“كيف اشترت الإمارات مصر”.. أبو ظبى تهيمن على “أم الدنيا” وخبراء يحذرون

- ‎فيتقارير

تسود حالة من الغضب في الأوساط المصرية بعد سلسلة من الهيمنة العلنية والخفية التى تقوم بها دولة الإمارات العربية المتحدة فى مصر، الأمر الذى يحول مصر إلى إمارة عربية تابعة لآل زايد وآل نهيان. فبعدما دخلت الإمارات سوق الاتصالات المصرية من خلال جهاز تنظيم الاتصالات بالحصول على رخصة الجيل الرابع للمحمول. وتعمل في مصر ثلاث شركات لخدمات الهاتف المحمول هي فودافون مصر التابعة لفودافون العالمية وأورانج مصر التابعة لأورانج الفرنسية واتصالات مصر التابعة لاتصالات الإماراتية.
من المنتظر أن تدفع الإمارات نحو 5 مليارات جنيه نظير رخصة الجيل الرابع، في حين ستدفع أورانج 3.5 مليار جنيه ونفس القيمة لفودافون، على أن يكون 50 بالمئة من قيمة الرخصة بالدولار لأي من الشركات. وتأمل حكومة السيسي في جمع نحو 22.3 مليار جنيه (2.51 مليار دولار) من طرح التراخيص الجديدة، وترى أن الرخصة الموحدة التي تنوي طرحها ستجعل جميع شركات الاتصالات تعمل دون تمييز أو احتكار كما ستعزز إيرادات الدولة.

إلتهام القطاع التعليمى
فى نفس الشأن، دخلت الإمارات حيز الإحتكار والاستحوذ على قطاع التعليم العالى والتدريجى؛ إذ تعتزم شركة "أفريكا كريست للتعليم" القابضة استثمار 900 مليون جنيه في مصر هذا العام لإنشاء مدرستين، وفق ما قاله المستشار المالي للشركة مصطفى الشبيني لجريدة المال. وتقع المدرستان في العاصمة الإدارية الجديدة ومشروع البروج التابع لمجموعة كابيتال جروب في شرق القاهرة. وحصلت الشركة التي تتخذ من دبي مقرا لها، على التراخيص اللازمة، وستبدأ في الأعمال الإنشائية الشهر المقبل، وتخطط لبدء استقبال الطلاب بحلول العام الدراسي الجديد.
وتعد أفريكا كريست شركة مشتركة بين كل من شبكة سابيس التعليمية (الرائدة في استثمارات التعليم بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، وشركة سينتم إنفتسمنت التابعة للحكومة الكينية، وشركة إنفست بريدج للاستثمار البديل في دبي، وشركة دبي للاستثمارات.

كيف اشترت الإمارات مصر؟
تحت هذا العنوان ،كشف تقرير بصحيفة هآرتس العبرية، عن خطط أبو ظبي لوضع يدها على النظام التعليمي فى مصر، عبر احتكارها التعليم الخاص وتحديد مناهجه، ما يمكنها من تحديد هوية النخبة المصرية. وتناول زيفي باريل، محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، مسألة التأثير الإماراتي على تشكيل الجيل القادم من المصريين من خلال المناهج المدرسية. ويرى أن أبوظبي قد تكون قادرة على تشكيل نخبة مصرية جديدة من خلال المدارس.
أبوظبي تنظر إلى المدارس الخاصة في مصر كجزء من استثماراتها المربحة. ينتقل المحلل فى الصحيفة العبرية بقوله فى عام 2018، حين بدأت “جيمس للتعليم”، أكبر شركة استشارات وإدارة تعليمية خاصة في العالم، الانخراط في الأعمال التجارية داخل مصر بالشراكة مع شركة “هيرميس” المصرية.
بعد ذلك بعامين، في أبريل 2020، أعلنت الشركة أنها تعتزم استثمار 300 مليون دولار في بناء 30 مدرسة خاصة على مدى عامين، بطاقة استيعابية تتراوح بين 25 إلى 30 ألف طالب. وتقدم الشركة خدمات إضافية مثل: الزي المدرسي، والوجبات الغذائية، وتدريب المعلمين.
ومع أن المركز المصري للدراسات الاقتصادية، الذي نشر البيانات، يشير إلى أن عدد المدارس الخاصة التي تنوي الإمارات الاستثمار فيها صغير نسبيا .إلا أن المركز حذر أيضا من أن مثل هذا الاستثمار الضخم في مثل هذا العدد الصغير من المدارس يمكن أن يخلق نخبة تعليمية من أجل الربح، مما قد يضر بالنظام المدرسي الحكومي والبنية الاجتماعية في مصر، خاصة عند مقارنته باستثمار الحكومة في التعليم.
ليس هذا فقط، بل أن المقارنات التي تستند إلى العدد الإجمالي للمدارس الخاصة المصرية تشوه الصورة الحقيقية، على حد وصف زيفي باريل؛ لأن عدد المدارس التي ترعاها الإمارات ينبغي مقارنته بإجمالي عدد المدارس الخاصة الدولية، الذي يبلغ 217 مدرسة. هذا يعني أن الـ30 مدرسة التي تستثمر فيها الإمارات تشكل حوالي 14% من إجمالي المدارس الخاصة الدولية في مصر.

هوية الجيل القادم
الخطط الجديدة للإمارات ستكون عبر بوابة الأفكار الخاصة بها، إذ وضعت مناهج التعليم للطلاب ،خاصةً فى "الدين والجفرافيا والتاريخ ".الأمر الذى دفع الأباء للشكوى من أن الكثير من المناهج المدرسية لأطفالهم، بما في ذلك دروس الدين والتاريخ والجغرافيا. ولفت التقرير إلى أن تحذيرات صدرت من نواب فى البرلمان ونشطاء وصحفيين حذروا مما أسموه بـ مؤامرة إماراتية للتأثير على هوية الجيل القادم من المصريين. وأشارت هارتس إلى أن هناك خشية من سيطرة الإمارات على نظام التعليم المصري، بطريقة قد تسهم في تغيير المجتمع المصري.

قطاع النقل
وتباعاً للهيمنة، قالت شركة مواصلات مصر التي تستحوذ مجموعة الإمارات الوطنية على 70% من رأسمالها إنها تستثمر مليار جنيه في مشروع للنقل الجماعي الذكي داخل محافظات القاهرة الكبرى. ارتفاع الاستثمارات الإماراتية بمصر إلى 6.2 مليار دولار. وأضافت الشركة في بيان أنها بدأت المرحلة الأولى من مشروعها في مصر في أول يوليو من خلال 180 حافلة.
وقالت مواصلات مصر إن مشروعها المكيف يتضمن أول منظومة إلكترونية لإصدار التذاكر الذكية في البلاد إلى جانب شبكة للإنترنت المجاني وكاميرات للمراقبة.ححيث
قال الرئيس التنفيذي لمجموعة الإمارات الوطنية أحمد عبود إن مشروع النقل الجماعي الذكي هو أول المشروعات المشتركة بين مصر والإمارات بعد قيام شركته بالاستحواذ على 70% من شركة مواصلات مصر مؤخرا، كما يعتمد المشروع على أول منظومة إلكترونية لاصدار التذاكر الذكية.
وأضاف أن مواصلات مصر طرحت مؤخرا مناقصة لتوريد 236 سيارة نقل جماعي، وبدأنا في مرحلتها الأولى التى سيتم إطلاقها خلال ايام قليلة من خلال 100 ميني باص و 80 اتوبيسا ذكيا، 30% منها معدة لاستخدام ذوي الاحتياجات الخاصة. سفير الإمارات بالقاهرة قال، إن الإمارات تتبوأ المركزَ الأول دوليًا وعربيًا من حيث الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، حسب بيانات هيئة الاستثمار المصرية.

القطاع الطبي
سبق وأن أعلنت مجموعة "مستشفيات كليوباترا" توقيع اتفاق للاندماج مع مجموعة "ألاميدا الإماراتية" بمصر في واحدة من أكبر صفقات المجال الصحي في إفريقيا والشرق الأوسط. ونقلت وكالة "بلومبيرج" عن مصادر مطلعة أن "كليوباترا" تخطط لتمويل عملية الشراء جزئيا عن طريق إصدار أسهم قابلة للتحويل إلى المساهم المسيطر في "ألاميدا"، مضيفة أن الصفقة قد تقدر قيمة مجموعة ألاميدا بنحو 500 مليون دولار بما في ذلك الديون.
وزاد الأمر من الهيمنة، إذ أعلنت شركة "القابضة – "ADQ الإماراتية، توقيع اتفاقية نهائية للاستحواذ على شركة "آمون للصناعات الدوائية" (آمون) من شركة "باوش للصحة" الكندية، في صفقة بلغت قيمتها حوالي 740 مليون دولار أمريكي.
وتملك شركة القابضة محفظة واسعة من الشركات الكبرى العاملة في قطاعات رئيسية ضمن اقتصاد إمارة أبوظبي المتنوع.وتعد آمون إحدى الشركات المصرية الرائدة في مجال تصنيع وتوزيع وتصدير الأدوية البشرية والبيطرية ذات العلامات التجارية. وفي بيان لباوش الكندية للصحة، كشفت الشركة عن قيمة الصفقة قائلة إنها تمت بإجمالي يبلغ حوالي 740 مليون دولار أمريكي.
وقال فهد القاسم، مدير إدارة الرعاية الصحية والدواء في شركة "القابضة": "استثمارنا في شركة آمون سيعزز إستراتيجيتنا الدوائية نحو تحقيق هدفنا المتمثل في ضمان إمكانية الوصول إلى الأدوية الحيوية، فضلاً عن تقديم أدوية وعلاجات جديدة ومبتكرة تساعد على تحسين حياة أفراد المجتمع".من المعروف أيضا إلى أن الإمارتيين يمتلكون 15 مستشفى، بالإضافة إلى أكثر من 900 مختبر بعشرات الفروع في مختلف أنحاء البلاد. هذا بالإضافة إلى تحكمها في قطاع إنتاج الأدوية داخل السوق المصري الذي تبلغ قيمته حوالي 45 مليار دولار. كما أعرب خبراء وسياسيين عن قلقهم من أن تعمل الشركات الإماراتية كستار يخفي نشاط الشركات "الإسرائيلية" التي ترغب في اقتحام هذا السوق المربح.