هل السيسي قادر على تنفيذ تهديداته لإثيوبيا بضرب السد؟

- ‎فيأخبار

تحولت نبرة عبدالفتاح السيسي من الدبلوماسية الناعمة إلى المواجهة الخشنة عقب فشل مفاوضات سد النهضة وإصرار إثيوبيا على بدء مرحلة الملء الثاني للسد دون الرجوع إلى دولتي المصب مصر والسودان. وزعم السيسي أمس خلال تفقده قناة السويس عقب نجاح جهود تعويم السفينة الجانحة وعودة حركة الملاحة للقناة: "لا يمكن لأحد أن يأخذ قطرة مياه واحدة من مصر وإلا فإن ردها سيحدث عدم استقرار إقليمي وسيرتد صداه في المنطقة".

وحذر السيسي من المساس بحقوق مصر التاريخية في مياه النيل، ملوحا برد فعل يهدد استقرار المنطقة بالكامل، وادعى أن "مياه النيل خط أحمر لن يسمح بالمساس بها قبل أن يعيد التأكيد مرة أخرى في الوقت نفسه أن الأزمة تمثل معركة تفاوض وأن القاهرة تكسب فيها أرضا كل يوم" على حد قوله.

هو السبب في الأزمة

ورغم تسبب السيسي شخصيا في أزمة سد النهضة منذ البداية بتوقيعه على اتفاقية المبادئ التي منحت إثيوبيا حق بناء السد، بالإضافة إلى عدم التعاطي منذ البداية ولسنوات طويلة مع الأزمة بجدية وحزم ما أوصلنا اليوم إلى كارثة حقيقية، أثارت تصريحاته العنترية تساؤلات عدة بشأن أسباب تمسكه باتفاقية المبادئ وعدم الانسحاب منها.

وتأتي تصريحات السيسي بعد ساعة فقط من إعلان المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية تأكيد بلاده للجانب الأمريكي أن مسار المفاوضات يجب أن يستند إلى اتفاق إعلان المبادئ الذي وقعه السيسي مع الحكومتين الإثيوبية والسودانية في عام 2015.

كما جدد المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية التأكيد على إصرار بلاده المضي في خطوة الملء الثاني في موعدها يوليو المقبل استغلالا لموسم الأمطار القادم حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق.

وقال العميد الصوارمي خالد، الخبير العسكري المتحدث الأسبق باسم القوات المسلحة السودانية، إن تصريحات السيي لها مدلولات أهمها أن هناك تلويح بالخيار العسكري في أزمة سد النهضة، وهو أمر وارد جدا حتى ولو جاء كنوع من أنواع الضغط.

وأضاف خالد أن التلويح باستخدام السلاح كحل لفشل الجهود الدبلوماسية أمر جيد خصوصا وأن إثيوبيا بادرت قبل شهر تقريبا بالإعلان عن بدء ملء السد دون التوصل لاتفاق مع مصر والسودان وأنها جاهزة للدفاع عن نفسها ضد أي عمل عسكري، مشددا على أن الضرر الواقع على مصر والسودان جراء سد النهضة لن يجبر إلا بعمل مادي وهو الحل العسكري.

وحول توقعه لشكل الضربة الجوية إن حدثت أوضح خالد أن الضربة في البداية تكون موجهة لمنظومة الدفاع الجوي المحيطة بالسد وإذا لم تستجب إثيوبيا وتعود إلى رشدها تكون الضربة الثانية موجهة لجسم السد نفسه، لافتا إلى أن السودان يقف مع مصر في خندق واحد فيما يتعلق بسد النهضة على الرغم من أنه لم يلوح باللجوء للخيار العسكري.

وأشار إلى أن الجيش السوداني في حالة تعبئة الآن أكثر من الجيش المصري وهناك مناوشات مع الجيش الإثيوبي على الحدود في منطقة الفشقة، مؤكدا أن منطقة الفشقة في السودان وسد النهضة في إثيوبيا ملف واحد، وإذا تكامل التلويح المصري بالحرب مع الحشود العسكرية السودانية يصبح العمل العسكري وارد جدا.        

لغة متأخرة

بدوره قال الدكتور محمد الزواوي، المحاضر بجامعة سكاريا، إن اللغة التي تحدث بها السيسي جاءت متأخرة وكان يجب اللجوء إليها منذ تعثر المفاوضات لكي يؤكد أن مصر جادة في اللجوء إلى الخيار العسكري، مضيفا أن هناك العديد من الشواهد التي تؤكد ان مصر تستعد بجدية لعمل عسكري ضد إثيوبيا بدء بتطوير سلاح الجو المصري باستقدام طائرات الرافال والسوخوي والميج واستيراد صواريخ قادرة على تحطيم الدروع والتحصينات والقادرة على قذف السد دون دخول الحدود الإثيوبية لان مداها يصل إلى 400 كيلو متر، وكذلك التعاون العسكري مع السودان لأنها ستكون خط الدفاع الأول إذا تعرضت أديس أبابا لضربة عسكرية.

وأضاف الزواوي أن مشروع تبطين الترع في مصر له علاقة أيضا بضرب سد النهضة تحسبا لأي فيضانات متوقعة جراء انهيار السد، أيضا ظهور تسريبان الأول على إحدى الصفحات غير الرسمية التابعة للجيش والتي عرضت فيديو لسيناريو ضرب سد النهضة وهو نفس السيناريو الذي تحدث عنه الدكتور معتز بالله عبدالفتاح المقرب من الأجهزة الأمنية والذي تحدث عن إحداث ثقب في السد.

وأوضح الزواوي أن الضربة العسكرية المتوقعة سوف تحدث ثقبا في السد ربما يتم معالجته وتكون الرسالة قد وصلت إلى إثيوبيا أو تتسبب في انهياره كليا بسبب ضغط المياه الذي سيتسبب في تصدع جدران السد.

بدوره استبعد العميد صبحي ناظم توفيق، الخبير العسكري، وقوع حرب بين مصر وإثيوبيا، مضيفا أن هذا خيال يراود السيسي، مؤكدا أن مصر غير قادرة من الناحية العملية على ضرب سد النهضة أو أي هدف في إثيوبيا بشكل عام.

وأضاف أنه من المؤكد أن إثيوبيا قامت بتأمين سد النهضة بصورة جيدة وأنها أقامت دفاعات جوية على جانبي السد تحسبا لأي ضربة عسكرية، مضيفا أن المسافة بين أقرب نقطة في أقصى جنوبي مصر وسد النهضة لا تقل عن 1400 كيلو متر والصواريخ المصرية المتاحة الآن أقصى مدى لها 1300 كيلو متر.

وأوضح أنه حال تم الاتفاق مع السودان على استخدام أراضيها لضرب سد النهضة، فهذا يعني إعلان حرب بين السودان وإثيوبيا وعليها تحمل تبعات ذلك، وحتى حال اللجوء إلى السعودية لقربها من سد النهضة فإن المملكة لن تقبل بالتورط في هذا الأمر.

وأشار إلى أن حتى لو نجحت مصر في إقامة مطار عسكري في جزيرة فرسان ليكون محطة انطلاق لهجماتها على سد النهضة فعليها توقع رد فعل قوي من إثيوبيا على تلك الضربة، مضيفا أن سد النهضة ضخم جدا وحائط السد سمكه كبير ولا أتوقع أن تتمكن القنابل أو الصواريخ المصرية من هدمه.