تقرير: جيش الانقلاب يحتكر مزارع الأسماك ويحارب المزارعين ويخوض معهم منافسة غير عادلة

- ‎فيتقارير

ألقى تقرير الضوء على احتكار شركات تابعة لجيش الانقلاب  تربية الأسماك في المزارع السمكية ومحاربة صغار المزارعين. وقال التقرير الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة" عن منصة "مدى مصر" والمنشور باللغة الإنجليزية، إن سلطات الانقلاب رفعت إيجار المزارع السمكية 10 أضعاف القيمة في عام 2018 لإجبار مربي الأسماك على إخلاء المزارع التي يستأجرونها من الدولة .
ونقل التقرير عن أحد مربي الأسماك ويدعى "حسن" قوله إن الهيئة العامة لتنمية الموارد السمكية أصدرت في عام 2018،  قرارا بزيادة إيجار المزارع السمكية من 300 جنيه لكل فدان إلى 3000 جنيه لكل فدان، ما شكل صدمة في وجه مربي الأسماك وما زاد من هذا القلق دخول الشركة الوطنية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، وهي شركة تابعة لجهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، الذي منح حقوقا حصرية في السوق بموجب قرار صدر عام 2018. 
وأضاف التقرير أن هذه التحديات الجديدة تهدد "حسن" وجميع مزارعي الأسماك الآخرين الذين يواجهون الآن منافسا عسكريا في السوق، مع كل مزايا السوق غير العادلة التي يتمتع بها الجيش.

تدمير المزارع

وقال حسن "لقد صدمنا بقرار عام 2018 بزيادة الإيجار عشرة أضعاف، وفي حالة عدم الدفع، تتم مصادرة الأرض أو تدمير المزارع من قبل الدولة، ويمكن سجن المستأجر"، مضيفا، كل ما أتمنى الحصول عليه هو الحصول على نصف الدعم الذي تحصل عليه الشركة الوطنية للمصايد وتربية الأحياء المائية، خاصة الآن بعد أن ارتفع الإيجار مع ارتفاع أسعار الأعلاف والكهرباء".
وبحسب التقرير، تنتج مصر 1.92 مليون طن من الأسماك سنويا، 80 في المائة منها تأتي من المزارع السمكية وتغطي المزارع السمكية المحلية والكميات التي يتم صيدها من مصائد الأسماك 79 في المائة من السوق المحلية، في حين تبلغ الواردات ما يقرب من 000 500 طن من الأسماك سنويا، وقد تجاوزت إنتاجية الأسماك في مصر 250 مليار جنيه على مدى السنوات العشر الماضية، وانخفضت واردات مصر من الأسماك بنسبة 7٪ في الأشهر ال11 الأولى من عام 2020 مقارنة بالعام الماضي مقارنة مع 905.1 مليون دولار إلى 841.9 مليون دولار.
تغييب دور هيئة الموارد السمكية
ومنذ الثمانينات وحتى سنوات قليلة مضت، قامت الهيئة العامة لتنمية الموارد السمكية بتنظيم صناعة صيد الأسماك بأكملها، وتعمل الهيئة، التي أنشئت بموجب قانون صادر عام 1983، تحت إشراف وزارة الزراعة على تنمية الاقتصاد الوطني من خلال تنمية مصائد الأسماك، وإجراء البحوث لزيادة الإنتاج، وتنفيذ المشاريع التجريبية والنموذجية، وإنشاء برامج تدريبية وتوجيهية، وتقديم المساعدة التقنية في مجال تربية الأسماك، وتخطيط وتنفيذ المشاريع الوطنية للثروة السمكية. 
ووفقا للقانون، يسمح لمزارعي الأسماك باستئجار المزارع والمفرخات الخاضعة لولاية الهيئة العامة لتنمية الموارد السمكية، يتم وضع عقد لتحديد قيمة الإيجار أو فترة الانتفاع، مع زيادة سنوية بنسبة 5 في المائة. 
وقال هشام محمد، صاحب مفرخ أسماك بالإسكندرية إن دور الهيئة هو تأجير أراضيها لمزارعي الأسماك وتزويدهم بالبيض. ويقول: "خلال الثمانينات والتسعينات، كانت السلطة تدعمنا بشكل كبير من خلال الإشراف على مزارع الأسماك واستئجار الأراضي بأسعار معقولة للغاية". 
يتفق العديد من خبراء تربية الأسماك على أن حكومة الانقلاب بذلت جهودا قوية خلال السنوات القليلة الماضية للضغط على هيئة الموارد السمكية، وهي الكيان الرئيسي المسؤول عن الثروة السمكية وتربية الأسماك في مصر، للتنحي عن دورها. 

خفض ميزانية الزراعة

وفي أغسطس 2015، قررت وزارة التخطيط بحكومة السيسي تخفيض ميزانية الهيئة العامة لتنمية الموارد السمكية للفترة المالية 2014/2015 من 160 مليون جنيه إلى 120 مليون جنيه، وذلك في إطار خفض كبير في ميزانية وزارة الزراعة. 
وكانت عواقب هذا القرار ضارة للغاية بالمزارع السمكية، وفقا لمسؤول في سلطات الانقلاب، وأوضح أن خفض الموازنة حال دون أداء الهيئة لدورها الأساسي في دعم وتطوير المزارع السمكية، وهو ما أدى بدوره إلى خفض إنتاجية المزارع السمكية التابعة للهيئة. 
وفي 27 أغسطس 2019، قدمت حكومة الانقلاب مشروع قانون بشأن حماية وتطوير البحيرات والثروة السمكية إلى مجلس نواب العسكر، وأفسح مشروع القانون المجال لإنشاء هيئة جديدة، هي هيئة حماية وتنمية البحيرات والموارد السمكية، تتولى مسؤولية إدارة وتنظيم مناطق الصيد، والمزارع السمكية في البحيرات، والمزارع السمكية الاصطناعية، وبالإضافة إلى ذلك، ستسند إلى الهيئة سلطة تصميم وتخطيط وتنفيذ مشاريع تربية الأسماك في مختلف المحافظات. 
وعلى الرغم من أن القانون لا يزال قيد المناقشة، يعتقد بعض خبراء تربية الأسماك أن هناك تدابير موازية يجري اتخاذها لتقويض الهيئة العامة لتنمية الموارد السمكية، وفي 26 ديسمبر، نشر المتحدث الرسمي باسم رئاسة الانقلاب بسام راضي تفاصيل لقاء بين عبد الفتاح السيسي، ورئيس حكومة الانقلاب مصطفى مدبولي، ووزير الزراعة السيد القصير، واللواء محمد أمين، مستشار قائد الانقلاب للشؤون المالية، والفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، واللواء حمدي بدين، رئيس الشركة القومية للمصايد والاستزراع المائي، جاء الاجتماع بعد أسابيع قليلة من إصدار السيسي مرسوما بتخصيص ما يقرب من مليون فدان في توشكا للشركة القومية للمصايد والاستزراع المائي. 
وعلى الرغم من حضور وزير زراعة الانقلاب، الذي يشرف على الهيئة العامة لتنمية الموارد السمكية، الاجتماع، إلا أن الجهة الفاعلة كانت غائبة بشكل ملحوظ، وبحسب محمد شهاب، الباحث في تربية الأسماك، فإن استبعاد رئيس الهيئة وأعضائها يعكس سياسة الدولة المستمرة في تهميش السلطة، وأضاف شهاب أنه لا رئيس الهيئة ولا أي من أعضائها على علم بتخصيصات توشكا.
تغول شركة الجيش

وعلى النقيض من ذلك، أخذت الشركة الوطنية لمصائد الأسماك وتربية الأحياء المائية، المملوكة لشركة مشاريع الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، تضطلع على نحو متزايد بدور أكبر. 
وأضاف أن "الشركة الوطنية للمصايد وتربية الأحياء المائية أصبحت أكثر أهمية من الهيئة العامة لتنمية الموارد السمكية. وهناك مسؤولون داخل وزارة الزراعة والسلطة يعتقدون اعتقادا صادقا أن السلطات الأخرى هي المسؤولة الآن عن الثروة السمكية في مصر". 
ووفقا لموقعها الرسمي على شبكة الإنترنت، تم إنشاء الشركة الوطنية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية بناء على مرسوم وزاري من رئيس وزراء الانقلاب في نوفمبر 2014، وخلال حفل افتتاح العديد من المشروعات في نوفمبر 2017، والذي حضره السيسي، صرح رئيس الشركة بأنه يتوقع إنتاج 60 ألف طن سنويا. 
وفي أغسطس 2016، أصدر السيسي مرسوما بإعادة تخصيص نحو 490 فدانا، كانت مخصصة أصلا لمشاريع سياحية في العين السخنة، لمشاريع تربية الأسماك، في عام 2016، نشرت الجريدة الرسمية سلسلة من المراسيم الرئاسية، كان أحدها إعادة تخصيص 2815 فدان من الأراضي المملوكة للدولة في غليون بكفر الشيخ إلى شركة مشاريع الخدمة الوطنية لاستخدامها في مشاريع تربية الأسماك. 
في 18 نوفمبر 2017، افتتح السيسي المرحلة الأولى من مشروع بركة غليون للزراعة السمكية الذي تم إنشاؤه على مساحة 4100 فدان بتكلفة 1.7 مليار جنيه، وبحسب اللواء سيد نصر محافظ كفر الشيخ الأسبق، أنشأ المشروع مركزين للتدريب والبحث والتطوير، ومفرخ على 18.5 فدان يستوعب ملياري بيضة جمبري و20 مليون بيضة أسماك مياه مالحة، وبركة صرف 119 فدان، ومنطقة صناعية ب55 فدان. 
ووفقا لمصدرين، أكاديمي وصاحب مزرعة أسماك، فإن مشروع غليون كان في الأصل بقيادة مجموعة من خبراء تربية الأسماك وأساتذة الجامعات والباحثين الزراعيين، قبل تسليمه إلى الهيئة العامة لتنمية الموارد السمكية، التي سلمته بعد ذلك إلى حمدي بدين والشركة الوطنية. 
كما أنشأ المشروع تعاونية للمزارعين مع شركة تمتلك خدمات الإنتاج في مجال تربية الأسماك، بتمويل من الصندوق الاجتماعي الأوروبي. وستوفر التعاونية خدمات لمزارع الأسماك غير المتنافسة في جميع أنحاء البلاد لتربية الأسماك للسوق المحلية، لكن المصدرين قالا إن إنتاجية مشروع غليون منخفضة مقارنة بنفقاته وحجمه. 
انعدام المنافسة
يقول أستاذ هندسة زراعية إن إحباط القطاع الخاص من المزارع السمكية المملوكة للدولة لا يرجع إلى إنتاج الأخيرة المرتفع. بل إن إحباط القطاع الخاص يرجع إلى انخفاض تكاليف الإنتاج في المزارع المملوكة للدولة، والتي هي نتيجة مباشرة لحصولها الحصري على مدخلات الطاقة. ونتيجة لذلك، يقول الخبير إن صغار مزارعي الأسماك لا يستطيعون بيع منتجاتهم بأسعار تنافسية مماثلة. 
واتفق محمود سالم، الرئيس السابق لإدارة الإنتاج والعمليات بالهيئة العامة لتنمية الموارد السمكية، معهم في هذا الرأى، واصفا المنافسة بين أصحاب المزارع السمكية الخاصة والشركة القومية للمصايد والاستزراع المائي بأنها شبه "معدومة". 
وقال "إن الشركة الوطنية للمصايد وتربية الأحياء المائية بالكاد تتحمل أي تكاليف إنتاج، خاصة وأنها تمتلك مصانع تنتج الأعلاف خصيصا للشركة".
وعلى الرغم من أن إنتاجية الشركة لا تزال محدودة للغاية كنسبة من إجمالي إنتاج البلاد، إلا أن تأثير الشركة قد أثر على صغار المستثمرين، "الشركة الوطنية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية تبيع بتكلفة أقل مني لأنها لا تتكبد أي تكاليف إنتاج، كما أنه يتفوق على الجميع عندما يتعلق الأمر بالمدخلات الصناعية، مثل الوصول إلى مزارع المياه العذبة والمياه المالحة، ومضخات المياه، ووفرة الكهرباء، وعدم دفع الإيجارات السنوية، وامتلاك مصانع خاصة بها لإنتاج الأعلاف".
وأضاف حسن أن معظم التجار يفضلون الشراء من الشركة الوطنية للمصايد وتربية الأحياء المائية بسبب انخفاض أسعارها، مضيفا : "على هذا النحو، نتكبد الكثير من الخسائر بسبب انخفاض الأسعار في السوق" في بعض الأحيان، يجبر حسن على بيع أسماكه وجمبريه بسعر أقل حتى يتمكن من تقليص الفجوة بينه وبين المنافس العسكري، موضحا "يمكن أن ترتفع الخسارة إلى 30,000 جنيه خلال دورة إنتاج الجمبري الواحدة، ونفس الشيء بالنسبة لبريام البحر وباس البحر". 
وعلاوة على كل هذا، فإن الشركة الوطنية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية معفاة من ضرائب دخل الشركات وضريبة القيمة المضافة.
إن التحديات التنافسية التي تواجهها الشركة الوطنية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية ليست المشكلة الوحيدة التي يواجهها مزارعو الأسماك في القطاع الخاص، وفي عام 2018، أصدرت الهيئة العامة لتنمية الموارد السمكية قرارا برفع القيمة الإيجارية لفدان واحد من 300 جنيه و400 جنيه إلى 7700 جنيه، قبل خفضها إلى 3 آلاف جنيه، وهو ما خلق أزمة بين أصحاب المزارع والسلطة، بحسب سالم، الذي يقول إن العديد من العاملين في مجال مصايد الأسماك يفكرون في هجر المهنة تماما. 
وقبل عامين، صدر مرسوم من قائد الانقلاب يعلن أن جميع البحيرات الشمالية مناطق حدودية، وهددت الهيئة العامة لتنمية الموارد السمكية بإحالة أصحاب المزارع إلى محكمة عسكرية إذا لم يدفعوا 3000 جنيه إيجار لكل فدان، بحسب سيد، الرئيس السابق لإدارة الإنتاج والعمليات بالهيئة العامة لتنمية الموارد السمكية. 

https://www.madamasr.com/en/2021/04/15/feature/economy/big-fish-in-a-shrinking-pond-how-an-armed-forces-company-built-a-fish-farming-monopoly/?__cf_chl_jschl_tk__=7e43d27ed1a0bbbda0f9df205a32d0c8af5ca5e7-1618506732-0-AcAu3fpNNre7Hb9ndNkluR3Q6QDPj0gDagcJGEXKTGMQoJ3PcS6ZjXRL_CZBBlAucQ76SC33rDNkC6pfmlPGC8FKKmAw8aunhS9mJPR1bJAeIG0HqiyZL8vf-jANFO8WdlozFiqenB8yPpz82mQpcDgHccpcXvYfwDLTyBOs7xXsw3dkCzKgK_zXIjVzaW7W6Om9v-v67ZPubUMCzqw16lnd8V2yc3AQa4uhjwVd_5Rnh3Y4BMJG74Iiev_cJjluKVgDRgf3A3nwN9O3eStyIxMcsNOYQxbndDmBrHtKZ6SMoIuolAeWwzvW_x1wV_aD-Yj4-tEWBmgeyqgrtpRWckX7TR29TE75_D1YqWL1sE0hnieLjjqrP2MVlY0U6O6i4j3p-t5iNBq4JCIB8gJj8FZrXOJvdZNY3npV96cy2pRcMAosNZm3F8bJeoz9CzCPhkkL6WZxIkRkGe9Ig-_tPHfo9EJUXEBJmvabiOCwph5YSIHdSoQ0wkya2Bu-xbipCcQcVifiT7xwekW8wS1cQVm1I_OD7k126Kc6iG86o-HMN3kQqJOupwI8wHaFN3E_AzilSE7GrxNQ9-Mu8aQBcjk