قبل ربط سكك حديد مصر بالسودان وليبيا.. هل تتوقف كوارث القطارات أولا؟

- ‎فيتقارير

فاجعة جديدة تضاف إلى سجل حوادث السكة الحديد في مصر، أفاق عليها الشعب صباح الأربعاء الماضي، عندما شهدت مدينة منيا القمح بمحافظة الشرقية، خروج عربتي قطار عن القضبان؛ ما أسفر عن سقوط عدد من المصابين. المشهد بدا قاتما إذا اضيفت تلك الحادثة إلى ما سبقها من نزيف حوادث باتت متكررة، يأتي ذلك الانهيار في الوقت الذي أعلن فيه وزير النقل في حكومة الانقلاب الفريق كامل الوزير أن عصابة الانقلاب تعتزم بناء خطوط سكك حديد تربط مصر بالسودان جنوبا وليبيا غربا!

ألسنة اللهب
أكثر حوادث القطارات بشاعة وقعت في العام 2019 عندما شب حريق ضخم نجم عن اصطدام قطار برصيف محطة رمسيس في محطة مصر بالقاهرة، وهو ما أدى إلى مصرع 25 شخصا، وابتلعت ألسنة اللهب عشرات الموجودين في المحطة، قبل أن يعج المكان برائحة تفحم الجثث، لتضاف كارثة جديدة إلى رصيد كوارث الانقلاب.
ومع ذلك، لم تتوقف التصريحات الرسمية المعتادة التي يكررها رئيس وزراء الانقلاب أو وزراء العسكر أو سكرتيرهم المدني، بأنه "ستتم محاسبة المقصرين، وأن الحادث لن يمر دون حساب عسير، وإن رعاية المصريين وحياتهم على رأس أولويات الحكومة وأن الحادث لا يمكن أن يتكرر".
تقول الناشطة الداعية صدفة:" ياريت وزير النقل قبل ما يعمل مشروع يربط سكك حديد مصر بالسودان.. يربط القطارات اللي بتخرج عن القضبان في الشرقية الأول مش معقول جوزها مبطوح وتروح تعالج ممدوح".
وتزعم عصابة الانقلاب بمصر أنها أنفقت أكثر من 45 مليار جنيه خلال الفترة بين 2014 – 2020 من أجل تطوير وتحسين مرفق السكك الحديدية، أحد أعرق المرافق في مصر، لكن الواقع يشير إلى أن ذلك لم يمنع استمرار وقوع كوارث متتالية في هذا المرفق.
وتسبب حادث تصادم قطارين بشكل مروع قرب مدينة طهطا بمحافظة سوهاج، منذ نحو أسبوعين، في وفاة ما لايقل عن 19 شخصا وإصابة أكثر من 185 آخرين، حيث أظهرت إحدى كاميرات المراقبة اصطدام قطار سريع بآخر من الخلف تحولت على إثره العديد من العربات إلى أشلاء.

الأثرياء أولا
وجيء بـ"كامل الوزير" وهو ضابط كبير بالجيش برتبة فريق، على رأس وزارة النقل خلفا لـ"هشام عرفات" الذي قدم استقالته من منصبه في فبراير 2019 إثر حادث قطار وقع بمحطة رمسيس، وأودى بحياة 21 شخصا وإصابة 52 آخرين، لكن تغيير الوزير لم يمنع تكرار الحوادث حتى وقعت الكارثة الأخيرة.
وكانت حكومة الانقلاب أثارت عاصفة من الجدل في الشارع المصري، في مطلع العام الجاري، بعد إعلانها توقيع اتفاق مع شركة سيمنز (Siemens) العالمية، لتنفيذ منظومة متكاملة للقطار الكهربائي السريع في مصر بإجمالي أطوال حوالي ألف كيلومتر، وبتكلفة إجمالية قدرها 360 مليار جنيه.
وامتلأت وسائل التواصل بالأصوات الناقدة لموقف عصابة الانقلاب، معتبرين أنها تنفق ببذخ على المشروعات التي تهم الأثرياء في مقابل تقتيرها على المشروعات التي تخدم عموم المصريين.
من جهته، قال السياسي المصري وأستاذ الهندسة الميكانيكية، عمرو عادل إن "مشكلة قطاع النقل في مصر لها مستويان، الأول هو عدم اقتناع الطبقة الحاكمة بمصر أن الشعب المصري له حقوق عليهم، والثاني هو انهيار الكفاءة الفنية للمجتمع بشكل عام، وتوغل الفساد، لذلك تعاني كل قطاعات مصر من انهيار كبير في المستوى التقني".
وانتقد إنفاق تريليونات الجنيهات على مشروعات كبيرة مثل العاصمة الإدارية والمدن الجديدة والقطارات فائقة السرعة وغيرها، والتي تتعلق بالطبقة الحاكمة، لا الشعب، وبالتالي فإن الأزمة أعمق من مجرد حصرها في الإنفاق والإصلاح، مؤكدا أن الأزمة في الإدارة والحكم.

أنا غلبان..!
وحذرت ورقة تحليلية بعنوان "أصداء حادث قطار سوهاج .. قراءة في مواقف السلطة" نشرها موقع "الشارع السياسي" من أن إنفاق السفاح السيسي عشرات المليارات بدعوى التطوير والتحديث -رغم أن ما يقوم به ليس أحد أشكال الصيانة ليبقى مرفق السكة الحديد قديما بلا تحديث- من أجل خصخصة القطاع خلال السنوات المقبلة.
وأوضحت الورقة أن السيسي في مارس 2018 أعلن "معناش فلوس لتطوير السكة الحديد"، وبعد تصريحات السيسي بثلاثة أيام فقط وافق برلمان العسكر في 4 مارس 2018م على تعديل بعض أحكام القانون رقم 152 لسنة 1980، الخاص بإنشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر، والذي يقضي بإشراك القطاع الخاص في إدارة وتشغيل وصيانة مشروعات البنية الأساسية، وشبكات هيئة السكك الحديدية على مستوى الجمهورية، إيذانا بتحرير أسعار تذاكر القطارات من جهة، والدخول في مرحلة خصخصة المرفق من جهة ثانية.
وأضافت أن أسعار تذاكر القطارات ارتفعت بنسبة تصل إلى 200%، ليتحمل الشعب وحده تكاليف صيانة المرفق وهو ما يتسق تماما مع توجهات السفاح السيسي بتحميل الفقراء النسبة الكبيرة من ميزانية الدولة.
وتداول نشطاء مقطعا سابقا للسفاح السيسي، خلال حديثه عن مرفق السكة الحديد ورفضه تطويره، قائلا إن "مرفق عايز 10 مليار لعمل ميكنة بس، ولو أنا حطيتهم في البنك هاخد عليهم فايدة مليار جنيه".
وتابع السفاح السيسي: "لما مرفق عايز أكتر من 100 مليار جنيه لتطويره، احنا هنسده منين؟ هندفع قرض كوريا وفرنسا إزاي؟ الناس ليه مش بتسأل هنجيب منين، ولما أزود التذكرة جنيه يقول: أنا غلبان مش قادر، طيب وأنا كمان غلبان مش قادر".