غلاء الأسعار والبطالة والاكتئاب.. لماذا زاد انتحار المصريين بعهد الانقلاب؟

- ‎فيتقارير

مع تدهور الاقتصاد المصرى وارتفاع الأسعار وتراجع الدخول لدرجة أن المواطن أصبح لا يستطيع الحصول على حاجاته اليومية دون اقتراض بالإضافة إلى الوضع السياسى وممارسة القمع والاستبداد وخنق الحريات زاد عدد المصريين الذين يقررون إنهاء حياتهم بالانتحار والتخلص من حياتهم لأنهم أدركوا أنه لا جدوى ولا أمل في الحياة في ظل تلك الأوضاع المأساوية التي تعيشها مصر في عهد الانقلاب. 

ورصدت "المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان" 203 حالات انتحار و12 محاولة انتحار خلال الفترة من يناير إلى يونيو 2020.

وقالت المؤسسة، فى تقرير أصدرته مؤخرا، إن هذا الرصد لا يمثل عدد حالات الانتحار الحقيقية، التي قد تصل إلى عدة آلاف سنويا وانما يقتصر على التناول الصحفي للظاهرة.

وكشف التقرير 12 وسيلة من وسائل الانتحار أكثرها الشنق بـ89 حالة بنسبة 43.84%، تليها وسيلة تناول قرص غلة سام، أو مبيد حشري بـ45 حالة بنسبة 22.16%، ثم الانتحار بالقفز من مكان عال بـ35 حالة بنسبة 24.17%، يليها الانتحار بإطلاق النار على النفس، أو غرقا في نهر النيل أو الترع 9 حالات لكل منها بنسبة 4.43%، وفي المركز السادس الانتحار أمام قطارات مترو الأنفاق 5 حالات بنسبة 2.46%، ثم الانتحار بقطع الشرايين أو الانتحار حرقا بـ3 حالات لكل منها بنسبة 1.47%.

ورصد التقرير 17 سببا للانتحار أكثرها سوءا الحالة النفسية التي تسبق حالات الانتحار بـ78 حالة بنسبة 38.42%، يليها مرضى الاكتئاب والأمراض النفسية 27 حالة بنسبة 13.3% والخلافات الزوجية والأسرية 36 حالة، ثم الضائقة المالية وتزايد الديون 15 حالة بنسبة 7.38%، ولأسباب عاطفية 7 حالات بنسبة 3.44%.

الاكتئاب أهم الأسباب 

تعليقا على تزايد حالات الانتحار قال الدكتور جمال فيرويز استشاري الطب النفسي إن أغلبها يرجع إلى الإصابة بالاكتئاب، مشيرا إلى أن المستشفيات المتخصصة يجب أن تخضع مريض الاكتئاب لجلسات كهرباء، ثم تتصل بالمجلس القومي للصحة النفسية لإبلاغه بحالة هذا المريض، ويجب أن يصاحبه ممرض كظله كي لا ينتحر.

وأكد فرويز فى تصريحات صحفية أن اتجاه البعض للانتحار في أماكن عامة تتسلط عليها الأضواء (كبرج القاهرة، أو خطوط المترو، أو بعض الكباى على نهر النيل) رسالة يريد المنتحر أن يوجهها لشخص ما، أو لجهة ما، أو لاستعراض إعلامي ينشده .

وأشار إلى أن اختيار المكان في بعض الأحيان يكون بسبب ارتباطه بذكريات لدى المنتحر، وقد يكون الهدف هو توجيه رسالة لشخص كانت تجمعه به ذكريات في هذا المكان، ولكن أيضا قد يكون اختيار المكان غير مقصود. مشددا على ضرورة عدم اعطاء الشخص المصاب بالاكتئاب أي فرصة للتخلص من حياته، وأن يكون محاطا بأشخاص بما يكفي لمنع أي محاولة للانتحار.

تضارب كبير

وقالت دينا حلمي باحثة سياسية متخصصة في العلاقات الدولية إن مصر إحدى دول الفئة الثانية فى تصنيفات منظمة الصحة العالمية الخاصة بالانتحار، مشيرة إلى أن إحصاءات المنظمة أظهرت تصدر مصر المركز الأول عربيا بـ3799 حالة انتحار متفوقة بهذا العدد عن مناطق الحروب. 

وأكدت دينا، في تصريحات صحفية، أن هذا الوضع يدل على خطأ في النظام الاجتماعي وإشارة دالة على التفسخ الاجتماعي.

وأشارت إلى أن (الحكومة (الانقلابية) لا تتعامل بشفافية مع الظاهرة، فلا تصدر إحصاءات واضحة بعدد حالات الانتحار، وكل ما تفعله الخروج بتصريحات تنفي صحة الأرقام المتداولة أو مقارنتها بمعدلات الانتحار عالميا، لتؤكد انخفاضها في مصر في تسطيح للأمر يدل على عدم الجدية في معالجة الظاهرة  .

وكشفت دينا عن تكتم وتضارب كبير في الأرقام التي تصدرها الجهات الرسمية عن الانتحار وأرجعت ذلك لتحفظ هذه الجهات عن نشر تلك البيانات لعدم إثارة الفزع في المجتمع أو منع تصدير صورة سلبية.

أسباب متعددة 

وأشارت "دينا" إلى أن الاكتئاب والضغط النفسي والقلق المزمن لعبت دورا كبيرا في تزايد حالات الانتحار، إذ يعاني24.7% من المصريين من مشاكل نفسية وأكثر الفئات التي تعرضت لهذا كانت الشباب والطلاب، كما أن الظروف الاقتصادية والمالية والمعيشية للفرد من أهم دوافع الانتحار، بالإضافة إلى دور العنف المنزلي والتفكك الأسري والعنوسة والبطالة وصعوبة الزواج في الإقدام على الانتحار.