جمع الضرائب الذى قرره إسماعيل لحل أزمة الديون.
ثم جاءت الثورة العرابية؛ وشارك فيها أهل الصعيد بالمال والقتال، والتاريخ يحفظ أسماء العائلات التى اضطهدت عقب دخول الإنجليز مصر، وفشل الثورة العرابية، وكان جيش عرابى قد ضم حوالى 15 ألف مقاتل من فرسان البدو المنتمين لمحافظات الصعيد والشرقية.
وفى ثورة 1919 كان الوفد المصرى الذى تشكل بزعامة سعد زغلول يضم أربعة من أعيان الصعيد، من جهته يقول الصحفي ناصر جابر :" إهانة تامر امين للصعايدة ..وله أقول إن جزمة الصعيدي أشرف منك ومن اعلامكم العار قال أمين (وليس له من اسمه نصيب فهو ليس بأمين ) في برنامجه آخر النهار على قناة النهار الفضائية "الريف وفي الصعيد في ناس بتخلف عشان عيالهم هما اللي بيصرفوا عليهم الولد يوديه ورشة، والبنات يشحنوهم على القاهرة عشان يشتغلوا خدامات». أيها الجاهل إن الصعيد منبع العلم والثقافة والأدب".
وتقول الصحفية إنجي عارف: " في زمن سابق عرفنا إن كان فيه ما يسمى العزبة والوسية أراضى وممتلكات ضخمه تملكها أسرة واحدة وباقى الأسر في خدمتهم يعملوا فى الفلاحة والزراعة والتصنيع وخدمة ورعاية البيوت مقابل إطعامهم وكسوتهم وأصبح تعريف العمل فى العزبة والوسية هو استعباد العمال ونهب مجهودهم في نظير الطعام والملبس وقامت الثورة وكل ثورة للتخلص من الوسية والعزبة وتحقيق العدالة الاجتماعية لكن احنا لسه بنشتغل علشان ناخد مرتبات يادوب تكفي الأكل والمواصلات ورب الأسره أحيانا بيختار يكسى أبنائه في المواسم ويلبس هو هدومه القديمة علشان دخله بعد سداد الفواتير مش بيكفى حتى الأكل والكسوة".
وتضيف: "وتيجى وزيرة تقول المواطن بيكلف الدولة معرفش كام طب عالأقل المواطن ده بيشتغل لكن انتي والسادة الوزراء بتكلفوا الدولة كام من رواتب فلكية وسيارات حديثة ومواكب وتشريفات وحراسة خاصة أحسبيها هتلاقي تكلفة واحد وزير في الشهر يمكن توازي تكلفة عشرة مواطنين في السنة بتشتغلوا إيه بقى غير تصريحات تسد النفس وبعضها يجيب جلطة".
الإعلانات عن أهل الصعيد
وتقول الناشطة باكينام السيد: " بنشحت في الإعلانات على أهل الصعيد عشان نوفر لهم بطاطين وأهل الدلتا عشان نعملهم وصلة مياه ، بالأحرى قبل ما الفقر يدفعهم لعمل أبنائهم وتتنمر عليهم روح اتوكس جنب المواكيس اللي بيبنوا كمباوندات واطول خازوق في العالم وسايبين الناس دي بالمنظر ده".
وزاد اهتمام العالم بما يحدث في مصر بعد نجاح ثورة 25 يناير 2011، وتوجّهت أنظار الجميع أكثر وأكثر نحو العاصمة القاهرة والمدن الكبرى مثل الإسكندرية، وكأن الثورة قامت فقط في تلك المدن، لكن الحقيقة أن العديد من قرى ومدن مصر المنتشرة في المحافظات شاركت بقوة في ثورة الشعب المصري، وقدّمت الكثير من التضحيات في سبيل نجاحها.
دلجا، وكفر خزام، في مركز ديرمواس، والشراينة، وشوشة بسمالوط، والقيس في بني مزار، وأبو شحاتة والكوادي في مطاي، وطهنا الجبل وريدة في مركز المنيا، والخياري في أبو قرقاص، والبياضية والمعصرة في ملوي، وعطف حيدر في العدوة، كل تلك القرى وغيرها في محافظة المنيا شهدت حراكا شعبيا إبان ثورة يناير، لكنها لم تحظ بتغطية إعلامية مثل القاهرة وبقية المدن الكبرى.
الصعيد وثورة يناير
وعلى الرغم من أن الشائع في مصر أن محافظات الصعيد كانت بعيدة عن الاشتراك في ثورة يناير، إلا أن الحقيقة هي أن محافظات الصعيد كان لها دور فيما حدث؛ فالتظاهرات التي شهدتها قرى كثيرة في محافظة المنيا، شهدت محافظة قنا مثلها ولكن تركزت التظاهرات في المدينة، وفي محافظة بني سويف شهد مركز ببا إطلاق نار من الضباط على الأهالي من المتظاهرين وأدى ذلك إلى سقوط شهداء.
وفي أسوان، شهد ميدان المحطة وشارع أبطال التحرير وميدان كوم إمبو وشارع السوق في كوم إمبو، تظاهرات ومسيرات هتفت بسقوط المخلوع مبارك.
الوادي الجديد كان لها نصيب أيضا في ثورة يناير حيث اندلعت شرارة الثورة فيها عندما قام أحد ضباط الشرطة بسبّ المواطنين في أحد المقاهي، ما دفع الناس إلى الثورة فذهبوا إلى قسم الشرطة وأضرموا به النيران، وأدت الاشتباكات إلى استشهاد 3 مواطنين.