حرق مقبرة ممرضة حلوان.. هل يقف وراءه “عسكر الانقلاب”؟!

- ‎فيتقارير

فتش عن الكوارث التي يريد عبد الفتاح السيسي صرف أنظار المصريين عنها حتى تتاكد أن ما يطفو على السطح من قضايا صادمة ومرعبة من تدبير أفراد عصابته، فمن غلاء الأسعار وسعار الضرائب إلى تدمير كافة مفاصل الدولة الطبية والتعليمية والغذائية والاقتصادية والدينية، وحتى كارثة الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي، كل تلك الجرائم تحتاج "قنبلة دخان" تمنح عصابة الانقلاب فرصة للهروب من قبضة الشعب.
وأثار حادث نبش قبر ممرضة بمستشفى حلوان العام، واستخراج جثتها وحرقها، غضب وحزن المصريين، خاصة مع غياب الدافع لارتكاب جريمة بتلك البشاعة، إلا أن سرعة تناول الخبر في وسائل إعلام العسكر أتاح لكثير من المراقبين الجزم بأن الفاعل معلوم، وآثار بيادته العسكرية تلطخ المقبرة. حتى لو لم يكن "العسكري" استخرج الجثة بيده وحرقها.

ولاد الحرام
وتحاول الأنظمة الديكتاتورية القمعية جاهدة إيجاد ذريعة لبقائها ومرجعية لشرعيتها، مستخدمة جميع الطرق التي قد توفر لها تبريرا لسلوكها القمعي، والذي في الأصل ما هو إلا وسيلة للإبقاء على عصابة الانقلاب وعزل المعارضة الحقيقية سياسيا واجتماعيا، ومحاولة للتشبث في سدة الحكم وإحكام السيطرة على السلطة.
وفي ذلك تسلك سلطات الانقلاب القمعية إستراتيجية إحداث القلاقل في نسيج المجتمع وتغذية النعرات العنصرية بالتجييش العاطفي الديني، مثلا، لخلق مساحة من الكراهية يرتكز عليها العسكر ليزداد قمعا ويثخن بطشا، ولا بأس من صنع حادثة صادمة ومرعبة مثل حرق جثة او تفجير كنيسة، أو على الأقل تاستمارها إعلاميا لشغل الناس لعدة أيام. فعقلية الإجرام دوما حاضرة وقسم العمليات القذرة في عصابة الداخلية دوما بالخدمة.
وشهدت منطقة مقابر "الباجور" بحلوان، قيام أحد الأشخاص باستخراج جثة سيدة من قبرها، وحرقها دون خوف من عقوبة، بعد أقل من 24 ساعة على دفنها.
ويقول شاهد عيان، إن الممرضة (م.أ) عمرها 40 عاما، توفيت بعد إصابتها بفيروس كورونا، ودفنت في مقابر منطقة حلوان يوم الإثنين من الأسبوع الماضي، إلا أن زملاءها بالمستشفى فوجئوا حين توجهوا لزيارة قبرها في اليوم التالي بنبش قبر المتوفاة، واستخراج جثتها، وحرقها.
وأضاف الشاهد، الذي رفض ذكر اسمه، أن الأهالي عثروا على الجثة متفحمة، ولم يستدل على مرتكب الجريمة، ولا حتى دوافعه، وأكد مالك مقهى بالقرب من المنطقة، أن رجال الشرطة موجودون بكثافة في المنطقة منذ ارتكاب الحادث، وفرغوا كاميرات المراقبة بالمحال التجارية في محيط المقابر، كما استمعوا لأقوال السكان، بهدف الوصول لمرتكب الجريمة.
"سمعنا إنها كويسة ومحبوبة، مش عارف من يجيله قلب يعمل كده".. يتابع صاحب المقهي حديثه، "فكل سكان المنطقة يشعرون بالحزن على المتوفاة»، وينهي "حتى الجثث ما سلمتش من ولاد الحرام".

جهاز سري
ويستخدم السفاح السيسي نفس طرق استخدمها قبله المخلوع حسني مبارك إستراتيجية ونهجا، فعندما لم يجد مبارك مبررا لطول فترة حكمه الرئاسية وانحسار الإنجازات أصبح لدى نظامه القابلية لتفجير الكنائس وحرق دور العبادة وتفجير الحوادث الطائفية والمذهبية الدينية كل فترة لتطفو على السطح كلما نسيها الناس.

وأثبتت الوثائق والدلائل، بعد ثورة 25 يناير 2011، تورط النظام متمثلا في وزارة داخليته بقيادة حبيب العدلي في العديد من التفجيرات والعمليات القذرة التي شهدتها مصر من تفجير لكنائس في مناطق من صعيد مصر وتأجيج لمشاعر الاضطهاد الديني وعدم تقبل الآخر، الأمر الذي لم يعهده المصريون قبل ذلك.
وكان قد كشف في وقت سابق عن مذكرة سرية عرضت على وزير الداخلية فى ديسمبر 2010، أيام قليلة قبل رأس السنة الميلادية 2011، الذي شهد تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية، ويتم في هذه المذكرة عرض خطة لتفجير إحدى الكنائس الكبرى داخل القاهرة، ثم توجيه أصابع الاتهام بعد ذلك لبعض القيادات الكنسية من خلال السيطرة على سير تحقيقات النيابة.
وكان الهدف من عمليات التفجير تلك الضغط على البابا شنودة وتهديده والسيطرة عليه، حتى يحد من موجة احتجاجاته واستعداء الخارج ضد العسكر، ولكي يخفض من انتقاداته في أثناء حديثه مع المخلوع مبارك، ومن طرف آخر توجيه تهمة التفجير للجماعات الإسلامية، ما يسوغ للعسكر ممارساتهم القمعية والاعتقالات والاعدامات والتصفية الجسدية خارج اطار القانون.
كما تم الكشف عن جهاز سري يقوده وزير الداخلية، العادلي، والمكون من 22 ضابطا من جهاز الشرطة، والذي يضم عددا من "أفراد سابقين في الجماعات الإسلامية" الذين قضوا سنوات في السجون وجندهم العسكر، وعددا من تجار المخدرات، وفرق الشركات الأمنية، ومليشيات من "البلطجية" الذين يدينون بولائهم لضباط الداخلية، قُسِّموا حسب المناطق الجغرافية.
وكان الهدف أن يكون جهاز العادلي "جهاز تخريب شامل" في جميع أنحاء مصر، إذا تعرضت جمهورية العسكر لأي اهتزاز، ويبدو أن اهتزاز العسكر بعد كارثة التزوير الفاضح لانتخابات برلمان 2010، إضافة إلى اتساع مساحة القلق من خلافة مبارك، كانت إشارات لـ "الاهتزاز" الذي يحرك الجهاز السري للعادلي.

فهل خرجت حادثة حرق جثة الممرضة من عباءة ذلك الجهاز الذي استعاد عافيته بعد انقلاب 30 يونيو 2013؟